هل يتمكن فنانو الجزائر من ترويج إبداعاتهم؟

الفنان التشكيلي الجزائري بابي عبد الغاني أمام لوحات تشكيلية في اول سوق للفن بالجزائر تصوير ياسين بودهان الجزيرة نت
الفنان الجزائري بابي عبد الغاني أمام لوحات تشكيلية في أول سوق للفن بالجزائر (الجزيرة)

أحمد مروان-الجزائر

اختتمت السبت بقصر الثقافة مفدي زكريا بالجزائر العاصمة فعاليات الطبعة التأسيسية لتظاهرة ربيع الفنون، التي كانت بمثابة إعلان ميلاد لأول سوق للفن بالجزائر.

التظاهرة التي كانت تحت إشراف وتنظيم وزارة الثقافة شارك فيها أكثر من 180 رساما ونحاتا من مختلف مناطق البلاد، وشهدت عرض أكثر من خمسمئة عمل فني بين لوحات تشكيلية ومنحوتات من مختلف المدارس الفنية، بدءا من المدرسة الواقعية ثم العصرية، مرورا بالتجريدية فالشرقية، موزعة عبر عشرة أروقة يضم كل منها أعمالا لمجموعة من الفنانين والمبدعين.

وفي تصريحات للصحافة خلال مرافقته لوفد يضم رجال أعمال ودبلوماسيين زاروا المعرض، قال وزير الثقافة الجزائري عز الدين ميهوبي إن "هذا الحدث يسمح بالاطلاع على المستوى المرموق الذي بلغته الفنون التشكيلية بالجزائر، ويمكّن الزائرين بمختلف مستوياتهم ومشاربهم من اقتناء الأعمال الأصلية بحضور الفنانين الذين أنجزوها".

وتعد تظاهرة "ربيع الفنون" بمثابة "سوق تأسيسية" لبيع اللوحات التشكيلية والمنحوتات من خلال إشراك ومساهمة رجال الأعمال والاقتصاديين ومختلف المؤسسات الحكومية في تشجيع المنتوج الفني الجزائري عن طريق اقتنائه وتسويقه.

‪وزير الثقافة عز الدين ميهوبي (يسار) في زيارة لأحد أروقة سوق الفن بالجزائر العاصمة‬ (وزارة الثقافة الجزائرية)
‪وزير الثقافة عز الدين ميهوبي (يسار) في زيارة لأحد أروقة سوق الفن بالجزائر العاصمة‬ (وزارة الثقافة الجزائرية)

ورغم احتفائهم بهذا الحدث الأول من نوعه في المشهد الثقافي الجزائري، فإن العديد من الفنانين اعتبروا أن "سوق الفن" لا يمكن أن تتطور وتستمر بسن قوانين وبناء منشآت دون الاهتمام بتفاصيل أخرى تكبح جماح المبدع الجزائري، وهي التفاصيل التي ترتبط بضرورة توفير مناخ ملائم تطبعه الاحترافية على المهن المرتبطة بالمبدع انطلاقا من قاعات العرض، والنقد الفني للأعمال الذي يضمن تقييما نزيها وموضوعيا لمستوى المبدعين، مع وضع سياسة واضحة لشراء الأعمال الفنية.

احتكار وهيمنة
وبالنسبة للفنان التشكيلي الشاب بابي عبد الغاني الذي قدم زائرا من مدينة عين صالح في أقصى الجنوب الجزائري لمشاهدة الأعمال المعروضة، فإن "هذه السوق تعد تجربة جيدة لكنها تحتاج إلى بذل جهد كبير جدا لإنجاحها"، والسبب حسب حديثه للجزيرة نت هو أن "سوق الفن التشكيلي رغم أنها شبه منعدمة فإنها محتكرة ويهيمن عليها بعض الفنانين دون غيرهم"، كما تحدث عن وجود "فجوة عميقة بين الفنان والمتلقي".

مشكلة قلة وندرة أروقة العرض هي أحد الهواجس التي طرحها الفنانون من خلال مناقشاتهم الجانبية في يوميات السوق الفنية، لأن عددها لا يتجاوز 15 رواق عرض عبر كامل مناطق البلاد، أغلبها بالعاصمة الجزائر، والباقي تتوزع في كبرى المدن مثل وهران وقسنطينة وسطيف.

‪الفنان التشكيلي الجزائري عبد الهادي طالبي في سوق الفن‬ (الجزيرة)
‪الفنان التشكيلي الجزائري عبد الهادي طالبي في سوق الفن‬ (الجزيرة)

وعن تقييمه للطبعة الأولى من هذه السوق ومدى نجاحها، يؤكد الفنان التشكيلي المحترف عبد الهادي طالبي أن "التظاهرة كفكرة هي جميلة ومفيدة للفنان وتحمل أملا لواقع الفنان وللفن، لأن المراد بها دعم الفنان للارتقاء به في عالم الإبداع بتحفيزه عند البيع، ومنحه فرصة الحصول على حقوقه الاجتماعية مثله مثل باقي العمال ما يحفظ مكانته اجتماعيا ومهنيا".

ويعتقد طالبي أن هذه الطبعة من السوق لم تنجح، ويقول للجزيرة نت إن "هذا رأي أغلب الفنانين لأسباب عدة، أهمها سوء التنظيم الذي يطبعه غياب كلي للمسؤولين للحديث معهم".

سوء التنظيم
ومن مظاهر سوء التنظيم في تقدير طالبي "طريقة تعليق الأعمال التي لم يكن فيها إنصاف وترتيب حسب الأساليب الإبداعية، وفي قاعات لم تكن متكافئة في الإنارة".

ولفت إلى أن "اللافتات التي كتب فيها ثمن الأعمال غير لائقة وخلقت تذمرا وسط الفنانين والمتلقين لمبالغة البعض في تحديد ثمن أعمالهم".

‪‬ عبد الهادي طالبي: سوء التنظيم وغياب الشفافية أفشلا تظاهرة سوق الفن(الجزيرة)
‪‬ عبد الهادي طالبي: سوء التنظيم وغياب الشفافية أفشلا تظاهرة سوق الفن(الجزيرة)

وتحدث عن "غياب الشفافية في عملية البيع ما خلق إرباكا للفنانين وعدم معرفتهم لكيفية التعامل مع زبائنهم، كما قام بعض أصحاب الأروقة والمشرفين عليها بتوجيه أعضاء الوفد الذي رافق وزير الثقافة لأعمال عملائهم الفنانين دون غيرها بهدف اقتنائها".

وعلى هامش السوق، جرى تنظيم يوم دراسي عن "سوق الفن" ناقش فيه المتحدثون المسائل المرتبطة بحماية الفنانين وإنجاز الأعمال، ومناقشة البعد الاقتصادي والتجاري للأعمال الفنية وكيفية تسويقها، ودراسة أسعارها، وكيفية حمايتها، بمشاركة هيئات حكومية ومؤسسات اقتصادية ورجال أعمال.

وكشفت وزارة الثقافة أن الطبعة المقبلة لـ"ربيع الفنون" ستكون أقوى بمشاركة ضعف عدد المشاركين في الطبعة التأسيسية الأولى.

المصدر : الجزيرة