سعيد الرغاي.. الخط في مغامرة التشكيل

إحدى لوحات اللتشكيلي المغربي سعيد الرغاي
undefined
نزار الفراوي-الرباط
 
يعدّ سعيد الرغاي أحد الوجوه المتميزة للحروفية المغربية الجديدة بمغامرته الفنية التي تدفع بجماليات الحرف العربي نحو محاورة أكثر جرأة وانفتاحا مع حركية التعبير التشكيلي. ويقيم الرغاي معرضا لجديد إبداعاته برواق وزارة الثقافة في العاصمة المغربية الرباط تحت عنوان "الحرف والتشكيل".

يقترح التشكيلي المنحدر من عائلة فنية عريقة ساهمت في تخليد مسار الخط العربي، لوحات تشتغل على الحرف حصرا، وأخرى تمزج بين الحرف والمادة التشكيلية المتخيّلة، مما يكرس هويته العميقة بوصفه فنانا يتجاور فيه الخطاط والرسام بانسجام وإثراء متبادل.

يقدم الرغاي من خلال أعماله الجديدة حروفية وتشكيلية شعرية وهندسية تتوسل باللون والمداد وتطفح بالضوء والظل، وتستعين بأدوات ومواد وخامات وتراكيب شديدة التنوع

اللون والمداد
في أعمال الرغاي -الذي أقام معرضه الأول عام 2008- يتجلى تأثير تراث المنمنمات الأندلسية المخلدة في التراث المعماري، كما ينفسح المجال أمام جرأة ومرونة ملفتة في اقتراح الأشكال وصنع الإيحاء بالحركة واللون وبالضوء والظل.

وفي تقديمه لهذا المعرض الذي يستمر إلى غاية 28 يونيو/حزيران الجاري، يكتب الناقد الفني أحمد العراقي "تختال حروف الخط الديواني بين التماثل والتراقص والتدوير والتقويس.. ويتكئ سعيد على الضرورة التشكيلية لتجاوز القواعد وتحوير أشكال الحروف لصياغتها في خلقة جديدة، تفيض بالجمالية والارتياح الروحي".

أما الباحث في فلسفة الجمال محمد الشيكر فيرى أن علاقة الرغاي بالحرف أعمق من مجرد علاقة وظيفية أداتية، بل هي "علاقة رمزية مركبة، يحضر فيها الراهن بممكناته الفنية والتاريخ بإيماءاته الباذخة وتراثه السيميائي والجمالي. إن الحروف تتمفصل لتولد المعنى وتصنع عوالم فنية لافتة، تطالعنا عبر نسيج من الخطوط والتوليفات والهندسات التي لا حد لتناسلها".

ويخلص الشيكر إلى أن الرغاي يقدم من خلال أعماله الجديدة حروفية وتشكيلية شعرية وهندسية تتوسل باللون والمداد وتطفح بالضوء والظل، وتستعين بأدوات ومواد وخامات وتراكيب شديدة التنوع، لتشرع الحرف العربي على فضاءات أخّاذة.

الرغاي نموذج لفنان يستلهم التراث الروحي والمقومات الفنية للخط العربي التقليدي دون أن يقف عند اجترار جمالياتها

مقاربة تشكيلية
إنها خصائص تشكيلية ومقاربة فنية تجعل سعيد الرغاي في شريحة الفنانين الطليعيين الذين يجددون التراث الحروفي العربي من خلال علاقة ذات نفس تجريبي بين القلم والريشة.

إنه نموذج لفنان يستلهم التراث الروحي والمقومات الفنية للخط العربي التقليدي دون أن يقف عند اجترار جمالياتها، بل يغوص في مجازفة الحوار الخلاق مع عوالم التشكيل وحرية الخيال والتجريب وجاذبية اللون في إطارها.

وفي مقاربته هذه، يبدو الرغاي متحركا على إيقاع المهرة المعاصرين من الصناع التقليديين المغاربة، الذين بقدر ما يخلّدون تراثا تليدا في مضامير الخشب والسيراميك والجبس والفسيفساء، بقدر ما يقبلون على تجديد الأشكال والصيغ بلمسة حديثة تفسح للتاريخ مجالا رحبا للسكن بكل جلال وانسجام في الحاضر.

جدير بالذكر أن سعيد الرغاي، الذي يبلغ من العمر 37 عاما، أقام على مدى خمس سنوات من الوجود بخطى واثقة في المشهد الحروفي المغربي ستة معارض فردية وشارك في عدة معارض جماعية داخل وخارج المغرب وخاصة في فرنسا وإيطاليا.

المصدر : الجزيرة