بصمة أمل تنفض الكآبة عن جدران بغداد بالرسم

حملة بصمة أمل والرسم على الجدران.. يسعى الناشطون في الحملة إلى تغطية معظم مناطق بغداد لا سيما الأماكن العامة منها
الناشطون في "بصمة أمل" زينوا الكثير من الجدران والحواجز الكونكريتية الضخمة بأحياء بغداد (الجزيرة)

الجزيرة نت-خاص

أدت الصراعات والأزمات المتتالية التي مرت بها مدينة بغداد إلى تشويه هويتها المعمارية وتلويث أجوائها وجدرانها ومعالمها بمخلفات الحروب ودعايات السياسة والشعارات الطائفية، وقد سعى شباب بغداديون إلى إخفاء آثار الحروب وتبعاتها من شوارع المدينة.

وأفضت خطة فرض القانون التي انطلقت عام 2007 إلى عزل مناطق أحياء بغداد المختلفة عن بعضها بحواجز كونكريتية كبيرة، وأسهمت في اختفاء ملامحها وتواريها خلف هذه الكتل الإسمنتية وطمس الكثير من مقوماتها الحضارية وعوامل البهجة فيها.

وسعى بعض الشباب العراقيين للقيام بحملة تجميل هذه الكتل والجدران، وبث الحياة من خلالها عبر رسومات ولوحات تعبيرية وإرشادية، وقد بدأت منظمة "بصمة أمل" الشبابية في رسم وتلوين مئات الجدران في مناطق مختلفة من بغداد.

ويقول رئيس المنظمة علي عبد الرحمن إن المنظمة تعتمد على تبرعات الأعضاء ولا تتلقى تبرعات مالية من أية جهة، وقد قاموا منذ انطلاق عملهم قبل نحو عامين بتزيين مئات الجدران بالعاصمة والرسم عليها، محاولين تقديم رسائل إلى المجتمع بشكل عام والشباب منهم خصوصا بضرورة التحرك "للإبداع والإنجاز على أرض الواقع وترك السلبية والإحباط الذي يعانون منه".

‪حملة
‪حملة "بصمة أمل" استطاعت تغيير شكل الكثير من المناطق السكنية في بغداد‬ (الجزيرة)

ألوان ورسائل
ويضيف عبد الرحمن للجزيرة نت أنهم يركزون في نشاطهم هذا على الأماكن العامة ودور الأيتام ورعاية العجزة والمدارس والجامعات والمستشفيات، كما أنهم استطاعوا إنجاز عدد من المشاريع في بغداد والأنبار لإغاثة النازحين والعوائل الفقيرة، مشيرا إلى أن عدد المتطوعين معهم يبلغ 310 من بينهم 54 فتاة.

ويشتكي مواطنون من الكتل الكونكريتية التي تحيط بمناطقهم حيث تعزلها عن الأحياء المجاورة وتشوه مظهرها وتؤدي إلى تراكم النفايات بجوارها، وقد أسهمت الحملة التي يقودها فريق "بصمة أمل" في تفاعل الكثير من سكان هذه المناطق مع هؤلاء الناشطين وتقديم العون لهم، كما يقول عضو الحملة مصطفى عماد.

ويشير عماد للجزيرة نت إلى أنهم كمنظمة يقبلون مساعدات الجهات الأخرى على ألا تكون مالية، حيث سبق وأن وفرت اليونيسيف والاتحاد الأوروبي ووزارة الشباب والرياضة المواد الأساسية لهم بالإضافة إلى أجور النقل والطعام، واستطاعوا من خلال الخبرات الموجودة في الفريق صبغ والرسم على مئات الجدران.

ورغم أن جميع أعضاء الفريق طلبة في الجامعة فإنه يضم العديد من الحرفيين كالحدادين والنجارين والبنائين وغيرهم، إضافة إلى الفنانين التشكيليين الذين يحاولون عبر رسوماتهم ولوحاتهم إيصال رسائل للمجتمع تتعلق بحثه على القيام بدوره تجاه الأيتام والفقراء والنظافة، والتوعية لترشيد استهلاك الماء والكهرباء، والدعوة لنبذ الطائفية، على حد قوله.

‪متطوعون من الفريق يقومون بإزالة بعض الملصقات من الكتل الكونكريتية تمهيدا للرسم عليها‬ (الجزيرة)
‪متطوعون من الفريق يقومون بإزالة بعض الملصقات من الكتل الكونكريتية تمهيدا للرسم عليها‬ (الجزيرة)

الدور الحكومي
ويقول أستاذ جامعي إن هؤلاء الشباب استطاعوا بث روح الأمل من جديد في النفوس رغم أجواء اليأس والإحباط التي تخيم على الكثير من العراقيين، وأضاف علي عدنان أنه يحث طلابه بشكل مستمر على المشاركة معهم وتقديم المساعدة لهم في مشاريعهم.

ويرى الصحفي حيدر عبد السلام أن الحكومة أطلقت في الماضي الكثير من الوعود لدعم منظمات المجتمع المدني، لكنها لم تقدم في الواقع شيئا يذكر، وهو ما دعا هؤلاء الشباب للتحرك بمفردهم رغم كل المعوقات التي تواجههم. مضيفا أنهم يسدون فراغا كبيرا تعجز الحكومة عن تغطيته.

من جهته، يقول عضو بلجنة الشباب والرياضة بمجلس النواب أن دورهم رقابي وتشريعي فقط، ولا يستطيعون تقديم دعم مباشر لهذه الفرق التطوعية لأن الميزانية تعاني من التقشف، وأضاف عرفات كرم أنه لم يعد الوضع كما في السابق حيث كانوا يقدمون طلبات لمساعدة عاجلة ومباشرة لهذه المجموعات لكن دورهم اختزل اليوم في مجرد المطالبة بدعمهم.

ويضيف كرم للجزيرة نت أن وزارة الشباب والرياضة تشكو من قلة الدعم والمخصصات المالية، لذلك لا تستطيع تقديم الكثير لهؤلاء المتطوعين، مما يوجب على التجار ورجال الأعمال التحرك لتقديم الدعم المادي والمعنوي لهم، على حد قوله.

المصدر : الجزيرة