فيلم "فقدان شاليط" وآفاق سينما المقاومة

احد المشاهد من فيلم "فقدان شاليط" الذي تعكف على انتاجه شركة فلسطينية محلية بالتعاون مع وزارة الثقافة
undefined

أحمد فياض-غزة

 
يشكل الفيلم الروائي "فقدان الجندي شاليط" إحدى المحاولات الفلسطينية الذاتية الساعية لمراكمة إنتاج سينمائي يبرز جانبا مهما من صور مقاومة وصمود الشعب الفلسطيني، في ظل غياب بيئة فلسطينية سينمائية قادرة على استيعاب هذا النمط من الأعمال الفنية.
 
ويجسد الفيلم وقائع عملية أسر الجندي جلعاد شاليط صيف 2006 والبيئة المرافقة لعملية الأسر على الأرض في قطاع غزة، وتعرض السكان الفلسطينيين لانتهاكات قوات الاحتلال الإسرائيلي.
 
ورغم أهمية الفيلم -الذي تعكف على إنتاجه إحدى الشركات الفلسطينية المحلية بالتعاون مع وزارة الثقافة والشباب بالحكومة الفلسطينية المقالة- فإن ما سبقه من أفلام جسدت ذات الروح لم تشق طريقها لدور عرض السينما العربية، وهو ما يطرح تساؤلا مهما حول الأسباب الكامنة وراء ذلك.

ويعزو الممثل الفلسطيني عرفات بعلوشة أسباب غياب السينما الفلسطينية المقاومة إلى تشتت المواهب الفنية الفلسطينية في شتى أصقاع الأرض، والاختلاف السياسي بين الفصائل الفلسطينية في الداخل، وهو ما قاد إلى التشويش على مخرجات الأفلام الروائية المنتجة وتغليب وجهات نظر فصيل بعينه على حساب هدف إظهار تجربة المقاومة الفلسطينية ككل.

‪بعلوشة: غياب السينما الفلسطينية يعود لتشتت المواهب الفنية والاختلاف السياسي‬  (الجزيرة)
‪بعلوشة: غياب السينما الفلسطينية يعود لتشتت المواهب الفنية والاختلاف السياسي‬  (الجزيرة)

غياب الاستثمار
ومن واقع تجربة بعلوشة -وهو من لعب دور بطل فيلم يتناول قصة مقاوم فلسطيني قهر جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال سنوات الانتفاضة الأولى عام 1987- فإن ضعف الإمكانات اللوجستية والفنية وغياب الاستثمار في حقل صناعة السينما الفلسطينية يعتبر أيضا من بين الأسباب التي حدت من بروز السينما الفلسطينية المقاومة.

واعتبر -في حديثه للجزيرة نت- أن غياب المدارس والأكاديميات المتخصصة في صقل مواهب الممثلين  وتطوير قدرات المخرجين من بين الخطوات المهمة الواجب اتخاذها للارتقاء بالواقع السينمائي الفلسطيني.

لكن المخرج الفلسطيني مصطفى النبيه يعزو أسباب غياب السينما المقاومة إلى حالة القمع التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني من قبل الاحتلال، ويرى أن ذلك يحد من القدرة على الإنتاج الفني، لأن الأولويات تنصب على حاجات أكثر الحاحا وضرورة تكفل للفلسطيني سبل العيش والبحث عن الأمن والاستقرار.

ويرى أيضا أن حرص صناع السينما العربية ومنتجيها على تحقيق الكسب والربح السريع من خلال التركيز على الأفلام التي تتناول النواحي الغريزية كالحب والجنس حال دون الاهتمام بسينما المقاومة.
 
وذكر النبيه -في حديثه للجزيرة نت- أن الشعب الفلسطيني  يمر بمرحلة تستوجب الإكثار من إنتاج الأفلام الروائية والسينمائية لتغيير الصورة النمطية التي جسدتها التقارير الصحافية والأفلام الوثائقية التي تظهر الفلسطيني بأنه ضعيف ودائم الاحتياج للمساعدات، وتخفي تجارب الصمود والتحدي.

‪مهنا: كثير من الأفلام الفلسطينية يصنعها هواة ما يصعب بثها بالقنوات العربية‬ (الجزيرة)
‪مهنا: كثير من الأفلام الفلسطينية يصنعها هواة ما يصعب بثها بالقنوات العربية‬ (الجزيرة)

مبادرة
ودعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى تبنى مبادرة يجمع من خلالها كافة الفنانين والمبدعين في صناعة الأفلام الفلسطينية من الداخل والشتات، وخلق بيئة فلسطينية سينمائية جديدة تعزز سبل إنتاج أفلام روائية تعبر عن التجربة النضالية الفلسطينية الطويلة وتخاطب العالم بهذا النمط الفني غير المستغل جيدا.

من ناحيته، يرى الناقد الفني سعود مهنا -وهو عضو لجان تحكيم عدد من مهرجانات الأفلام العربية والدولية- أن ضعف عرض الأفلام الفلسطينية بالفضائيات العربية مرده إلى سببين: الأول الخشية من أن توصم هذه الفضائيات بدعمها لما يسمى الإرهاب، والثاني ضعف الإمكانات التقنية وضعف الخبرة الفنية للمشاركين والقائمين على إنتاج الأفلام الفلسطينية.

وأوضح أن كثيرا من الأفلام الفلسطينية المنتجة تكون لمخرجين وممثلين هواة، وهو ما يجعل من الصعب بثها في أي من القنوات العربية.

وللارتقاء بواقع السينما الفلسطينية، دعا مهنا -عبر الجزيرة نت- منظمة التحرير الفلسطينية إلى الاضطلاع بدورها على صعيد تشجيع السينما الفلسطينية، أسوة بما كان عليه الحال في سنوات السبعينيات وأن تبدأ من جديد بجمع تاريخ السينما الفلسطينية والأفلام الفلسطينية المشتتة في أصقاع الأرض وتأخذ على عاتقها دعم الفنان الفلسطيني ووضع خارطة لانطلاق قطار السينما الفلسطينية من جديد.

المصدر : الجزيرة