ثور مجنح يفلت من تنظيم الدولة و"مكتشفه" يعتقل

جانب من تل التوبة الذي يقع على قمته جامع النبي يونس شرقي الموصل
جانب من تل التوبة الذي يقع على قمته جامع النبي يونس شرقي الموصل الذي اكتشف الثور المجنح بقربه (الجزيرة)

الجزيرة نت-الموصل

بعد أن تعرضت معظم آثار مدينة الموصل للتدمير والإزالة على يد تنظيم الدولة الإسلامية إبان سيطرته عليها، أعلن مركز كلكامش لحماية الآثار والتراث اكتشاف تمثال ضخم لثور آشوري مجنح، تحت أنقاض تل التوبة شرقي المدينة قرب جامع النبي يونس، الذي فجره التنظيم في يوليو/تموز عام 2014.

وبحسب مفتش آثار نينوى مصعب محمد جاسم فإن تل التوبة الذي يقع الجامع على قمته، كان جزءا من قصر آشوري قديم بكل ملحقاته، وتم اكتشاف قطع أثرية أخرى فيه، لكنهم لا يستطيعون إعلان التفاصيل، لحين الانتهاء من علميات المسح والتنقيب بشكل كامل.

ويؤكد المفتش أن المحافظة ما زالت تعج بمئات المواقع الأثرية التي لم تستكشف بعد، وربما تتضح معالمها خلال السنوات المقبلة.

وتقول مديرية آثار نينوى إن هذا التمثال يعد جزءا من قصر الملك أسرحدون (680-669 ق.م) وهو من الملوك المتأخرين للسلالة الآشورية، ويعود تاريخه إلى نحو ثلاثة آلاف عام، ويبلغ طوله نحو 4.42 أمتار، ويزن أكثر من 30 طنا.

‪صورة تبين جانبا من الثور المجنح المكتشف‬ (مواقع التواصل الاجتماعي)
‪صورة تبين جانبا من الثور المجنح المكتشف‬ (مواقع التواصل الاجتماعي)

تلال أثرية
ويؤكد الناشط المدني فيصل الجربا أن هناك مناطق كثيرة في نينوى ما زالت تعج بالآثار القديمة التي لم ينقب عنها حتى اللحظة، وخاصة في مدن ولدات الحضر وسنجار وربيعة وسهل نينوى.

ويضيف الجربا، الذي نظم ندوات طالبت بحماية الآثار العراقية، أن في ناحية ربيعة لوحدها أكثر من 12 تلا أثريا تقع تحتها قصور ومعابد قديمة، وعادة ما يعثر الفلاحون هناك أثناء عملية الحرث على جرار وقوارير وقطع عليها كتابات مسمارية قديمة.

ويشير إلى أن العمل في التنقيب في المحافظة ممنوع إلا بإشراف مباشر من وزارة الثقافة العراقية لكنها لم تقم بدورها كاملا حتى الآن في حماية الآثار واستكشافها.

واشتهر الآشوريون الذين كانوا يقطنون شمال العراق بنحتهم لتماثيل عرفت بـ"الثيران المجنحة"، وتتكون من رأس إنسان على جسد ثور بجناحين، وقد أصبحت هذه الثيران رموزا وأيقونات لهذه الحضارة التي اندثرت معظم معالمها.

ويفتح هذا الاكتشاف الباب أمام مزيد من عمليات التنقيب في المدينة، كانت قد بدأت في أوائل القرن العشرين على يد بعثات أوروبية، ثم تولت المهمة فرق عراقية بإشراف علماء وباحثين في مجال الآثار، لكنها توقفت بسبب ظروف سياسية وأمنية مرت بها البلاد في العقود الأخيرة.

وكانت السلطات العراقية قد أعلنت في فبراير/شباط 2017 العثور على قصر يعود للملك الآشوري أسرحدون في أسفل موقع النبي يونس في الموصل، وأكدت أن القصر يضم كنوزا وآثارا مختلفة، دون ذكر التفاصيل.

مؤيدو جبر يؤكدون أن اعتقاله جاء لتسليطه الضوء على حجم الإهمال الذي تتعرض له آثار المحافظة (الجزيرة)
مؤيدو جبر يؤكدون أن اعتقاله جاء لتسليطه الضوء على حجم الإهمال الذي تتعرض له آثار المحافظة (الجزيرة)

اعتقال "المكتشف"
وإذا كان الثور المجنح قد نجا من عمليات التخريب التي قادها تنظيم الدولة، فإن فيصل جبر رئيس مركز كلكامش لحماية الآثار والتراث والمشرف على التنقيب في الموقع الأثري، لم ينج من يد السلطات العراقية.

فقد فوجئ الكثيرون باعتقال جبر بعد شكوى قدمتها مديرية آثار نينوى، بحجة قيامه بعمل "خارج نطاق القانون".

وبحسب ليلى صالح نائب رئيس المركز فإن قوات تابعة لاستخبارات وزارة الداخلية اعتقلت جبر في اليوم التالي لإعلان اكتشافه هذا، بسبب قيامه بتسليط الضوء على حجم الإهمال الذي تتعرض له آثار المحافظة، وضعف الجهود الرسمية في الحفاظ عليها.

لكن مفتش آثار نينوى مصعب محمد جاسم يقول إن جبر اعتقل بموجب قانون الآثار العراقي، والذي يمنع القيام بأي عمليات بحث وتنقيب دون أخذ إذن وموافقة رسمية من الجهات المختصة، لأن ذلك "قد يفتح بابا للفوضى والتهريب".

وأضاف للجزيرة نت أن دائرة آثار نينوى أغلقت هذه المنطقة بعد استعادتها خوفا من أعمال سرقة وتخريب قد تتعرض لها الآثار والشواهد القديمة فيها، وهي تجري عملية مسح وتنقيب واسعة حاليا في الأنفاق التي تقع تحت هذا التل.

المصدر : الجزيرة