فيلم زهرة حلب.. هند صبري بين الأمومة و"الإرهاب"

إذا كانت الصورة صغيرة يرجى التعامل معها كتصميم فني بدمجها بشعار مهرجان قرطاج (صور المهرجان رفعتها أمس)

بإثارة قضية تمس كيان مجتمعات ما بعد الثورات العربية استهل مهرجان أيام قرطاج السينمائية فعاليات دورته الـ27 بفيلم "زهرة حلب" للمخرج التونسي المخضرم رضا الباهي الذي يعالج ظاهرة تسفير الشباب إلى جبهات القتال في سوريا.

لم يغص الفيلم في خبايا السياسة، لكنه طرح الظاهرة من منظور إنساني بما تحمله من تأثير في الأمهات والعائلات على حد سواء بمنأى عن توجيه المشاهد نحو هدف سياسي محدد.

ويقول المخرج الباهي "لم أرد في هذا الفيلم التطرق لأمور سياسية ولا للقضية السورية، أردت فقط التركيز على معاناة امرأة تونسية سافرت لجلب ابنها الذي يعد ضحية من ضحايا غسيل الدماغ".

وتدور أحداث الفيلم حول أم تونسية "سلمى" وتجسد دورها الفنانة التونسية هند صبري، عاشت معاناة بعد أن تم تسفير ابنها "مراد" من أجل "الجهاد" في سوريا.

أما مراد ذو الـ18 سنة فكان يعيش حياة طبيعية كأبناء جيله، وهو مولع بالموسيقى إلا أنه انجذب نحو الفكر "المتطرف" وتلقى عملية "غسل دماغ" من قبل جماعة "إرهابية" لينضم فيما بعد إلى جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا) في سوريا.

رضا الباهي: لم أرد التطرق لأمور سياسية ولا للقضية السورية(الأناضول)
رضا الباهي: لم أرد التطرق لأمور سياسية ولا للقضية السورية(الأناضول)

تفكك عائلي
انسياق مراد نحو هذا التيار كان مأساة بالنسبة إلى أمه التي لم تتردد ولو لحظة في الالتحاق به متنكرة في ثوب "الجهاد" بحثا عنه ورغبة في استرداده.

الوضع العائلي لمراد الذي جسد دوره الممثل التونسي باديس الباهي قد يبدو للبعض سببا في تغير تصرفاته واقتحامه عالما غير معتاد عليه.

طلاق والد "مراد" من والدته الممرضة وتحملها أعباء الحياة بمفردها وتكريس كل وقتها لعملها كانت عوامل مهمة في تغير سلوكه، كما عاش أبوه "السكير" في عالم خاص به، مما حرم الابن من حياة عائلية طبيعية ومن وجود الأب ودوره في حياته.

يتناول الفيلم قضية حساسة بالنسبة للمجتمع التونسي الذي شهد بعد الثورة عمليات متكررة من تسفير الشباب والفتيات بحجة الجهاد في سوريا.

كما يظهر الفيلم الذي صورت مشاهده في تونس ولبنان بشاعة الدمار في حلب السورية ومخلفات أعمال العنف فيها، ورغم أنه لم يتعمق في ثنايا السياسة فإنه وقف على الخلاف بين تنظيمين مسلحين لا يختلفان في أساليب القتل والدمار.

وقد تجسد ذلك في مشاهد عديدة، من بينها أسر الأم "سلمى" في كمين لتنظيم الدولة الإسلامية، ومن ثمة اغتصابها من قبل منتسبين للتنظيم معتقدين أنها تابعة لجبهة فتح الشام.

هند صبري: نأمل إعادة فتح ملفات الشباب الذين تم تسفيرهم إلى سوريا(الأناضول)
هند صبري: نأمل إعادة فتح ملفات الشباب الذين تم تسفيرهم إلى سوريا(الأناضول)

قتل الأم
نهاية الفيلم لم تكن غريبة بالنسبة لبعض المتابعين الذين توقعوا أن تكون "مأساوية"، فمراد الذي انضم لجبهة النصرة أنهى حياة أمه التي جاءت بحثا عنه دون رؤيته.

وبعد أسر الأم واغتصابها من قبل تنظيم الدولة تقرر جبهة النصرة إرسال عدد من قناصتها لاستعادتها، وكانت المفاجأة أن مراد هو أحد هؤلاء القناصة.

وبهذا الفيلم تعود هند صبري إلى السينما التونسية بعد سبع سنوات من الغياب، وإلى أيام قرطاج السينمائية التي توجت فيها بجائزة أفضل ممثلة سنة 1994 عن أول أفلامها "صمت القصور".

وقالت هند صبري في تصريحات صحفية بعد العرض الأول للفيلم "نأمل من خلال الفيلم إعادة فتح ملفات الشباب الذين تم تسفيرهم إلى سوريا، باعتقادي أن الفيلم الناجح هو ذاك الذي يطرح أسئلة وحوارا مجتمعيا".

وأضافت أن "زهرة حلب دراما إنسانية وليس منشورا سياسيا"، لذلك لم يتورط الفيلم في السياسة وظلت الأم هي مركز الحكاية حتى في الفصل المتعلق بسوريا.

المصدر : وكالة الأناضول