"الثقافة العربية" تتحدى واقع المكتبات بالجزائر

مكتبة الثقافة العربية.. هل تنجح المغامرة؟
"مكتبة الثقافة العربية" في الجزائر تراهن على ما سمته الكتاب العربي الحداثي التنويري (الجزيرة)

الخير شوار-الجزائر

بدأت "منشورات الاختلاف" الجزائرية مغامرة جديدة، عندما فتحت مؤخرا مكتبة في العاصمة الجزائر اسمها "مكتبة الثقافة العربية"، في الشارع الذي يحمل اسم الكاتب شهيد الثورة التحريرية أحمد رضا حوحو، وغير بعيد عن مقر جمعية الجاحظية التي أسسها الروائي الراحل الطاهر وطار.

وتبدو هذه الخطوة بمثابة سباحة عكس التيار، في زمن تقلّص فيه عدد المكتبات بشكل مخيف، لأسباب مختلفة. ويقر الروائي بشير مفتي -وهو أحد المشرفين على "منشورات الاختلاف" صاحبة المشروع- بهذا التحدي بالنظر إلى "الظروف الصعبة التي تمر بها الثقافة في بلادنا بشكل خاص، والمجتمع الجزائري بشكل عام الذي يدخل عهد الأزمة والتقشف".

ويضيف مفتي للجزيرة نت أنه رغم التأثير السلبي للأزمات الاقتصادية على حركة الكتاب وتفاعل القارئ، فإن الرهان سيكون على مواجهة هذا الواقع المحبط والدفاع عن حق الجزائري في الحصول على كتب ذات نوعية، خاصة في ظل ارتفاع حجم المقروئية للأعمال الروائية والفكرية الجيدة في الفترات الأخيرة، وذلك من خلال الإقبال الكبير على الكتب في المعرض الدولي للكتاب بخاصة.

ويبدو أن اختيار اسم "الثقافة العربية" لمكتبة منشورات الاختلاف الجديدة، يتضمن تحديا آخر، يؤكده مفتي بالإشارة إلى أن المكتبات في الجزائر منقسمة تقريبا بين من تستورد فقط الكتب الجديدة بالفرنسية، ومن تستورد كتبا بالعربية غالبيتها في الدين والمطبخ والتعليم.

مفتي: الوضع المستمر منذ عقود يكرس غياب الكتاب العربي الحداثي التنويري المميز(الجزيرة)
مفتي: الوضع المستمر منذ عقود يكرس غياب الكتاب العربي الحداثي التنويري المميز(الجزيرة)

شمعة في الظلام
وخلص إلى أن هذا الوضع المستمر منذ عقود يكرس غياب الكتاب العربي الحداثي التنويري المميز، وتعهد بأن "يكون (هذا الكتاب) على الأقل حاضرا في مكتبتنا بشكل دائم".

وبدا مفتى متفائلا بنجاح المشروع، وهو يضيف قائلا: "رغم مناخ الأزمة الذي يخلق إحساسا بالاختناق ومرات بالإحباط، نقول إن من يشعل شمعة يظل أفضل ممن يكتفي بلعن الظلام".

ويتفق الكثير من المهتمين بالشأن الثقافي على أن واقع المكتبات في الجزائر ليس في أحسن أحواله. وهو ما يعزوه مدير "دار الألمعية" للنشر نبيل دادوة إلى "الاختلال الرهيب في توزيع الكتاب، حيث توقفت الدولة -ممثلة في مؤسسة الفنون المطبعية- عن فتح نقاط بيعها، كما بيعت جل المكتبات التي كانت تابعة لها".

وقال داودة -في حديث للجزيرة نت- إن داره للنشر التي تقع في شرق الجزائر تجد صعوبة كبيرة في إيصال منتجاتها للقارئ الجزائري، لغياب مكتبات مهنية مستقرة وشبكة توزيع جادة كذلك.

دادوة: نجد صعوبة كبيرة في إيصال منتجاتنا للقارئ الجزائري(الجزيرة)
دادوة: نجد صعوبة كبيرة في إيصال منتجاتنا للقارئ الجزائري(الجزيرة)

مفهوم ملتبس
ويضاف إلى هذه المشكلات مشكلة أخرى تتعلق بـ"المفهوم الملتبس" للمكتبة، حيث يوضح دادوة "عندنا في الجزائر نجد مفهوم المكتبة ينطبق على الكشك المتعدد الخدمات، كما ينطبق على الوراقة، وقد يلحق هذا النشاط من يطبع ويجد مذكرات التخرج أو يقدم خدمات لطلاب الجامعة من التصوير (طبق الأصل)".

وهذا ما يؤكده محافظ "الصالون الوطني للكتاب" رئيس نقابة الناشرين الجزائريين للكتاب، أحمد ماضي، بالإشارة إلى أنه خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي كان في الجزائر حوالي 720 مكتبة كاملة بمعنى الكلمة، وفي أجمل وأهم شوارع المدن، لكن الأمر تغيّر بعد ذلك وتقلّص العدد إلى ما دون 120 مكتبة.

ويعدّد ماضي أسباب التراجع بالقول إن مكتبات البيع في العالم تعتمد على الدعم المباشر عن طريق التمويل من الحكومة، أو الدعم غير مباشر من قبيل أن تشتري الجامعات الكتب من تلك المكتبات كنوع من الدعم، لا أن يشتريه من الناشر مباشرة.

وأضف أن المكتبة يفترض أن تعفى من الضرائب، وأن يكون إيجارها رمزيا، لكن غياب تلك الشروط يؤدي إلى غلق المكتبات وتحويل نشاطاتها إلى تجارة ربحية مثل بيع الأحذية والملابس.

المصدر : الجزيرة