زوابع السياسة والفن في "حب" فيروز لنصر الله

epa01163301 Lebanese famous singer Fairouz performes her play (Sah Al-Naoum) during the first Day show at Irina hall in Amman, Jordan, 02 November 2007. Thousands of Jordanians and Arab people attend the play. EPA/RAMZI HAIDER / POOL
undefined
علي سعد-بيروت
 
إذا كانت مشاعر الحب لسياسي أو لمقاوم أو لشخص ما هي جزء من حرية التعبير التي يمارسها كل إنسان بملء إرادته حتى لو كان وجها اجتماعيا بارزا أو فنانا أو ممثلا، فهناك من يعتقد أن زياد الرحباني قد سلب عن قصد أو عن غير قصد هذا الحق من والدته عندما أعلن أنها "تحب أمين عام حزب الله حسن نصر الله".
 
ولطالما التزمت فيروز الصمت في هذه الأمور، ومجّدت الأوطان عندما غنّت للقدس وبيروت ودمشق وكثير من الدول العربية، وشكلت مساحة نادرة يلتقي عليها اللبنانيون المنقسمون سياسيا بشكل عامودي.
 
وكانت الكلمات القليلة التي أدلى بها زياد لموقع "العهد" الإخباري المرتبط بـ"حزب الله" كافية لإثارة زوبعة فنية سياسية كان على الأرجح يتوقعها الفنان زياد الرحباني حين قال "فيروز تحبّ السيد حسن كثيرا، مع العلم أنها ستعتب عليَّ كما المرة الماضية عندما ظهرت في مقابلة تلفزيونية، وكشفتُ عن بعض الامور الخاصة بها وقاطعتني حينها".
 
ضحى شمس:
الحملة على فيروز هي انعكاس لمدى تورم الخلافات لدرجة بتنا لا نستطيع فيها تحمل أن نسمع بعضنا. وتلخيص فيروز بأنها أصبحت من ضمن محور سياسي داخلي معين هو تبسيط أكثر مما يجب، وفيه سوء نية في الكثير من الأحيان
خلافات متورمة
وكما في كل حدث مشابه، اندفع مؤيدو نصر الله إلى وضع تصريح الرحباني في خانة حرية التعبير التي تسمح لسفيرة لبنان إلى النجوم (كما تسمى)بالإدلاء برأي سياسي، وبعضهم، وبينهم زياد اعتبر أن التهجم على هذا الموقف هو خدمة لإسرائيل، وانتشر وسم (هاشتاغ) على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان "فيروز أيقونة لبنان".
 
وتقول الكاتبة والمدونة ضحى شمس للجزيرة نت، "إن زياد هو الوريث الشرعي لفن الرحابنة وهو العمود الرابع بعد عاصي ومنصور وفيروز، ورغم أن هذا ليس أسلوب فيروز في التعبير، لكنه غالبا ما دعاها إلى الخروج من قوقعتها والتواصل مع الناس لأنها بتواصلها تحمل البساطة والوضوح، وهي تحب الصدق وهذه الصفة يتمتع بها نصر الله".

وتضيف شمس -وهي مستشارة إعلامية سابقة لفيروز- إن الحملة على فيروز "هي انعكاس لمدى تورم الخلافات لدرجة بتنا لا نستطيع فيها تحمل أن نسمع بعضنا"، مشددة على أن جمهور فيروز ليس لبنانيا فقط وأن "تلخيصها بأنها أصبحت من ضمن محور سياسي داخلي معين هو تبسيط أكثر مما يجب، وفيه سوء نية في الكثير من الأحيان".

وقالت المدونة اللبنانية إن المحبة لفيروز الرحابنة هي محبة لأشخاص أعطونا أشياء ملموسة أسعدتنا وعبرت عنا وعن مشاكلنا، والتهجم عليهم يجرحنا. وأشارت إلى أن فيروز غنت للقضايا الإنسانية العامة ولثورات الشعوب ولفلسطين والعروبة، ومن لا يؤمن بمثل هذه القضايا يستطيع أن لا يسمعها، كما تقول.

‪نصر الله رد على فيروز في خطابه الأخير دون أن يسميها بقوله
‪نصر الله رد على فيروز في خطابه الأخير دون أن يسميها بقوله "إذا واحد قال إنه يحب فلان تخرب الدنيا"‬ نصر الله رد على فيروز في خطابه الأخير دون أن يسميها بقوله "إذا واحد قال إنه يحب فلان تخرب الدنيا" (الفرنسية)

نصر الله يرد
من جهته، رد نصر الله في خطابه الأخير على فيروز من دون أن يسميها قائلا "وصلنا إلى مكان في بلد يريدون تشكيل حكومة حيادية، وإذا واحد قال إنه يحب فلان تخرب الدنيا.. ممنوع أن يحب أحد أحدا أو أن يحترم أحد أحدا، وليس مقبولا أن يكون هناك أحد في الوسط. هذا هو وضع البلد، لذلك يتم تصنيف الناس والهجوم عليهم وهتك حرماتهم".

وقوبل رد نصر الله ببث شريط على موقع "يوتيوب" يظهر خطابا قديما له يؤكد فيه حرمة الاستماع لكل الأغاني، حتى الوطنية منها، إذا كانت تتطابق مع أغاني "أهل الفسق". بينما وصل الحد بالبعض إلى اعتبار أن فيروز فقدت مكانتها الجامعة بين اللبنانيين.

ويشير الناقد الفني محمد حجازي إلى أن هناك رأيين فيما خص علاقة الفنانين بالسياسية، أحدهم يعتبر أن الفنان يجب أن لا يعبر عن آرائه السياسية منعا لخسارة جمهوره، فيما يعتبر الآخر أن التعبير حق للجميع.

ويضيف أن تعبير أي فنان عن رأيه هو حرية شخصية له لا شيء يمنعها، ورغم أن فيروز هي أيقونة ولطالما شكلت رمزا اقترن باسم لبنان، لكن هذا لا يمنع أن يكون لها رأيها الشخصي.

ويؤكد حجازي للجزيرة نت، أن فيروز التي من الصعب على أي أحد الاقتراب منها -كما يقول-كانت وستبقى دائما بعيدة عن الإدلاء بتصريحات، وكلام زياد كسر هذه العادة، لكنها ليست بمعرض أن تخسر شيئا من جماهيريتها.

وطالب مستقلون بترك فيروز تنعم بالسلام وعدم الزج بها في الصراع السياسي الداخلي كونها لم تتخذ يوما موقفا بجانب أي فريق سياسي. وكتب أحدهم ساخرا "إنه لم يعد يمكن أن نسمع فيروز على وسائل الإعلام صباحا، فإعلام حزب الله يحرّم الأغاني بينما إعلام 14 آذار يأخذ موقفا منها".

المصدر : الجزيرة