بيروت بحلتها القديمة.. حنين إلى العصر الذهبي

علي سعد-بيروت

اختلطت العراقة بالكثير من حداثة بيروت في شارع "بلس" الذي يعد من أبرز الشواهد على أيام الزمن الجميل الذي عاشته عاصمة لبنان في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. هذا الحدث الفني الذي نظمته مؤسسة "أوف بيت برودكشن" بالتعاون مع عدد من الجمعيات اللبنانية مؤخرا، أقيم تحت اسم "بيروت فلاش باك" وولد مزيجا ساحرا ومؤذيا في الوقت نفسه.

سحر بيروت الستينيات أبهر الكثير من الحضور خصوصا جيل الشباب الذي رأى نموذجا حيا من زمن يفصل بينه وبين التعرف عليه حربا مدمرة قضت على معظم إرثه وشوهت المدينة، والتي أبت إلا أن تعود ولكن بشكل جديد أكثر حداثة وسطحية في الوقت عينه، كما يصفها البيروتي العتيق جان ماك كاسيا.

ويروي كاسيا ابن الأشرفية التي تبعد مرمى حجر عن وسط المدينة أو ساحة البرج كما كان يُطلق عليه حينها، كيف كان الناس يتقاطرون إلى هذه الساحة ليشهدوا سحر الحياة الذي تعيشه في خليط من جميع المناطق والفئات الاجتماعية، وهو أمر بات يفتقده الوسط اليوم.

ذكريات
ويضيف كاسيا، الذي دمعت عيناه وهو يتكلم عن رحلاته اليومية سيرا على الأقدام إلى مقاهي بيروت ودور السينما، أنه عندما كان يُجبر على مغادرة المدينة كان لا ينفك يفكر بالوقت الذي سيعود فيه، إذ لا مكان له أجمل منها، ولكن اليوم بات يغادر غير آبه متى يعود.

‪عشرات اللبنانيين تعرفوا على قصص من تاريخ المدينة القديمة لبيروت‬ (الجزيرة)
‪عشرات اللبنانيين تعرفوا على قصص من تاريخ المدينة القديمة لبيروت‬ (الجزيرة)

ومثل كاسيا عشرات المسنين الذي عايشوا بيروت في ذلك الزمن، ساروا في شارع بلس وتأملوا صور المدينة القديمة، ومنهم من اصطحب أولاده وروى لهم قصص كل صورة من الصور التي علقت في الشارع.

حضور الشباب كان طاغيا، كثيرون منهم ممن تحدث للجزيرة نت أبدوا إعجابا بتاريخ مدينتهم، ولكن دون أي حنين أو رغبة بإعادة إحياء تلك الأيام، ربما لأنهم لم يدركوها، ولولا الصور وقصص الأهل لما سمعوا بها يقول محمد للجزيرة نت. ويتابع "بيروت التي نعرفها هي الموجودة اليوم بكل تفاصيلها، وأنا على عكس والدي سعيد فيها وأحبها كثيرا".

معالم
وحضر خلال نشاط الأمس قطار الترامواي ومسرح البيكاديلي ومقهى "الهورس شو" وفندق فينيسيا، وهو من المعالم القليلة المتبقية من تلك المرحلة، فيما ارتدى بعض الحضور ملابس من أزياء الستينيات والسبعينيات.

وقالت مديرة التسويق في فندق فينسيا ماري شويري إن الحضور تفاعل كثيرا مع الصور التي علقتها إدراة الفندق لتغني النشاط، خصوصا تلك التي احتضنت الممثل المصري عمر الشريف، والممثلة الغربية الشهيرة بريجيت باردو.

وأضافت شويري للجزيرة نت أن الهدف من المشاركة هو تذكير الذين عايشوا تلك الفترة بأيامها الجميلة، وتعريف جيل الشباب على جزء منير من تاريخهم الذي كان الفندق شاهدا عليه. ولفتت إلى أن فينيسيا سيقوم استكمالا لهذا النشاط بإعادة إحياء لائحتي طعام كانتا تقدمان في أحد مطاعمه في تلك الفترة.

وكان أيضا لافتا حضور تلفزيون لبنان الذي كان من صناع ذلك العصر الذهبي بمعدات تصويره القديمة وآلات هندسة الصوت التي لم تعد تستعمل في هذه الأيام.

التلفزيون
وشرحت المخرجة في تلفزيون لبنان فيروز المصري رحلة صناعة التلفزيون التي كان تلفزيون لبنان رائدا فيها في الستينيات والسبعينيات عندما لم يكن هناك غيره في الساحة، مؤكدة في تصريح للجزيرة نت أنه كما خرج جيلا إعلاميا وفنيا ذهبيا سيعود إلى نشاطه وإلى تخريج الأجيال.

وألقت المصري، التي وقفت وإلى جانبها كاميرا بحجم كبير ووزن يحتاج إلى شخصين على الأقل لحمله، الضوء على مراحل تطور صناعة الصورة منذ بدايات تلفزيون لبنان وحتى عصرنا الحالي، مشيرة إلى اندهاش الزوار وفضولهم للتعرف على تلك المعدات القديمة.

المصدر : الجزيرة