عندما يربح المصرفيون ويخسر الآخرون

REUTERS/Nobel prize winner in economics, Princeton University professor Paul Krugman gestures while speaking at a news conference on the campus
كروغمان يطالب بتحسين سوق العمل (رويترز-أرشيف)

رغم إعلان بعض البنوك الأميركية الكبرى عن تحقيق أرباح كبيرة مؤخرا، استمرت أزمة البنوك الصغيرة.

 
وارتفع عدد البنوك المنهارة في الولايات المتحدة إلى 99 هذا العام بعد الإعلان عن إفلاس بنك سان جواكين في كاليفورنيا الأسبوع الماضي.
 
ويعتبر عدد البنوك التي انهارت في 2009 الأكبر منذ 1992 عندما انهار 181 مصرفا بسبب ما يسمى أزمة الادخار والقروض.
 
العمليات المصرفية والإقراض
ويقول البروفيسور بول كروغمان الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز إن الاختلاف واضح بين وضع البنوك التي تعتمد على العمليات المصرفية واستطاعت تحقيق أرباح وبين البنوك التي تعتمد على الإقراض وهي التي تعاني حاليا من أزمة كبيرة.
 
ويضيف كروغمان أن جميع المؤسسات المالية الأميركية استفادت بصورة مباشرة أو غير مباشرة من أموال دافعي الضرائب الأميركيين بما في ذلك المؤسسات الكبرى مثل غولدمان ساكس الذي أعلن عن تحقيق أرباح مؤخرا.
 
وقال إن غولدمان ساكس استطاع أن يحقق أرباحا من عملياته لكنه لم يستطع الاستمرار في تلك العمليات دون دعم حكومي ووضع أموال دافعي الضرائب في موضع المجازفة من خلال الدعم الذي قدمته الحكومة لمؤسسات مثل مجموعة "أي آي جي" العملاقة، والضمانات التي قدمتها الحكومة لغولدمان ساكس.
 
وقال إن سياسات المصارف الأميركية تتعرض لانتقادات شديدة. وجاء آخرها من لورانس سمرز كبير اقتصاديي إدارة الرئيس أوباما وأحد صانعي سياسة البنوك التي تبنت توجها متساهلا في التعامل مع المؤسسات المالية على أمل إصلاح نفسها بنفسها.
 
وتساءل كروغمان عن التغير في لهجة الإدارة الأميركية في مواجهة هذه المؤسسات، وقال إن المسؤولين بالإدارة الأميركية يشعرون بالغضب إزاء هذه المؤسسات التي أصبحت تعارض سياسات الإصلاح بعد أشهر من تلقي أموال ضخمة ضمن خطة الحفز الاقتصادي.
 
الافتقار للسلطة
وأشار إلى أن الحكومة الأميركية اتبعت سياسة لينة في تقديم المساعدات لهذه المؤسسات دون شروط بينما كان حي وول ستريت للمال في نيويورك على شفير الهاوية، مما جعل الحكومة تفتقر إلى أي سلطة على مؤسسات مثل غولدمان ساكس الذي عاد إلى الربحية مؤخرا.
 
وأكد كروغمان أنه في الوقت الذي عادت فيه الصناعة المصرفية إلى الربحية بقي قطاع الإقراض الذي يحفز الاستثمارات ويخلق الوظائف ضعيفا ويؤذي ضعفه الاقتصاد بشكل عام.
 
وأشار إلى أن بعض المحللين بمن فيهم هو ذاته أكدوا في السابق أن بعض البنوك الكبيرة تحتاج إلى مساعدات أخرى من أموال دافعي الضرائب، وأن الطريقة الوحيدة لفعل ذلك هي تأميم معظم البنوك التي تواجه مشكلات. لكن مثل هذا النقاش ضعف بعد إعلان مجموعة سيتي غروب وبنك أوف أميركا عن تحقيق أرباح في وقت سابق من هذا العام.
 
وفي الأسبوع الماضي أعلنت المؤسستان عن خسائر في الربع الثالث. فماذا حدث؟
 
خيال المحاسبين
إن جزءا من الإجابة هي أن الأرباح السابقة كان قد نسجها خيال المحاسبين. فقد ألقت تبعات مشكلة البطالة بظلالها على القروض العقارية وبطاقات الائتمان.
 
وهذه هي الحقيقة. فاستمرار ضعف العديد من البنوك يؤدي إلى استمرار الأزمة الاقتصادية. فالبنوك لا تظهر رغبة في الإقراض بينما يقف الائتمان عائقا لانتعاش اقتصادي قوي.
 
ويقول كروغمان إن سمرز يؤكد مرة أخرى أن الحكومة الأميركية فعلت الشيء الصحيح وهو زيادة رأسمال البنوك لكنه يقول إن تلك لم تكن إستراتيجية لحل المشكلات.
 
ويضيف كروغمان أيا كانت المسألة فإن لحظة التصرف مع البنوك مضت، ومن الضروري حاليا فعل ما يمكن لدعم سوق العمل، حيث إن زيادة فرص العمل تؤدي إلى تحسين الاقتصاد الأميركي ودعم وضع البنوك التي ستكون مستعدة أكثر للإقراض.
 
إضافة إلى ذلك فإن الولايات المتحدة بحاجة ماسة لإصلاح مالي مؤثر. وفي حال غيابه فإن المصرفيين سيقومون بمجازفات تفوق تلك التي أدت إلى الأزمة.
 
وعندما يقامر المصرفيون بأموال الآخرين فإنهم يربحون ويخسر من عداهم.
المصدر : نيويورك تايمز