أطفال غزة بعيون غربية وعربية

تمرد وامل بالمستقبل
undefined

توفيق عابد-عمان

يقال إن الصورة تغني عن مائة ألف كلمة بل مليون، إذ إنها تلعب دورا مهما في صياغة الأحداث والمواقف المرتبطة بالحروب كما هي الحال في الصور التي نشرتها الصحافة الأميركية عن حرب فيتنام وكذلك عن الصراع العربي الصهيوني وخاصة قيام جيش الاحتلال بتكسير أيادي أطفال فلسطين خلال الانتفاضة.

ومعرض صور "أطفال غزة" الذي افتتح مساء الثلاثاء في غاليري دار المشرق بالعاصمة الأردنية عمّان ويستمر حتى الـ26 من الشهر الحالي يحمل عناوين القضية الفلسطينية وهي القلق والغضب والاحتجاج والتمرد التي صقلت شخصية الفلسطيني وخاصة ابن غزة المحاصر من البحر والجو والصحراء.

ويشارك في المعرض -الذي يضم 19 صورة يتراوح سعرها بين 3900 وتسعة آلاف دولار أميركي- ثلاثة مصورين أجانب هم البريطاني أنتوني دورتين والأسترالي جيم مكفارلين والإيطالي جوزيف أكيلي إضافة للتشكيلي العراقي ضياء عزاوي بدعم من منظمة أنقذوا الأطفال في بريطانيا وذلك بهدف لفت أنظار العالم للطفل الغزي ومعاناته جراء عدوان 2008 والآثار التي تركها استخدام إسرائيل القنابل الفسفورية على الإنسان والبيئة.

خوف وغضب
وتركز الصور التي سيخصص ريعها لمساعدة أطفال غزة على الوجوه حيث ترتسم تعابير الخوف والقهر والغضب وتظهر الكثير من الندوب جراء التلوث الذي خلفته الاعتداءات الصهيونية المتواصلة على قطاع غزة.

‪مكفارلين: تعابير وجوه أطفال غزة لا تراها في وجوه نظرائهم بمناطق أخرى‬ (الجزيرة)
‪مكفارلين: تعابير وجوه أطفال غزة لا تراها في وجوه نظرائهم بمناطق أخرى‬ (الجزيرة)

وقال المصور الأسترالي جيم مكفارلين إنه جمع فلوسا ليصور أطفال غزة لتكون الصور وثائق لما يجري ضد الأطفال أمام العالم، وتحدث عن هدفين لمشاركته هما تعريف الناس بأوضاعهم وتقديم المساعدة.

وقال إنه لم يكن يعرف الكثير عمّا يحدث لأطفال غزة لأن الإعلام في أستراليا ليس قويا، ولكن عندما وصل غزة شاهد شيئا مختلفا إذ إن أعمار الأطفال أكبر من الحقيقة، ويسيطر عليهم القلق والخوف والتوتر، معتبرا أن تعابير وجوههم لا تراها في وجوه نظرائهم بمناطق أخرى.

وقال للجزيرة نت إن "كل وجه لديه قصة تحكى ومسؤوليتنا كمصورين إبراز قصصهم ليعرف العالم ماذا يجري في القطاع"، وقال إن أطفال غزة غير مختلفين عن نظرائهم في العالم ولديهم عائلات تحبهم وتخاف عليهم وتكافح لتوفير العيش الكريم لهم.

وعرج مكفارلين على السياسة وقال إنه يعرف أن ما يحدث في فلسطين خطأ ولا يرى طريقا للسلام أو إنهاء الصراع لأن الإسرائيليين قساة، معتبرا أن الحقوق الفلسطينية مهمة.

توثيق وذاكرة
أما المصور البريطاني أنتوني دورتين فبيّن أن معظم الصور توثق الضرر الذي ألحقه الإسرائيليون بأطفال غزة، وقال إنه وجد شيئين أثناء التصوير، الأول الفخر والغضب والثاني الصدمة من القصف الإسرائيلي المتواصل.

وقال "إذا حصرت أطفالا في سجن وقصفتهم بالقنابل فماذا ينتظرهم غير الأضرار النفسية وإذا دققت في صوري ستجد قوة وغضبا وأملا، معتبرا أن المأساة ستحدث في المستقبل لأن الأطفال هناك لن يكبروا بأمان .

‪أنتوني دورتين: إذا دققت في صوري ستجد قوة وغضبا وأملا‬ (الجزيرة)
‪أنتوني دورتين: إذا دققت في صوري ستجد قوة وغضبا وأملا‬ (الجزيرة)

ولفت إلى أنه التقط صوره ليعطي أطفال غزة صوتا، وقال إنه أحب غزة ولم يكن يريد مغادرتها ووجد أن أهلها مثقفون يعرفون عن شكسبير ويتحدثون عن السياسة بنضج ودراية.

ووفق ما قاله الفنان التشكيلي والشاعر محمد العامري فإن هذه التجارب امتداد للتجربة الفلسطينية التي عبرت عنها قسوة الاحتلال الإسرائيلي في العمل الفني المركب واللوحة التقليدية وصولا للرسم الغرافيتي "الرسم على الجدران".

عاطفة وحياد
وقال للجزيرة نت إن المعرض يمتلك مزاجين هما العاطفة الشرقية الحارة التي عاشت على الخطاب العربي السياسي ممثلة بالفنان العراقي ضياء عزاوي، وأخرى أوروبية تنظر بحياد عبر التعايش على المأساة ودراسة أثرها في ملامح أطفال غزة.

وواصل حديثه أن "العاطفة الغربية الصافية المحايدة التقت بالعاطفة الشرقية لتعكس خطاب المقاومة الفلسطينية وتعري بشاعة وقسوة الاحتلال الإسرائيلي".

وعلى الصعيد التقني يرى العامري أن الفنانين المشاركين قدموا عبر الوسيط الجديد الإلكتروني ممثلا بضياء عزاوي ووسيط الكاميرا الغربي رسالة الإنسان الفلسطيني للعالم.

أما التشكيلية هيلدا حياري فرأت أن "أطفال غزة" من أهم المعارض التي أقيمت بعمّان مؤخرا لأنه يحمل رسالة مختلفة إضافة إلى أن الفنانين الأجانب قدموا صورا دون إضافات وما يجمع الفنانين الثلاثة هو وجوه أطفال غزة المتعبة وما خلفه التلوث جراء الأسلحة التي استخدمتها إسرائيل بعدوانها 2008.

وقالت للجزيرة نت إن بشرة الأطفال غير نقية وتظهر عليها بقع سوداء وخاصة الفتيات ولكن رغم المعاناة هناك ابتسامة خلف الوجوه الشاحبة وثقة بالنفس وشعور بالفخر.

بدورها رأت التشكيلية خلود أبو حجلة أن المعروضات تركز على الوجوه التي تظهر بوضوح معاناة الطفل الغزي وظروف معيشته الصعبة، وقالت إنها لمست رغم البؤس الأمل في نظرتهم للمستقبل والغضب في عيونهم البريئة، مشيرة إلى أن هؤلاء هرموا قبل أوانهم.

واعتبرت المعرض رسالة لمن ينادون بحقوق أطفال العالم ليعرفوا أن براءة وحقوق أطفال غزة تنتهك يوميا جراء الممارسات الإسرائيلية.

المصدر : الجزيرة