أزمة القراءة والكتاب بمعرض القاهرة

جانب من دور العرض في اليوم الأول لافتتاح معرض القاهرة الدولي للكتاب
undefined

 تبقى أسئلة القراءة وتراجع الإقبال على الكتب خاصة على هامش المعارض الكبرى مطروحة بشدة سواء على المستوى العربي أو العالمي مع وجود متغيرات وتحديات تبحث عن حلول وطموحات في خروج الكتاب من أزمته منتصرا.
 
وفي هذا السياق نظم معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي يختتم فعالياته غدا ندوة عن أزمة القراءة من الثقافة المكتوبة إلى الثقافة الرقمية بغرض مقاربة الأزمة ومحاولة إيجاد حلول لظاهرة العزوف عن القراءة.
 
وإذا كان البعض يتخذ من الاحتقان السياسي سببا لركود حركة البيع والشراء داخل أجنحة معرض الكتاب بدورته الـ44 فضلا عن قلة عدد الحضور في الندوات الفكرية والأدبية، فإن الأزمة تبدو أبعد وأعمق من هذا السبب الوقتي أو الظرف الآني.

ووفقا لدراسة أصدرها مؤخرا مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في مصر بعنوان "ماذا يقرأ المصريون؟" فإن نسبة تصل إلى 88% من الأسر المصرية لا يقوم أي من أفرادها بقراءة  أي نوع من الكتب باستثناء الكتب المدرسية.

وتشير الدراسة إلى أن نسبة قدرها 76% من الأسر لا تقوم بقراءة الصحف والمجلات على الإطلاق، أما عدد الأسر التي يقوم أحد أفرادها بممارسة القراءة تقدر بنحو 2.2 مليون أسرة منهم نحو 5.1 ملايين ليس لديها مكتبة بالمنزل. وضمن الفئة القارئة فإن نسبة قراء الكتب الدينية تصل إلى 79%، وتليها العلمية ثم الأدبية وأخيرا الكتب ذات الطابع السياسي.

‪48% من الشباب المصري تأتي القراءة في المرتبة الثالثة من اهتماماتهم‬  48% من الشباب المصري تأتي القراءة في المرتبة الثالثة من اهتماماتهم (الجزيرة)
‪48% من الشباب المصري تأتي القراءة في المرتبة الثالثة من اهتماماتهم‬  48% من الشباب المصري تأتي القراءة في المرتبة الثالثة من اهتماماتهم (الجزيرة)

أولويات الحياة
وبين أجنحة معرض القاهرة الدولي للكتاب وجنباته لن تختلف إجابات وتعليقات بعض الرواد كثيرا عما ورد في تلك الدراسة حول أسباب عدم الإقبال على القراءة، حيث رأت نسبة بلغت 72% من العينة أن "السبب هو أولويات الحياة" يليه "انخفاض مستوى الدخل وارتفاع أسعار الكتب".

ووفق تقرير لوزارة الصناعة فإن فاتورة واردات العام الماضى ارتفعت إلى 353 مليار جنيه (نحو 53 مليار دولار) بنسبة قدرها 18% عن عام 2011 بينما لم يزد نصيب الإنفاق على الكتب في هذه الفاتورة على واحد فى الألف.

وأوردت الدراسة بهذا السياق أرقاما دالة، من بينها أن نسبة 48% من الشباب المصرى بالفئة العمرية من 15-29 عاما تأتي القراءة بالمرتبة الثالثة ضمن هواياتها، كما أظهرت أهمية المكتبات العامة لأن نسبة تصل 61% من بين هذه الفئة تعتبر الاستعارة من المكتبات المصدر الأساسي لقراءة الكتب.

ويفسر الشباب مسألة عدم الاقبال على القراءة الحرة بشكل عام إلى عدم تشجيع الأسرة وكثرة القنوات التلفزيونية ثم كثرة الأعباء المدرسية. وتبين الدراسة أن 27% من الشباب الذين يقومون بالقراءة يخصصون جزءا من دخلهم الشهري لشراء الكتب، ويبلغ المتوسط نحو 34 جنيها شهريا (نحو خمسة دولارات) 

ولا شك أن تحسن الأوضاع الاقتصادية وارتفاع مستويات المعيشة أمر يمكن أن يسهم في حل أزمة القراءة وزيادة قاعدة القراء، لكن السؤال: كيف يتأتى للمواطن المحدود الدخل تلبية المتطلبات الأساسية لعائلته والحاجة للقراءة في ظل ارتفاع أسعار الكتب؟ وسؤال جوهري آخر هو: هل أزمة قراءة أم أزمة ارتفاع أسعار القراءة؟

 "
الجيل الجديد يقرأ على (الآيباد) ويتلقى المعلومات من مصادر جديدة غير الكتاب المطبوع وهذا هو المهم

أزمة الثقافة
ويشير رئيس اتحادي الناشرين المصريين والعرب عاصم شلبي إلى أهمية العامل الاقتصادي في أزمة القراءة، مشيرا إلى أن سوء الوضع الاقتصادي لا يجعل الكتاب من أولويات الحياة.

ويؤكد شلبي أن مصر تنتج نسبة تتجاوز 85% من الكتب في العالم العربي وأن السبيل لصنع "مجتمع قارىء" يتمثل في قيام الأسر بتنمية عادة القراءة لدى الأبناء واهتمام مؤسسات التعليم بالمكتبات وتيسير سبل الاستعارة والتوسع في إنشاء المكتبات العامة.

ويلاحظ أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة عمرو حمزاوي بالندوة أن مصر الثورة لم تؤسس أي مراكز جديدة  للبحث السياسي، وهي ملاحظة تنسحب أيضا على دور النشر ومؤسسات الكتاب وعدد المكتبات العامة التي لم يطرأ عليها أي تغير جوهري إيجابي منذ ثورة 25 يناير.

ويضيف حمزاوي "إننا لم ننتقل لمناقشة ملفات هامة مثل مناقشة إصلاح التعليم والصحة وغير ذلك من الخدمات، فيما يبقى ملف الثقافة من أهم الملفات التي يتعين بحثها بعمق وبعيدا عن الاستقطاب المقيت، كما هو الحال في الشأن السياسي."

وبينما تحدث الروائى محمد المنسي قنديل في الندوة عن متعة القراءة والكتابة وكيف أن الكاتب يشرك القارئ في عالمه الخاص، أجاب الروائي خليل النعيمي عن سؤال حول اتجاه بعض الشباب في عصر الإنترنت للكتابة بدون قراءة بقوله "إن الجيل الجديد يقرأ على (الآيباد) ويتلقى المعلومات من مصادر جديدة غير الكتاب المطبوع، وهذا هو المهم".

لكن التطور الحاصل عالميا في مجال الكتب الرقمية لا يجاريه تطور على المستوى العربي في هذا الاتجاه قد يدفع بالقراءة إلى مجال أوسع وأكثر عصرية، إذ أن نسبة المنشورات الرقمية العربية ضعيفة إضافة إلى ارتفاع نسبة "الأمية الرقمية" وتردي الوضع الاجتماعي والاقتصادي للطبقة الوسطى الأكثر عددا والتي تعد الفئة الكثر إقبالا على القراءة والمعرفة.

المصدر : وكالة الشرق الأوسط