يحيى حوى.. صوت يهز عرش المستبد

حوى غنى للثورة وألهبت كلماته الساحات والشوارع
undefined

 سيد أحمد الخضر-الدوحة
 
قبل ثلاثين عاما قتل الأسد الأب والد الفنان يحيى حوى في مجزرة حماة الشهيرة، فأجبر الصبي على المنفى قبل أن يكمل حوله السادس، ليشب بعيدا عن أهله وعشيرته. لكن يحيى عاد ممتشقا سلاح الموسيقى الناعم صوتا ثائرا، مدويا ومنحازا إلى الثورة السورية منذ اللحظات الأولى لانطلاقتها، ومنشدا للحرية والكرامة، وبات صوته المجلجل كابوسا ينغص حياة الأسد الابن.
 
فمنذ اندلاع الثورة في تونس، بدأ حوى عن بُعد يحث الشارع السوري على الانتفاضة في وجه نظام الأسد، فغنى "الشعب السوري ما بينذل، و"قالو لي إني إنسان حر جبيني ما بينهان".
 
حاملا قوة الصوت وسلاح الكلمة والنغم، تجول حوى في المناطق المحررة ليرفع معنويات الثوار، وغنى للحرية والكرامة، فكانت كلماته شرارة تلهب جبهات القتال، وتعاويذ تهدئ من روع أهالي الأسرى والشهداء.
 
‪يحيى حوى: الفن يحمل رسالة‬ (الجزيرة)
‪يحيى حوى: الفن يحمل رسالة‬ (الجزيرة)

الكلمة المناضلة

وفي حديث للجزيرة نت يقول حوى إنه انحاز إلى لون الحرية وطعم الشهادة، ولم يعبأ بالتقسيمات الطائفية والعرقية التي حجّمت من دور الفنانين وجعلتهم تبعا للسياسة في كثير من البلدان.
 
ويرى حوى أن الفن يعلو شأنه أثناء المنعطفات الحرجة في تاريخ الشعوب، لكونه يحمل رسالة تستوعبها الجماهير بمختلف شرائحها ومستويات وعيها، مما يجعل الفنان لا يقل أهمية عن السياسي والكاتب.
 
وبما أن العاطفة الشعبية غالبا ما تتفاعل مع الفن، فإن استثماره في تحريك الوعي واستنهاض الأمة نحو التحرر يعد واجبا وطنيا يجب أن يستحضره الفنان الصادق في وطنيته المتفاعل مع قضايا أمته، كما يقول الفنان السوري الثائر.

وعبر أكثر من مائه فعالية في المناطق المحررة من سوريا والعالم العربي وأميركا وأوروبا، تمكن حوى من بث الحماس في صفوف الشباب السوري وجعله يردد أغاني تتوزع مفرداتها بين التضحية والبسالة في وجه الاستبداد.

وينبه حوى -الذي يعمل سفيرا إنسانيا لهيئة الأعمال الخيرية البريطانية- أنه تفرغ بشكل كامل لنصرة الثورة، حتى إنه أمضى مائتي يوم خارج بيته يتجول بين مخيمات اللجوء والنزوح.

ويؤكد صاحب "حرة، حرة" أن النظام السوري انزعج من أغانيه الملهبة لحماس الثوار، وقد تلقى تهديدات كثيرة من قبل النظام وشبيحته، لكنه لم يرضخ، وأصر على أن تبقى حنجرته تصدح بالحرية وتفضح الظلم والقمع والاستبداد.

"
يحيى حوى:
الإنسان السوري لن يغفر للفنانين الذين وقفوا إلى جانب الأسد لأنهم خانوا المسؤولية بسكوتهم عن إراقة دماء الأطفال والنساء

بلبل الثورة
ويتوقع حوى الذي بات يلقب ببلبل الثورة السورية، أن تبور بضاعة الفنانين الذين ساندوا النظام فخانوا رسالة الفن وتخندقوا مع الاستبداد، لأن الفنان يكتسب قيمته من تفاعل الجمهور معه، وعليه أن ينحاز إلى قيم العدل والتحرر واحترام حقوق الإنسان.

ويقول إن الإنسان السوري لن يغفر للفنانين الذين وقفوا إلى جانب الأسد، لأنهم خانوا المسؤولية بسكوتهم عن إراقة دماء الأطفال والنساء.

ويأسف حوى لأن الفنانين العرب لم يخدموا الثورات في بلدانهم ولم يكونوا عنصرا فاعلا في عملية التغيير، حيث ساير بعضهم الأنظمة واكتفى آخرون بالتفرج على المشهد دون أن يساهموا بالتأثير فيه.

من جانب آخر، يرفض حوى فكرة الانتماء إلى تيار سياسي معين في سوريا لأن الفنان يعتنق قيما مطلقة وصاحب رسالة موجهة لكل الناس بغض النظر عن مشاربهم الفكرية وانتماءاتهم العقدية، حسب تعبيره.

ولعل ما يثلج صدر حوى أن حلم الوحدة لم يذبل في الوجدان العربي، حيث تداعت شعوب المنطقة إلى نصرة السوريين، حتى إن "الفلسطينيين والمصريين نسوا مشاكلهم من أجل الوقوف معنا مما يدل على أن القضايا الكبرى توحد الجماهير من مختلف البلدان".

رزنامة أحلام حوى كانت تزدحم بالمشاريع والخطط المستقبلية كما يقول، لكن اندلاع الثورة السورية جعله يختصر كل آماله في حدث واحد هو "سقوط الأسد وأزلامه وانبلاج فجر سوري جديد لا مكان فيه للقمع والاستبداد".

وإذا ما أنجز الشعب السوري ثورته وتخلص من حكم عائلة الأسد، فإن حوى ينوي التركيز في أغانيه على إعادة اللحمة إلى الشعب والتعالي على التقسيمات الطائفية والمذهبية في سوريا التي عرفت على مر التاريخ بأنها حاضنة لجميع الديانات والقوميات.

المصدر : الجزيرة