هل فرض مهرجان وهران مكانته السينمائية؟

جانب من حفل التتويج بمهرجان وهران للفيلم العربي. المصدر: الصفحة الرسمية للمهرجان على فيسبوك
جانب من حفل التتويج بمهرجان وهران للفيلم العربي (الصفحة الرسمية للمهرجان على فيسبوك)

بلغ مهرجان وهران (غرب الجزائر) للفيلم العربي النسخة 11، التي عقدت في الفترة بين 25 و31 يوليو/تموز الماضي، وسط تساؤلات كثيرة يطرحها مختصون عن مدى فرض هذه التظاهرة مكانتها على خارطة المهرجانات العربية والدولية.

وشهدت الدورة 11 لهذه التظاهرة السينمائية مشاركة 38 فيلما من 13 دولة عربية، في مسابقات المهرجان الثلاث (الروائية، والقصيرة، والوثائقية)، حيث توج الفيلم الجزائري "إلى آخر الزمان" للمخرجة ياسمين شويخ بالجائزة الأولى (الوهر الذهبي) في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة.

وحصد فيلم "شحن" لكريم الحرباني من لبنان جائزة الأفلام القصيرة، كما حصل فيلم "طعم الإسمنت" للمخرج السوري زياد كلثوم على الجائزة الأولى في مسابقة الأفلام الوثائقية.

ورغم برمجة عروض أفلام متنوعة وندوات ثرية تشمل كتابة السيناريو وصناعة الأفلام القصيرة والوثائقية في مختلف دورات المهرجان، فإن هذه التظاهرة الفنية تتعرض لانتقادات.

وتحدث بعض النقاد مؤخرا عن أن شعار "من أجل العيش معا في سلام"، الذي أطلق على دورة المهرجان الأخيرة، لا يتناسب مع طابع المهرجان السينمائي.

في حين رأت إدارة المهرجان أن الشعار الذي اعتمدته يجسد المبادرة الجزائرية لتخصيص يوم عالمي للعيش في سلام، التي تبنتها الأمم المتحدة نهاية 2017.

‪نجما الكوميديا حسان بن زيراري‬ نجما الكوميديا حسان بن زيراري (يمين) وصالح أوقروت في افتتاح مهرجان وهران للسينما العربية (الموقع الرسمي للمهرجان)
‪نجما الكوميديا حسان بن زيراري‬ نجما الكوميديا حسان بن زيراري (يمين) وصالح أوقروت في افتتاح مهرجان وهران للسينما العربية (الموقع الرسمي للمهرجان)

وصادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2017 على مقترح جزائري لجعل "16 مايو/أيار" من كل عام "يوما عالميا للعيش معا بسلام".

وإضافة إلى انتقادات التنظيم، فإن مهرجان وهران للفيلم العربي ما زال يثير جدلا في الأوساط الإعلامية والسينمائية الجزائرية بشأن فرض المهرجان نفسه من عدمه في خارطة المهرجانات العربية والعالمية.

تظاهرة كبرى
وقال مدير الإعلام بالمهرجان فيصل شيباني إن "مهرجان وهران فرض نفسه كحدث سينمائي في العالم العربي والدولي". وأضاف أن "المهرجان يعد أكبر تظاهرة تعنى بالسينما عربيا".

وأشار إلى أن الدليل على أهمية المهرجان يكمن في المشاركة الكبيرة والمنوعة للأفلام العربية فيه، إضافة إلى نوعية الضيوف المميزة التي تحضر في كل نسخة.

واعتبر شيباني أن انتقاد المهرجان أمر طبيعي، لافتا إلى أن كل المهرجانات السينمائية والفعاليات المشابهة تشهد انتقادات، ويسودها أحيانا الفوضى وسوء التنظيم.

وأكد أن المهرجان يحقق كل عام استقطابا جيدا لنجوم السينما العربية، إضافة إلى أن الأفلام المعروضة جيدة وذات قيمة فنية ومستوى عال.

