ابن النديم والمتنبي.. احتفاء بالعراق في أميركا

ملصق من فعالية شارع المتنبي يبدأ من هنا
الورشة الإبداعية تهدف إلى استعادة أمجاد العراق في الزمن الإسلامي (الجزيرة)

طارق عبد الواحد-ديترويت

على خلفية الغزو الأميركي على العراق عام 2003، وحضور العاصمة العراقية شبه الدائم في الخطاب الإعلامي والسياسي العالمي على رأس قائمة المدن التي تجتاحها الكوارث والاضطرابات والصراعات المسلحة، يسعى كتّاب أميركيون وآسيويون -ضمن ورشة إبداعية بعنوان: من كتاب "الفهرست" لابن النديم إلى شارع المتنبي- إلى استعادة المكانة التاريخية للعاصمة بغداد، بوصفها حاضرة ثقافية وإبداعية.

وتوجه القائمون على الورشة إلى دعوة الكتّاب والفنانين في الولايات المتحدة -وفي العالم- إلى كتابة نصوص إبداعية ومقالات نقدية وأعمال فنية -طباعية وغرافيكية- عبر استلهام العوالم المعرفية والروحانية لـ"كتاب الفهرست"، لمؤلفه الأديب والورّاق البغدادي ابن النديم، ومن ثم نشرها ضمن "أنطولوجيا" احتفائية بـ"الفهرست" وصاحبه.

منان أحمد: نسعى إلى إحياء العصر الذهبي لبغداد باستحضار ابن النديم والمتنبي (الجزيرة)
منان أحمد: نسعى إلى إحياء العصر الذهبي لبغداد باستحضار ابن النديم والمتنبي (الجزيرة)

قطبة مخفية
وتتقاطع هذه المبادرة مع "تحالف شارع المتنبي يبدأ من هنا" -التي أطلقها الشاعر والمكتبي الأميركي بيو بيوسوليل عام 2012 على خلفية تعرض شارع المتنبي -المعروف لدى العراقيين بشارع الكتب- لحادث تفجير سيارة مفخخة عام 2007، حيث أقيمت أنشطة ثقافية ومعارض فنية في مختلف الجامعات والمكتبات العامة والمتاحف في الولايات المتحدة وكندا ومختلف العواصم والمدن الأوروبية.

وعبر تقاطع هاتين المبادرتين، يكشف الكتّاب الأميركيون الآسيويون عن قطبة مخفية ويربطون بين لحظتين مأسويتين في التاريخ الثقافي لعاصمة بلاد الرافدين؛ لحظة تدمير المكتبة العربية وإنهاء العصر الذهبي لبغداد نتيجة الغزو المغولي في القرن الـ13 الميلادي، ولحظة تفخيخ شارع المتنبي للكتب -على خلفية الغزو الأميركي للعراق وما نتج عنه من قتل وتشريد ودمار وفوضى سياسية واجتماعية- والتهديد بإنهاء دوره ورمزيته، بوصفه مكانا وفضاء للثقافة والمعرفة وتبادل الأفكار عند العراقيين.

وفي هذا السياق، لفت البروفيسور المساعد في جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك منان أحمد إلى أن هذه المبادرة في جوهرها تتطلع -من خلال مشاركة أدباء وفنانين من خلفيات ثقافية وحضارية متنوعة- إلى ترميم العصر الذهبي الذي عاش فيه ابن النديم والوجه الحضاري لمدينة بغداد، والذي لم يتبق منه سوى ملامح عامة بعد ضياع واندثار معظم الكتب والمخطوطات والمقالات التي كتبت أو نقلت إلى العربية.

منجز موسوعي
ووصف منان أحمد كتاب "الفهرست" بالمنجز الضخم والموسوعي الذي يغطي مجالات واسعة النطاق في التجربة المعرفية والوجدانية البشرية، وقال "إننا نتطلع إلى مد قناة تواصل بين عالمنا وعالم ابن النديم".

وأضاف أحمد في لقاء مع الجزيرة نت أن أميركا والأميركيين قد نسوا العراق أو أنه لم يعد ضمن اهتماماتهم الأساسية، "ولكننا من خلال هذا المشروع نريد أن نستعيد بغداد التي لولا علومها وآدابها ما كان لمستقبل عالمنا وعصرنا الذي نعيش فيه أن يكون على هذا النحو".

كما أفاد البروفيسور المساعد في جامعة كولومبيا بأن القائمين على المشروع يعملون على إعداد المواد التي تم اختيارها للنشر، ومن المتوقع أن تصدر "الأنطولوجيا" في شهر أكتوبر/تشرين الأول القادم ضمن نسختين ورقية وإلكترونية.

تجدر الإشارة إلى أن ابن النديم يعتبر رائد علم التصنيف (بيبليوغرافيا)، كما أن كتاب "الفهرست" هو الأول من نوعه في العالم، وقد تضمن أرشيفا شاملا للمكتبة العربية، موثقا ما يزيد على سبعة آلاف عنوان من عناوين الكتب في مختلف الحقول الأدبية والعلمية ومجالات الأديان واللغة والنحو والصرف والتاريخ والسير والجغرافيا والشعر وعلم الكلام والفقه والحديث والفلسفة والقانون والعلوم القديمة والأساطير والحكايات والرياضيات والطب والكيمياء وحتى أعمال السحر.

المصدر : الجزيرة