لماذا تأخر ظهور المسرح العربي؟

غلاف كتاب "مدخل إلى المسرح العربي"

بدر محمد بدر-القاهرة

يناقش الأديب والناقد المسرحي أحمد شمس الدين الحجاجي في كتابه الجديد "مدخل إلى المسرح العربي" -الذي صدر مؤخرا عن المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة- الأسباب التي أدت إلى تأخر ظهور المسرح العربي حتى منتصف القرن الـ19 الميلادي.

ويرى أن الفن هو حاجة مجتمعية للتعبير عن شيء ما، وقد ظهرت فنون العرب تبعا لحاجتهم إليها، مثل الشعر الغنائي، وفنون السير، والحكايات الشعبية، وغيرها، ولم تكن الحاجة إلى فن المسرح قد ظهرت بعد، حتى بدأ الاحتكاك الثقافي مع أوروبا في القرن الـ19، إضافة إلى حاجة المجتمعات العربية إلى "الديمقراطية" كوسيلة لحكم نفسها وخلاصها من الاستعمار وظلم الحكام.

ويقول المؤلف إن فكرة "البطل المُخلص" لم تعد هي السائدة في أذهان جمهور الشعب العربي، خصوصا بعد الشعور بخيبة الأمل من حكم محمد علي في مصر، وبدأت تظهر فكرة دور الشعب في العمل لنيل حريته.

بدايات المسرح
ويمكن القول إن هذا التحول السياسي والاجتماعي هو البداية الحقيقية لظهور فن المسرح الذي انطلق من إبراز تراث سابق من الحكايات الشعبية، وفن السيرة الذاتية للشخص "البطل".

ومع توالي إرسال البعثات التعليمية إلى أوروبا ثم عودتها -بعد أن احتكت بالمسرح الغربي- بدأت تظهر أولى الفرق المسرحية في عام 1847 في مدينة بيروت على يد مارون النقاش، ثم ظهرت أول فرقة مسرحية في مصر عام 1870 على يد يعقوب صنوع.

وسبق ذلك إنشاء مسرح الأزبكية عام 1868، ثم افتتاح دار الأوبرا المصرية عام 1869، وبدأت تفد إلى مصر تباعا العديد من الفرق المسرحية: الفرنسية والإيطالية والإنجليزية.

وفي أوائل القرن العشرين بدأت تتبلور ملامح خاصة بالمسرح العربي، وانجذبت الطبقة المتوسطة لفن المسرح، وظهر مؤلفون وممثلون ومخرجون ومنتجون عرب ومصريون.

في أوائل القرن العشرين بدأت تتبلور ملامح خاصة بالمسرح العربي، وانجذبت الطبقة المتوسطة لفن المسرح، وظهر مؤلفون وممثلون ومخرجون ومنتجون عرب ومصريون

وعندما دخل أمير الشعراء أحمد شوقي ميدان المسرح الشعري عام 1927 بمسرحيته "مصرع كليوباترا" تأكد دور المسرح في الحياة الأدبية، فنا قائما بذاته.

ونجح توفيق الحكيم بإدخال المسرح المصري إلى العالمية عندما ظهرت مسرحيته "أهل الكهف" عام 1933، ثم توالت مسرحياته القوية بعد ذلك، كما ظهر كتّاب مسرح نجحوا في بلورة فن مسرحي عربي خاص يجمع بين التراث والواقع.

وأصبح فن المسرح من أهم الفنون الأدبية في مجتمعنا، وتوجه اهتمام معظم الأدباء والكتاب نحوه، وبات هو الفن الذي يمنح شهرة أكثر من غيره من الفنون الأدبية.

وظائف المسرح
ويشير المؤلف إلى أن وظائف الأدب هي نفسها وظائف المسرح، وهي: التسلية، وحفظ التراث، ووظيفة تعليمية، وأخرى أخلاقية، وخامسة اجتماعية، والتسلية هنا شديدة الأهمية، لأنها البوابة لباقي الوظائف، وهي لا تتحقق إلا بتجويد الفن ذاته حتى يمكن كسب القارئ أو المشاهد ليتقبل العمل الفني أو الأدبي.

ويستعرض الكتاب ثلاث مسرحيات نثرية، وهي: "السلطان الحائر" لتوفيق الحكيم، التي تتحدث عن الصراع بين السيف والقانون، وهي المشكلة التي يواجهها الحاكم أو السلطة، ومسرحية "أهل الكهف" للحكيم أيضا، وتعتمد على فكرة الصراع بين الإنسان والزمن، وهل يستسلم الإنسان أم يقاوم؟

والمسرحية الثالثة "الزير سالم" للكاتب ألفريد فرج، وتتحدث عن سيرة المهلهل سيد ربيعة، الشاعر والفارس المعروف قبل الإسلام، كنموذج للمسرحيات التي تتحدث عن سيرة شعبية.

ويتناول المؤلف بدايات المسرح الشعري مع نهاية القرن الـ19، وأبرزها مسرحية "علي بك الكبير" التي كتبها شوقي (1893)، و"البخيلة" (1907) ثم "مصرع كليوباترا" (1927)، وهو ما يجعله رائدا للمسرح الشعري.

كما يقدم تحليلا لمسرحيتين، هما: "مجنون ليلى" لشوقي، و"ليلى والمجنون" لصلاح عبد الصبور.

المصدر : الجزيرة