الشعر الموريتاني في مؤازرة قطر

سيد أحمد الخضر-الدوحة

داخل قاعة فسيحة بمركز برزان الشبابي بشمال الدوحة، انتصبت "جدارية تميم المجد الشعرية" يتصدرها بيت للأديب الموريتاني الحسين بن محنض "لست يا أيها الأميرُ وحيدًا* كلُّنَا أيها الأميرُ تمــيـمُ".

والبيت من قصيدة طويلة يتحسر فيها بن محنض على تشبث الزعماء العرب بعروشهم ولو كلفهم ذلك إبادة الشعوب وإشعال صراعات لا تقل صغارا وعارا وبوارا عن حرب البسوس.

وقد أقيمت الجدارية مساء الجمعة تعبيرا من الشعراء الموريتانيين عن مؤازرتهم لقطر في وجه الحصار الذي تفرضه عليها دول عربية منذ الخامس من يونيو/حزيران الماضي.

لكن بن محنض لا يرى في حلف الحصار أي خطر على قطر، حيث يخاطب الأمير تميم قائلا:

ما تَراهُ من جمعهمْ، في شَتاتٍ "" والجيوشُ التي تَراها حَريـمُ
والأمانِي التي بَنَوْهَا سرابٌ ""    واللقاءُ الذي أَتَوهُ عقــيــــمُ

ويستحضر الشاعر هنا نصوصا قرآنية تعري حقيقة التجمع الذي تعمره الفرقة والوهن من قبيل قوله تعالى "تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى" (سورة الحشر، الآية 14). كما يستدعي مقولات خالدة تتهكم على تنمر المستضعفين واسترجال المخنثين.. كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد.

أما الشاعر محمد الحافظ ولد أحمد فقد عاد لأيام العرب قبل وبعد الإسلام ليتحدث عن قبيلة بني تميم التي ينتمي إليها أمير قطر، حيث عرفت بالمنعة والوقوف في وجه الباطل.

القلة المنيعة
ويقول في قصيدته هذه (يعيرنا أنا قــــــــــليل عدونا = وما قل من فــــــــاق البريــــة خيما). وكأنما يذكر دول الحصار التي تسخر من حجم قطر ببيت السموأل الخالد: وما ضرنا أنا قليل وجارنا * عزيز وجار الأكثرين ذليل".

وفي هذا رد على الدول الكبيرة التي لا يأمن ضيوفُها وجيرانها بوائقها، بينما تطمئن قطر الصغيرة كل المقيمين على أرضها بضمان أمنهم وحماية أعراضهم وممتلكاتهم.

معظم قصائد الجدارية نظمها شعراء موريتانيون غير مقيمين بقطر، ولكنهم وقفوا ضد محاصرتها (الجزيرة)
معظم قصائد الجدارية نظمها شعراء موريتانيون غير مقيمين بقطر، ولكنهم وقفوا ضد محاصرتها (الجزيرة)

ومن زوايا الطموح والجد والإبداع، يتمعن الشاعر الدكتور ادي ولد آدب في دولة قطر هائما في صمودها ونهضتها وزينتها:

قُطْرٌ.. صَغِـــيرٌ.. بِحَجْمِ الأرْضِ.. مُتَّسِعٌ ** لِلْكَـوْنِ صَدْراً.. إلَـيْهِ.. يُحْـشَـرُ البَشَــــرُ
هَاتِـيكَ.. مُعْجِزَةُ العَصْرِ.. التِي جَعَلَـــتْ ** ألْبَابَ أهْلِ النُّهَى.. سَكْرَى.. ومَا سَكِــرُوا
دُومِي.. عَلَى دَرَجِ العَلْــيَـــاءِ.. صَـاعِدَةً ** فَسِدرَةُ المُنْــتَهَى.. فِي المَجدِ.. تَنْـتَظِــــرُ

وطبعت على الجدارية قصائد تحت عناوين من قبيل: كعبة المضيوم، قطر الصمود نحو العلا، دوحة العز، بالروح نفديك.

واختار الشاعر التقي ولد الشيخ أن يختم قريض الجدارية بالقول:

ألقُ الجزيرة خالد لن يُسرقا ** باق لوَ ارعد حـــــــــاكم أو أبرقــا
قسما لأنت الشمس سال شعاعها ** وانداح يخترق المدى وتفرقــا

ومعظم القصائد التي طبعت على الجدارية نظمها شعراء موريتانيون غير مقيمين في قطر، ولكنهم وقفوا ضد محاصرتها ومقاطعتها وشاركوا في أنشطة ثقافية وسياسية داعمة لها في نواكشوط.

أمسية ثقافية
وبمناسبة تدشين الجدارية الشعرية الأولى من نوعها، نظمت الجالية الموريتانية أمسية ثقافية أعربت من خلالها عن تضامنها مع قطر قيادة وشعبا في وجه الحصار الجائر الذي تفرضه عليها بعض الدول العربية منذ نحو شهرين.

وألقيت في الأمسية قصائد عديدة نظمها شعراء موريتانيون مقيمون في قطر تتغنى بمواقف الدوحة المناصرة للقضايا العربية ومؤازرتهما الدائمة للفلسطينيين في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

هذا الزخم الذي تحتله قطر في الذاكرة العربية عبر عنه الأديب الشيخ أحمد ولد البان بقوله "يا دوحة العز التي يأوي لها … من ضامه ظلم الطغاة وشومها".

بيد أن الأديب ولد البان لا يرى في صمود قطر ومواقفها أي مفاجأة، فــ:
"قدر النخيل الباسقات وقوفها * فرعاء يهزأ بالرياح عظيمها".

وقدر طرز أدباء وكتاب هوامش الجدارية بتوقيعات شعرية، فكتب الأديب محمد المختار الخليل: فداك جميع العالمين ولم تزل – تميمٌ على قصد السبيل مقيما.

ووقع الصحفي محمد غلام محمدو:
قوافل شنقيط الأبية أقبلت * إلى قطر العلياء يملؤها الفخر
لتهدي تميم المجد صفو ودادها * وخالص ود ليس يُخلقه الدهر

بينما كتب الشاعر عبد الرحمن سعيد بالقول: (قطر تسير كما يسير أميرها … وكأنما بين النجوم مسيرها).

المصدر : الجزيرة