صرخة فنية بألمانيا لإنقاذ إرث اليمن الحضاري
خالد شمت-برلين
ومن بين أكثر من عشرة آلاف صورة التقطها لليمن، يعكس مارتساند في أربعين صورة يقدمها بالمعرض البرليني -الذي افتتح مساء الخميس الماضي بحضور واسع لنخبة المجتمع الألماني- تنوع فسيفساء العمارة اليمنية العائدة إلى 3000 عام، في صنعاء القديمة وتعز وصعدة والحديدة وكوكبان وشبام التي توصف بـ"شيكاغو الصحراء" بسبب مبانيها التاريخية السامقة.
وينقل زائرو المعرض نظراتهم بصور المعماري البريطاني بين الحصون المشيدة فوق الصخور وأبراج قمم الجبال و"ناطحات السحاب" في شبام والمباني المزخرفة بالطين والأحجار في صنعاء القديمة، والمآذن والقباب والمعالم الأثرية والمواد المستخدمة بالبناء.
وأوضح المصور أن معرضه يريد لفت أنظار عامة المواطنين والمثقفين والنخب في ألمانيا إلى أهمية العمارة التاريخية اليمنية، وما تحمله من رسائل من الماضي يمكن التعلم منها بالحاضر، والتحذير مما يتهدد هذا الإرث الإنساني من أخطار محدقة.
غونتر غراس واليمن
ويبدي المثقفون ومحبو الآثار والتاريخ في ألمانيا اهتماما خاصا باليمن، واكتسب هذا الاهتمام زخما كبيرا بزيارة عميد الأدباء والشعراء الألمان المعاصرين غونتر غراس لهذا البلد عام 2002، وبعد عودته عبّر غراس الحائز على جائزة نوبل للآداب عام 1999 عن انبهاره ببلاد سبأ قائلا "عدت من اليمن سعيدا بمشاهدة المناظر الرائعة والأراضي قليلة السكان والوديان الخصبة وبقايا الحضارة والآثار العريقة".
لكن دراسة للمعهد الألماني للآثار أشارت إلى أن ما أثار انبهار غونتر غراس باليمن لم يبق منه الكثير بتأثير الحرب التي يخوضها التحالف العربي بقيادة السعودية منذ ثلاث سنوات بهذا البلد العربي الأكثر فقرا.
وحسب هذه الدراسة، فقد أتت صواريخ وقنابل التحالف على 65 معلما أثريا تاريخيا في صنعاء القديمة، ودمرت معظم مقتنيات متحف ذمار الذي يضم 12500 تحفة فنية وقطعة أثرية نادرة، وأغلقت كافة متاحف البلد المضطرب.
ونوه معهد الآثار الألماني إلى أن تقديمه قائمة بإحداثيات المواقع الأثرية والمباني المعبرة عن العمارة اليمنية إلى التحالف العربي لم يحمِ أيا من هذه المواقع.
وذكرت البروفيسورة يوتا فرانكا نائبة مدير معرض برلين للفنون الإسلامية إلى أن الحرب دمرت كثير من المباني الأثرية والنماذج المعمارية المتفردة بصنعاء القديمة، وأوضحت أن معظم ما دمر جرى ترميمه في الثمانينيات بمساعدة معهد الآثار الألماني ومؤسسات أخرى.
وتمنت فرانكا في تصريح للجزيرة نت أن يساهم معرض "بعين التناسب" في لفت الأنظار إلى ما تمثله الحرب من تهديد بإفناء الميراث الحضاري الإنساني والتنوع المعماري الفريد باليمن.