نصب الجواهري يثير حفيظة مثقفي العراق

نصب الجواهري من زاوية أخرى
undefined

علاء يوسف-بغداد

أثار نصب الجواهري في المركز الثقافي في شارع المتنبي ببغداد حفيظة المثقفين العراقيين نتيجة إساءته لشاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري بحسب تصورهم، داعين إلى إزالته أو إجراء تعديلات عليه تليق بمكانة الجواهري.

وقال النحات مجيد الصباغ الذي صنع نصب الجواهري في حديثه للجزيرة نت، إن النصب عبارة عن صورة جميلة للعراق من الشمال إلى الجنوب، واستوحى فكرته من الأصالة العراقية التي أنجبت العديد من الرموز من شعراء وأدباء وشيوخ.

وأضاف أن النصب يحتوي على ثمانية رموز، حيث تمثل الدلال عشائر العراق المتماسكة والتي تنبذ الطائفية وتقسيم العراق، واستطاعت تولي شؤون البلد خلال غياب القانون في بداية الاحتلال الأميركي عام 2003، وأن غطاء الدلة يمثل دور المرأة بنحت تجريدي. 

وأوضح أن مصب الدلال يرمز إلى نخيل العراق، بينما الطير الحر يرمز للحرية والسنبلة إلى الخير والعطاء، مؤكداً أن الشلال يمثل إقليم كردستان ويوحي بالجبال والأنهار. 

وأشار إلى أن عائلة الجواهري أبدت بعض الملاحظات حول العمل وطلبت منه إجراء تعديلات عليه، مضيفا أنه فنان هدفه توصيل ما يدور في ذهنه ولا ينبغي لأحد أن يملي أفكاره عليّه. 

مجيد الصباغ النحات الذي صمم النصب (الجزيرة نت)
مجيد الصباغ النحات الذي صمم النصب (الجزيرة نت)

لا تناسب
من جانبها، قالت بان الجواهري ابنة الشاعر الكبير في حديثها للجزيرة نت، إن الفنان يشكر على جهده الذي بذله في إنجاز النصب، إلا أن العائلة اعترضت عليه لأن ما هو موجود فيه لا يتناسب مع مكانة الشاعر، مبينةً أن الدلال هي رمز الأصالة العربية ورمز الصحراء والبداوة بينما الجواهري يمثل الشعر العراقي.

وأوضحت أن عائلة الجواهري أخذت موافقة شفهية من محافظ بغداد علي التميمي لإجراء تعديل على النصب لكن إلى الآن لم تجر أي تعديلات عليه، مؤكدة أن النحات الصباغ أبدى استعداده لإجراء تغييرات على النصب مما يعطي دلالة رمزية تليق بمكانة الجواهري.

واستبعدت رفع دعوى قضائية على مجلس محافظة بغداد والنحات في حال عدم إجراء تعديلات على النصب، كاشفةً أن النحات نداء كاظم يعمل الآن على إقامة نصب آخر للجواهري في إحدى ساحات العاصمة بغداد.

سعد المطلبي دعا لإجراء تعديلات على النصب تناسب مكانة الجواهري (الجزيرة نت)
سعد المطلبي دعا لإجراء تعديلات على النصب تناسب مكانة الجواهري (الجزيرة نت)

مسؤولية الخطأ
من جهته، قال عضو مجلس محافظة بغداد سعد المطلبي للجزيرة نت، إن النصب لا يليق باسم شاعر العرب الأكبر ولا بالعاصمة بغداد التي تمتلك تاريخا حافلا بالمنجزات، مؤكدا أن محافظة بغداد تتحمل هذا الخطأ. 

ودعا المطلبي إلى إجراء تعديلات على النصب كي يناسب مكانة الجواهري الكبيرة في نفوس العراقيين والعرب. 

رموز دخيلة
بدوره، قال النحات خالد مبارك في حديثه للجزيرة نت، إن النحات أساء للفكرة ولشخصية الجواهري عندما قام بإخراجها بهذه الصورة، والتي هي بعيدة عن المعايير الفنية والمستقبلية للعمل، ويجب أن لا تؤخذ الأمور المادية على حساب الفن وجماله على حد تعبيره.

وأضاف أن الأعمال الفنية لها خصوصية وموضوعية في الطرح ويجب الأخذ بنظر الاعتبار الجوانب الفنية والمعمارية والأكاديمية، مشيرا إلى أن النحات وضع نفسه في موقف محرج عندما قام بإدخال أشياء دخيلة على العمل مثل الفناجين والأحجار المبعثرة والدلال.

ودعا إلى إزالة الأشياء الدخيلة وتصميم التمثال على قاعدة حجر ويكون وحده لأن الجواهري شخصية مهمة في تاريخ الأدب العراقي، مؤكداً أن النقد عملية تربوية وتقويمية ولا يجب أن نلغي جهد الفنان. 

النحات خالد مبارك: الفنانون العراقيون المميزون جالسون في بيوتهم (الجزيرة نت)
النحات خالد مبارك: الفنانون العراقيون المميزون جالسون في بيوتهم (الجزيرة نت)

وأضاف أن النصب أقيم في مكان خطر وهو شارع المتنبي الذي يضم نخبة من المثقفين والأدباء الذين يتمتعون بذائقة فنية عالية، مما يجعله عرضة للنقد.

وأشار مبارك إلى أن العمل الفني أمانة تاريخية ولا يستطيع أحد أن يقحم نفسه إذا لم يكن أهلاً للمسؤولية. 

ولفت إلى أن مستوى النحت العراقي انحدر بشكل كبير خلال هذه الفترة، وغاب عنه البعد المستقبلي والأمانة الفكرية ولم تنجز الأعمال وفق معايير الفن.

وقال إن الفنانين العراقيين المميزين جالسون في بيوتهم وأعمالهم مكدسة.

المصدر : الجزيرة