طفلة سورية لاجئة تكتب أولى رواياتها بالهولندية

طفلة سورية لاجئة في هولندا تكتب رواية وتكرس ثمنها للسوريين

محمد كناص-الجزيرة نت

عندما يكون الجو مشمسا كانت تأخذها قدماها إلى البحيرة بجوار المنزل، فتداهمها الذاكرة بفيض من الصور، وتصطبغ الأوراق في حجرها بالكلمات، وتغير رأيها مرات ومرات من أين تبدأ الحكاية.

رشا أحمد الحسين التي أكملت عامها الـ13، كانت طالبة بالمرحلة المتوسطة عندما سمعت لأول مرة باندلاع الثورة السورية عام 2011، ولم تكن تتصور يوما أنها ستغادر بلدها إلى هولندا للجوء، فوصلت إلى هناك وهي لا تحمل في ذاكرتها سوى صور منزلها وضحكات زملائها بالمدرسة.

تاهت رشا في موطنها الجديد، وتعثرت في التعبير أو الإجابة عن سؤال ماذا حصل لها وللسوريين؟ وحاولت التعبير عن ذلك من خلال الرسم، لكن دون جدوى، فجددت المحاولة عبر الموسيقى، وبقيت النتيجة كما هي، فلجأت إلى قلمها وأوراقها تخط من الصفر حكاية شعبها من لحظة الخروج للمطالبة بالحرية إلى اللحظة الراهنة، وكيف تقطعت بهم السبل، مع تسجيل المعاناة مع اللجوء.

بطلة الرواية
اختارت رشا "ظلال البحر" اسما لروايتها، واختارت الطفلة زين بطلة لها، وتقول إن تلك الطفلة ابنة طبيب ومالك مشفى قضى جراء القصف، فاضطرت زين مع أختيها وأمها للهرب إلى أوروبا عن طريق البحر، إلا أن القارب انكسر تاركا ما تبقى من العائلة ليصارعوا الأمواج، فتنجو زين وحدها.

ووفق الكاتبة، تصل زين إلى اليونان وتكفلها عائلة هولندية عن طريق الصليب الأحمر، وتطير بها إلى هولندا، وهناك تبدأ زين باكتشاف هويتها ومعاناتها مع البيئة الجديدة.

وهكذا تسرد رشا تجربة زين في 208 صفحات مختصرة بها معاناة اللاجئين بلغة مباشرة مع بعض المحسنات والدلالات اللغوية، بسبب طبيعة الهولندية التي كتبت بها الرواية. 

‪رشا الحسين مع والدتها ووالدها في موطنهما الجديد‬ (الجزيرة)
‪رشا الحسين مع والدتها ووالدها في موطنهما الجديد‬ (الجزيرة)

ضفاف البحيرة
استغرق إنجاز الرواية نحو ستة شهور، وتقول الكاتبة إنها نسجت أحداثها في مكتبة المدرسة التي كانت تجلس فيها عندما يهطل المطر، أو بالقرب من البحيرة المجاورة لمنزلها عندما يكون الجو مشمسا.

ويقول والد رشا، وهو كاتب وأستاذ سابق للغة العربية بجامعة دمشق، إن علاقته بابنته أشبه بالصداقة، وإنه لم يحاول توجيهها مباشرة إلى ممارسة الكتابة بل هيأ لها أجواء تساعدها على اختيار ما يناسبها.

أما والدتها آراء الجرماني، وهي أيضا أستاذة جامعية في اللغة العربية، فتقول إنها تحرص على توفير نمط حياة يخلو من أي عمل رقابي قد يؤثر على موهبة ابنتها، مضيفة أنها قدمت لها كتبا تساعدها على احتراف الكتابة وصناعة السيناريو.

وتنتظر الكاتبة اليافعة صدور أول نسخة مطبوعة من روايتها، حيث وافقت على نشرها إحدى أكبر دور النشر بهولندا، وتتوقع أن تصدر في أكتوبر/تشرين الأول القادم، مؤكدة أنها ستكرس أرباح بيعها لخدمة اللاجئين السوريين.

المصدر : الجزيرة