"خارطة للذات والهوية".. الشارع فنا

الإطارات واحدة من لوحات المعرض.jpg
undefined

أحمد الشريقي-الدوحة

تحيل الفنانة المكسيكية بتسابي روميرو الشارع بأشيائه القديمة، وأطر عجلات ملّت السير على الطرقات وجذوع أشجار يابسة ولعب أطفال أيضا، تحفا فنية ولوحات تشكيلية تملأ قاعة معرضها المقام في العاصمة القطرية الدوحة الذي افتتحه وزير الثقافة والفنون حمد بن عبد العزيز الكواري.

وإذ تختار روميرو تقنيتها الفنية تلك لرسم لوحات معرضها الذي حمل عنوان "خارطة للذات والهوية" -في إشارة لا تخلو من تهكم-, فإن روميرو تشير إلى أن ما يشكل الهوية هو مدى وضوحها والتصاقها بمفردات البيئة نفسها.

وتغاير روميرو بذلك نهجا تم الاعتياد عليه من تعريف الهوية على أنها استلهام الواضح وتحويله إلى عمل يتسم بالغموض بسبب من ضبابية الهوية نفسها، متخذة من الشارع مرآة لتأمل الذاكرة وما قد يكون نسي من ملامحه أيضا باعتباره مسرحا لتحولات الإنسان وحياته.

بيد أن لوحات الفنانة المكسيكية -وإن توسلت مفردات الشارع والبيئة الواضحة- لا تخلو من لمسة تجريد موظف بعناية عبر ضربات فرشاتها على هياكل السيارات تارة وعلى العجلات والستائر والخشب تارة أخرى، وزخرفة على القماش لزهور وورود لونت بعناية.

وفي أعمالها سواء تلك التي تعتلي حوائط قاعة معرضها بالحي الثقافي بكتارا أو تلك المعروضة في صالات عرض عالمية، تحيل الحياة المكسيكية المعيشة في بلدها إلى كرنفال فني، ومرآة يرى فيها الإنسان المعاصر تحولات هويته، ومساراته الحياتية يعيشها ويتأملها فنا ولوحات أيضا.

وزير الثقافة والفنون حمد الكواري افتتح المعرض بالحي الثقافي (كتارا) (الجزيرة نت)
وزير الثقافة والفنون حمد الكواري افتتح المعرض بالحي الثقافي (كتارا) (الجزيرة نت)

هياكل المجتمع
تماهي الفنانة المولودة العام 1963 بين هياكل السيارات القديمة وهياكل المجتمع المعقدة، فكلاهما المجتمع والسيارة المتداعية قد أرهقا سيرا على خارطة الحياة، على أن ذلك بحسب الفنانة في تقديمها للوحاتها عبر كتيب تعريفي بالمعرض ليس محاولة لإنتاج قيم أخلاقية جديدة بل تقديم أعمال يتعرف عليها المتلقي بسهولة.

وبحسب الكتيب نفسه فإن روميرو ابنة زمانها كأنها تتطور من خلال تجاربها اليومية، وهي ترى في مدينتها مكسيكو سيتي المكتظة بالسكان والسيارات ما يشبه الإطارات المضغوطة داخل التاريخ أو أنه التاريخ المضغوط داخل الإطارات، مدموجا بين الحاضر والماضي، بين المعجزة والحادثة وهي تعبر عن ذلك بدورها بخطوط حادة وملونة.

وتأمل الفنانة -الحائزة على الجائزة الأولى لبينالي مونتيري العام 1994- أنه لدى مشاهدة تلك الأعمال من الجمهور يتلقى الإدانة الفنية للممارساته بشيء من فكاهة وسخرية وأيضا عبر ارتطامه بالحقائق التي تعرضها روميرو وإن بخطاب فني إبداعي "ينأى عن الوعظ ويقترب مما هو وظيفة للفن وهو الإدهاش والمتعة".

لكنها لا تخفي قلقها وهي تشكل خرائطها في الأفق بشكل مستمر ودوري على مسارات مختلفة أن يؤدي ذلك في بعض الأحيان إلى طريق مسدود.

الفنانة روميرو تعد واحدة من أكبر الفنانات في أميركا اللاتينية, درست الفنون الجميلة وتاريخ الفن في المكسيك، وشاركت في العديد من المعارض الفنية في أميركا اللاتينية وأوروبا وأميركا، وحصلت على عدة جوائز من بيناليات عالمية.

كما عرضت أعمالها في "صالون باريس" ومعرض "أرموري شو" بنيويورك، وبينالي "هافانا" والكثير من معارض دول العالم وحصلت على العديد من الجوائز العالمية بينها بينالي القاهرة العام 2006 كما توجد أعمالها ضمن مقتنيات كبرى مثل البنك الدولي بواشنطن ومتحف الفن المعاصر بهيوستن.

المصدر : الجزيرة