عام 2017.. اليونسكو تنفلت من العرب بأياد عربية

كمبو : حمد بن عبد العزيز الكواري+ اودري أوزوللي
الكواري تصدر سباق اليونسكو في أربع جولات قبل أن تميل الكفة لمرشحة فرنسا في الجولة الخامسة والأخيرة (الجزيرة)

المحفوظ فضيلي-الدوحة

قبل فترة ليست بالقصيرة عن موعد اختيار مدير عام جديد لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) كانت هناك مؤشرات كثيرة توحي بأن المنصب سيعود لشخصية عربية بناء على ترتيبات غير رسمية وغير مكتوبة مفادها أنه حان دور المنطقة العربية لتولي قيادة المنظمة بعد أن تعاقبت عليها منذ إنشائها شخصيات من باقي مناطق العالم.

بناء على تلك المعطيات ومن الناحية النظرية، كانت حظوظ مرشح دولة قطر الدبلوماسي والوزير السابق حمد بن عبد العزيز الكواري، قوية للفوز بالمنصب خاصة أنه كان أول من أعلن ترشحه لخلافة البلغارية إيرينا بوكوفا التي قادت المنظمة طيلة ثماني سنوات.

لكن الأمور بدأت ترتبك عندما ترشحت شخصيتان عربيتان لخوض غمار المنافسة هما المصرية مشيرة خطاب، وهي وزيرة وسفيرة سابقة، واللبنانية فيرا الخوري لاكويه، وهي مستشارة لدى وزارة الثقافة ببلادها منذ 2016، ولديها خبرة طويلة باليونسكو ومنظمات دولية أخرى.

وازدادت الحسابات غموضا عندما دخلت فرنسا على الخط وأبدت رغبتها في قيادة المنظمة الدولية، حيث بادر رئيسها آنذاك فرانسوا هولاند في منتصف مارس/آذار إلى ترشيح وزيرة الثقافة أودري أزولاي لقيادة اليونسكو، وهي خطوة لم تكن محط إجماع النخبة الإعلامية والسياسية في فرنسا.

 سامح شكري دعا للتصويت لصالح أزولاي لقطع الطريق أمام مرشح قطر(الجزيرة)
 سامح شكري دعا للتصويت لصالح أزولاي لقطع الطريق أمام مرشح قطر(الجزيرة)

انقسام عربي
وقبل تاريخ الانتخاب بأشهر قليلة تلبدت سماء السياسة العربية بغيوم جديدة وثقيلة من التوتر والانقسام عندما فرضت كل السعودية ومصر والإمارات والبحرين في الخامس من يونيو/حزيران حصارا شاملا على قطر وهي خطوة ألقت بظلالها على أجواء السباق نحو قيادة اليونسكو.

رغم كل تلك التطورات المثيرة، لم يتراجع مرشح قطر ودخل غمار المنافسة ولم يخف تفاؤله في الفوز بالمنصب وهو ما عبر عنه في مناسبات كثيرة قبل التصويت وجدد التأكيد عليه أثناء التصويت الذي تواصل طيلة أيام وتم في خمس جولات بسبب المنافسة القوية.

وتصدر المرشح القطري السباق في المراحل الأربع الأولى من التصويت لكن الكفة مالت في الجولة الخامسة والأخيرة لمرشحة فرنسا حيث كانت المنافسة منحصرة بينهما فقط ومنح أعضاء المجلس التنفيذي لليونسكو (58 عضوا) 30 صوتا لأزولاي، وحصل الكواري على 28 صوتا فقط.

وكانت مرشحة مصر قد خرجت من السباق في جولة استثنائية بمواجهة مرشحة فرنسا بعد الجولة الرابعة التي حصلت فيها المرشحتان على 18 صوتا لكل منهما، وهو ما استدعى تنظيم جولة إعادة بينهما.

وعندما آلت الأمور لمرشحة فرنسا لخوض المرحلة الخامسة والأخيرة في مواجهة مرشح قطر، لم تخف شخصيات مصرية دعمها لها وهو ما أثار استهجانا كبيرا في الأوساط الإعلامية العربية وفي منصات التواصل الاجتماعي.

وكان وزير خارجية مصر سامح شكري حاضرا ضمن فريق البعثة المصرية في اليونسكو، ودعا إلى التصويت لصالح أزولاي لقطع الطريق أمام مرشح قطر، وفي خضم السباق فوجئ الجميع في مقر المنظمة بباريس بموظف مصري في بعثة بلاده الدبلوماسية -يدعى صلاح عبد الحميد- بدأ يصرخ بشكل هستيري وبلغة فرنسية هجينة "تحيا فرنسا وتسقط قطر".

ورد عليه مسؤول في البعثة الأوروبية ساخرا "هل أنت فعلا رجل دبلوماسي؟". كما عبر أحد المسؤولين ضمن البعثة الفرنسية لدى اليونسكو عن سخطه من الحادث، ووصفه بالتصرف غير المقبول.

الحملة الدبلوماسية لمرشح قطر كانت محط تقدير وإشادة في أوساط المنظمة الدولية وخارجها(الجزيرة)
الحملة الدبلوماسية لمرشح قطر كانت محط تقدير وإشادة في أوساط المنظمة الدولية وخارجها(الجزيرة)

تألق دبلوماسي
في مقابل ذلك، أجمعت أصوات كثيرة على أن قطر خرجت مرفوعة الرأس من ذلك السباق الطويل حيث قال مرشحها في ختام التصويت إنه يحس بالفخر بالحملة الانتخابية الكبيرة التي خاضها، والتي مرت في أجواء ديمقراطية وتميزت بالشفافية والمنافسة الشريفة. وهنأ الكواري منافسته أزولاي وتمنى لها التوفيق في مهمتها.

وأشارت منابر إعلامية عالمية كثيرة إلى أن أزولاي فازت بالمنصب بسبب الانقسام العربي، وقال المحلل السياسي الفرنسي كريستيان شينو في تصريح للجزيرة نت إن من هزم قطر هم العرب أنفسهم وليست فرنسا، وأودري أزولاي مدينة لهم بهذا الفوز.

وأضاف شينو أنه كانت هناك "حملة مسعورة" وضغوط قوية على الدول الأعضاء بعدم التصويت لقطر، وهذا أمر لم يعد سرا، خصوصا بعد تهديد عدد من الدول -بينها السعودية- بالانسحاب من اليونسكو في حال فوز قطر.

وأكد أن الكواري قام بحملة ممتازة تشرف قطر، كما أنه كان مرشحا يتمتع بكل المؤهلات لإدارة منظمة اليونسكو عن جدارة، لكن الأزمة السياسية بين دول الخليج والتحريض ضد قطر شكّلا السبب الرئيسي لخسارته.

المصدر : الجزيرة