نسخة عربية من قصص أوغستو مونتيروسو

غلاف كتاب الأعمال الكاملة و قصص أخرى
undefined
أصدر مشروع "كلمة" للترجمة التابع لهيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة كتابا جديدا بعنوان "الأعمال الكاملة وقصص أخرى" للكاتب الغواتيمالي أوغستو مونتيروسو (1921-2003) ونقلته إلى العربية عن الإسبانية المترجمة نهى أبو عرقوب.

يعد الكتاب واحدا من كلاسيكيات القصّة القصيرة الحديثة في القرن العشرين، وقد ضمن لمؤلفه مكانة مرموقة بين كبار كتّاب القصة في أميركا اللاتينية إلى جانب كل من خورخي بورخيس وخوليو كورتاثار وخوان رولفو، وجعل منه رائدا للقصة القصيرة جدا.

ففي كتابه الأول هذا والذي حمل عنوانا يؤكد سمة أساسية في عالمه القصصي ألا وهي المفارقة التهكمية، تتجلى السمات الكبرى التي ستميّز مجمل أعماله ومسيرته الأدبية اللاحقة: خيال جامح غذته قراءات أدبية معمّقة وبالغة التنّوع، من الأدب الإغريقي واللاتيني إلى كتّاب الحداثة الأثيرين لديه: جويس، وبروست، وكافكا، وفولكنر، مرورا بأدب العصر الذهبي في إسبانيا.

الجدية والسخرية
وتتميز كتابة مونتيروسو بالغنى والمزج الذكي بين الجدية العميقة والسخرية اللاذعة، ثم قدرته الكبيرة على توظيف المحاكاة الساخرة لنصوص كلاسيكية ومرجعيات أدبية وأسطورية راسخة في سبيل نقد النزعة الأكاديمية والتعبيرات النمطية في الكتابة.

إضافة إلى ذلك عرف عن مونتيروسو الجرأة في نقد الواقع الاجتماعي والسياسي، وذلك كله عبر تقنيات سرديّة حداثية متنوعة تقوم على التناص والميتا سرد وعلى لغة رصينة محكمة تفيد من تقنيات الحذف والإيجاز.

وإذا كانت السخرية هي السّمة الأبرز في رصد مونتيروسو للعديد من مظاهر "الكوميديا البشرية" عبر قصصه، فإن هذه السخرية لا تحيل في أي حال من الأحوال إلى موقف متعال لمثقف ينظر من برجه العالي إلى ضعف أمثاله من البشر وعثراتهم وأخطائهم وحماقاتهم.
 
فهو الذي انخرط سياسيا وناضل ضد الدكتاتورية في بلاده، وعاش جل حياته ومات في منفاه المكسيكي، يؤكد في أكثر من موضع أن ما يكتبه ينبع أساسا من شعور عميق بالتعاطف مع البشر ومن الإشفاق عليهم غير مستثن نفسه، كما أن الكثير من نصوصه، خصوصا تلك التي ينتمي أبطالها إلى عالم الكتابة والأدب، كقصته "الأعمال الكاملة" التي يختم بها هذه المجموعة، تعبر في حقيقتها عن هواجسه الشخصية ككاتب وعن شكوكه وتساؤلاته حول معنى الأدب ووظيفته وعلاقته بالحياة.
 

عرف عن مونتيروسو الجرأة في نقد الواقع الاجتماعي والسياسي، وذلك كله عبر تقنيات سرديّة حداثية متنوعة تقوم على التناص والميتا سرد وعلى لغة رصينة محكمة تفيد من تقنيات الحذف والإيجاز

رفض التقليد
في سعيه للتجديد، رفض مونتيروسو المفهوم التقليديّ للقصة القصيرة الذي كان رائجا بوصفها مادة للاستهلاك السريع تُقرأ ثم تُرمى، فعمل على كتابة قصة لا تستنفد من قراءة واحدة، ولا ترتكز على النهاية المدهشة التي عدها تقنية بالية. 

تأتي قصته حادّة مكثفة من أول سطر إلى آخر سطر فيها حيث لا تهم النهاية ولا الحكاية نفسها بل الطريقة التي تروى بها. وحيث السرد تفكيك للتقليد الأدبي، وخلطٌ للأجناس يستعصي معه النص المفتوح الذي يجمع التأمل الفكري والأسطورة والنكتة البلاغية وقصيدة النثر على أي محاولة للتصنيف.

وسيكون من السهل على قارئ "الأعمال الكاملة وقصص وأخرى" أن يعثر في بعض نصوص الكتاب على البذور الأولى لهذه النزعة التجريبية لدى مونتيروسو والتي جعلت منه واحدا من أبرز المجدّدين في الأدب المكتوب بالإسبانية.

يذكر أن المترجمة نهى أبو عرقوب، تسهم بترجماتها الأدبية عن اللغتين الإسبانية والفرنسية في عدد من الدوريات والصحف العربية. وقد صدر لها عن كلمة ترجمة كتاب "الكاتب والآخر" عن الإسبانية لكارلوس ليسكانو.

المصدر : الجزيرة