كفرناحوم وملاعب الحرية.. صرخة ورسالة أمل بأجيال السينمائي

المخرجة اللبنانية نادين لبكي مع زين بطل فيلم كفرناحوم .
المخرجة اللبنانية نادين لبكي مع زين بطل فيلم كفرناحوم (مواقع إلكترونية)

عماد مراد-الدوحة

يعيش زين في عائلة فقيرة ويفتقد لأدنى أساسيات الحياة بسبب إهمال وفقر الأهل، يصل في النهاية إلى السجن ليوجه نداء عبر التلفزيون يطالب بمحاكمة أهله الذين تسببوا في الحال التي وصل إليها.

زين بطل فيلم اللبناني "كفرناحوم" الذي فاز بجائزة التحكيم بالدورة الـ 71 من مهرجان كان السينمائي، وتم ترشيحه مخرجته نادين لبكي لجائزة الأوسكار، وهو مبرمج بمهرجان "أجيال" السينمائي الذي افتتح بالعاصمة القطرية الدوحة مساء الأربعاء ويستمر حتى الاثنين القادم.

الفيلم -الذي يمثل حال الأطفال المهمشين بالمنطقة العربية- يأتي صرخة في وجه المجتمع العربي للدفع نحو الحفاظ على الأطفال الذين تتقطع بهم السبل وسط أحوال معيشية صعبة تضرب المنطقة وتؤثر على الأجيال القادمة، مما ينذر بكارثة محققة في حال استمرت السلبية في التعامل مع هذه القضية.

ويعد "كفرناحوم" التجربة الأولى لمعظم أبطاله حيث سعت المخرجة إلى أن يقترب الفيلم من الواقع بعدم الاعتماد على ممثلين معروفين، كما لم تغب الدلالات السياسية عن الفيلم حتى اسمه، فكفرناحوم مدينة فلسطينية تقع على ساحل بحيرة طبرية بشمال الأراضي المحتلة.

وعلى النقيض من "كفرناحوم" برسالته القاتمة لحال المجتمعات العربية، يأتي الفيلم الوثائقي "ملاعب الحرية" الذي يبث الأمل ويثبت أن الإصرار يمكن أن يغير تلك الأوضاع، حيث يحكي قصة الأمل والتضحية في بلد تعد الأحلام فيه ضربا من الترف، وذلك بتتبعه لمسيرة ثلاث سيدات وجهودهن لتشكيل فريق رياضي في ليبيا ما بعد الثورة على نظام العقيد معمر القذافي في فبراير/شباط 2011.

جاء اختيار "ملاعب الحرية" لعرضه بافتتاح المهرجان نظرا لإظهاره قيم الشجاعة والإصرار والعزيمة للنساء وخصوصا العربيات منهن، فالفيلم -الذي أخرجته الليبية نزيهة عريبي- يعد مرآة حقيقية لفكرة المهرجان هذا العام حيث يركز على القصص العالمية للناس والمجتمعات التي تتخطى الحدود وتشكل مصدر إلهام لكل العالم.

مشهد من فيلم الافتتاح
مشهد من فيلم الافتتاح "ملاعب الحرية"

إنتاج مشترك
وصور "ملاعب الحرية" على مدى خمس سنوات، وهو إنتاج مشترك لكل من ليبيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وهولندا وكندا ولبنان وقطر، ويسرد قصة سيدات يواجهن بكل عزم تحديات هائلة كان يتوجب عليهن تطويعها لتحقيق حلمهن في ممارسة كرة القدم لأجل بلدهن. وكافح الفريق لكسب دعم وتقدير المجتمع، وكذلك الحق باللعب في ظل معارضة شرائح من المجتمع لطموحات السيدات.

المخرج والممثل القطري سعد بورشيد -الذي يشارك في العديد من لجان مهرجان "أجيال"- اعتبر أن التنوع في الموضوعات التي تحملها الأعمال المعروضة بالمهرجان يحمل رسالة مفادها أن السينما يمكنها أن تلعب دورا كبيرا في التعبير عن قضايا المجتمعات.

ويضيف بورشيد في تصريح للجزيرة نت أن فيلمي "كفرناحوم" و"ملاعب الحرية" تعبير عن القهر الذي تعيشه بعض المجتمعات العربية، والرغبة والأمل في الخروج من تلك الحالة نحو التقدم والرقي، مضيفا أن مهرجان "أجيال" يركز على القضايا البناءة التي تخدم قطر والمنطقة بأسرها.

وتوقع بورشيد أن يساهم "أجيال" السنوات القليلة القادمة في صناعة سينما قطرية قادرة على المنافسة بعدما عمل المهرجان ومن خلفه مؤسسة الدوحة للأفلام على إعداد جيل قطري واعد اطلع على كل التجارب العالمية في كافة مجالات السينما من إخراج وتمثيل وتصوير ومونتاج وكتابة سيناريو.

واتفق الفنان والناقد السينمائي أحمد عبد الله أحمد مع طرح بورشيد، معتقدا أن التنوع الذي يشهده مهرجان "أجيال" يعد أساس نجاحه من خلال محورين: الأول الاهتمام بجيل الشباب وصقل مواهبهم من خلال الدعم والتدريب، وثانيا من خلال اختيار موضوعات وقضايا تمس قطر والمنطقة بشكل عام.

ويضيف أحمد -في تصريح للجزيرة نت- أن اختيار الأفلام المشاركة بالمهرجان يعود للعديد من المعايير أهما خدمة الفكرة العامة للمهرجان، مؤكدا أن "أجيال" لن ينافس مهرجانيْ أوسكار وكان من حيث حجم المشاركة والزخم الإعلامي، ولكنه يستطيع أن ينافس بالرسالة التي يسعى إلى تحقيقها.

المصدر : الجزيرة