جامعة القرويين.. معبر ابن خلدون وآخرين

جامعة القرويين
جامع القرويين لم يتوقف عن أداء رسالته العظيمة منذ تأسيسه أواسط القرن التاسع الميلادي على يد فاطمة الفهرية (الأناضول)

تغيرت الدول التي تعاقبت على حكم المغرب، لكن جامعة القرويين -التي شيدتها فاطمة الفهرية قبل 12 قرنا بمدينة فاس (شمال شرق)- ما تزال شاهدة على عصور أنجبت "منارات" المعرفة الإنسانية في مختلف المجالات.

ولا تختلف منهجية التدريس في القرويين عن باقي الجامعات الحديثة، فهي تقوم -وفق عمر الدريسي الأستاذ بجامع القرويين- على دراسة "المتون" (كتب مرجعية قديمة) سواء تعلق الأمر بعلوم اللغة العربية أو الشرعية، أو حتى بعض العلوم العقلية كالفلك والتوقيت وغيرهما.

ومن شروط الالتحاق بالجامعة العريقة أن يكون الطالب متمكنا من حفظ القرآن الكريم، وبعض المتون الضرورية وفق الطالب أيوب العياشي الذي يستعد وزملاؤه للتخرج حاملا شهادة "العالمية" نهاية العام الدراسي.

ويقضي الطالب 12 عاما دراسة بالقرويين ليتخرج وينال شهادة "العالمية" في العلوم الشرعية واللغوية، قبل أن يلتحق بمعهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات لشغل وظيفة مرشدين دينيين أو أئمة وخطباء وموظفين بوزارة الأوقاف والشؤون العلمية، والمؤسسات الدينية الرسمية (المجالس العلمية).

كما يمكنهم الالتحاق بالجامعات الحديثة لاستكمال دراستهم في الماستر (ماجستير) ثم الدكتوراه في الشريعة والدراسات الإسلامية.

جامعة القرويين بمدينة فاس تعتبر الأقدم عالميا
جامعة القرويين بمدينة فاس تعتبر الأقدم عالميا

جامع وجامعة
"منذ تأسيسه أواسط القرن التاسع الميلادي، لم يتوقف جامع القرويين عن أداء رسالته العظيمة" كما يقول عبد المجيد المرضي الإمام المشرف على القرويين.

ويضيف "هذه المعلمة التاريخية تصنف الآن من قبل موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأول جامعة في التاريخ، من حيث توفرها في مرحلة مبكرة من التاريخ على مجموعة من المواصفات جعلت منها جامعة".

وأضاف المرضي أن القرويين أول جامعة أنشأت الدرجات العلمية، وكذلك ما يسمى الكرسي العلمي المتخصص، مشيراً إلى أن "هذه الجامعة أدت أدورا تاريخية وعلمية عظيمة، وظلت معطاءة في مجال العلم والإنتاج الفكري ولم تتوقف.

ومرت هذه الجامعة عبر مراحل مختلفة من جامع بسيط إلى جامعة متخصصة في علوم شتى، درس فيها الطب والفلك والفكر الإسلامي والعلوم الإسلامية وعلوم المنطق والفلسفة والحساب وغيرها، وفق المشرف عليها.

لقطة من جامع القرويين بفاس
لقطة من جامع القرويين بفاس

وتابع المرضي أن القرويين "كانت مقصدا وموردا للعلماء من أنحاء شتى من العالم، حيث إن علماء الأندلس -رغم أنها كانت مركزا علميا وأنتجت وأعطت في المجال الفكري الكثير- كانوا يرحلون إلى القرويين للانتساب إليها وتحصيل الدرجات العلمية فيها والاستفادة من علمائها وتبادل الخبرات في المجالات العلمية".

وامتد إشعاع "القرويين" عبر محيطها، إلى درجة أن الكثير من الصناع والحرفيين في فاس كانوا يشاركون علماء تلك الجامعة في مناقشات دقيقة للفقه والحديث بل في علوم المنطق والعلوم العقلية، وأفردت دروسا خاصة للصناع والحرفيين وعموم الناس، وفق المتحدث.

وشيدت تلك المنارة العلمية عام 859 ميلادية، على يد فاطمة الفهرية المنحدرة من القيروان في تونس حاليا، وبنيت في البداية على مساحة صغيرة، قبل أن يتم توسيعها وتزيينها وترميمها، في فترات متلاحقة من التاريخ والدول التي تعاقبت على حكم فاس والمغرب.

وظلت "القرويين" قطبا تعليميا مهما ومركزا للمعرفة العلمية والدينية في العالم الإسلامي، منذ تشييدها. واستقطبت العديد من العلماء والفلاسفة، وبينهم ابن رشد وابن باجة، ومؤرخون مثل ابن خلدون وأطباء فلاسفة مثل ابن ميمون، وجغرافيون مثل الشريف الإدريسي، ومتصوفة مثل ابن حزم وعبد السلام بن مشيش، وغيرهم.

المصدر : وكالة الأناضول