ووفق المتحدث، يُحكم على المهرجان بمستوى وقيمة الأعمال السينمائية التي يعرضها للجمهور.

من جهته، قال الإعلامي الجزائري فيصل مطاوي إن "مهرجان وهران فرض مكانته في خارطة المهرجانات السينمائية العربية والعالمية".

وأردف مطاوي أن "تنظيم الطبعة 11 دليل على فرض المهرجان نفسه في ساحة المهرجانات العربية التي أصبحت تتقلص عاما بعد عام".

وأوضح أنّ "توقف مهرجاني أبو ظبي السينمائي ومراكش، وغياب مهرجان دمشق، إضافة إلى تنظيم مهرجان دبي بالإمارات كل سنتين؛ دليل على ذلك".

ولفت إلى أنه لم تعد في المنطقة العربية مهرجانات كافية لتقديم آخر الإنتاجات السينمائية العربية والأجنبية.

وقال مطاوي إن مهرجان وهران حاضر بقوة في الخارطة، خاصة أنه يستقطب العروض العالمية لثلة مميزة من الأفلام.

ودعا إدارة المهرجان للحفاظ على هذه المكانة بإنشاء ناد للنقاد، وتوجيه الدعوة لإعلاميين عرب للترويج له أكثر في الساحتين العربية والدولية.

‪فيصل مطاوي: مهرجان وهران فرض مكانته في خارطة المهرجانات العربية والعالمية‬ (الجزيرة)
‪فيصل مطاوي: مهرجان وهران فرض مكانته في خارطة المهرجانات العربية والعالمية‬ (الجزيرة)

وذكر الإعلامي الجزائري أن عدد الأفلام التي استقبلتها لجنة المهرجان في الدورة الأخيرة يفوق 350 فيلما من مختلف الدول العربية.

ويعتقد بأنّ هذا الرقم يعدّ مهما مقارنة بشح الإنتاج السينمائي في بعض الدول مثل ليبيا والعراق والإمارات لأسباب مختلفة.

تراجع
في المقابل، يرى مختصون أن الطريق ما يزال طويلا أمام "مهرجان وهران" لفرض مكانته في خارطة المهرجانات العربية لأسباب مختلفة.

وقال الإعلامي المهتم بالشأن الثقافي نبيل حاجي إن "مهرجان وهران للفيلم العربي ولد في 2007 كبيرا وبطموحات راقية تعكس ثقافة سينما البلاد العربية بإنجازاتها وتتويجاتها".

وأضاف أن "مهرجان وهران تميز ضمن خارطة المهرجانات عندما أطلق بسبب تخصصه في السينما العربية".

وتابع "لكن بعد أربع دورات بدأ المهرجان يشهد تراجعا نتيجة عدة أسباب؛ منها تدخل الإدارة، وعدم وجود فريق مؤهل ومهني ومستقر لتنظيمه، وغياب المتابعة والمحاسبة من طرف الوزارة الوصية عليه".

واستطرد "ناهيك عن ظروف عامة تعرفها السينما في البلدان العربية على صعيد الكم والنوع منذ 2011".

وأوضح حاجي أن "المهرجان منذ 2015 شهد تراجعا خطيرا رغم البحبوحة المالية وتوفر مناخ مشجع"، داعيا كل الطاقات الحية والمهنية والمتخصصة في البلاد إلى أن تسهم في النهوض بهذا المهرجان وعودته الواعدة مستقبلا.

ومهرجان وهران للفيلم العربي موعد سنوي تنظمه وزارة الثقافة الجزائرية، وتأسس في 2007، وأشرف عليه أربعة رؤساء؛ هم وزير الاتصال السابق حمراوي حبيب شوقي (ثلاث دورات)، ومصطفى أوريف (دورة واحدة)، وربيعة موساوي (ثلاث دورات)، ورئيسه الحالي إبراهيم صديقي (أربع دورات).

المصدر : وكالة الأناضول