المكتبات العربية تتزايد في جيبوتي
ويقول يابي -الذي بدأ تجربته لأول مرة بإنشاء "مكتبة الهدى" وسط العاصمة مطلع عام 1995- إن المكتبات المحلية التي توفر الكتاب العربي شهدت تزايدا مطردا منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي، حيث بلغت اليوم عشرين مكتبة متفاوتة الأحجام والمحتوى بعد أن كانت ثلاث مكتبات فقط.
منافسة
بدوره، يقول عبد الرحمن محمد حسن الموظف في "مكتبة الفجر"، وهي من أقدم مكتبات العاصمة، إن التزايد المطرد للمكتبات العربية في البلاد "نتيجة طبيعية للارتفاع التدريجي لشأن اللغة العربية في جيبوتي، حيث باتت اليوم تنافس بقوة اللغة الفرنسية بعد أن خلت الساحة للأخيرة عقودا طويلة"، مشيرا إلى أن قيمة الكتاب الواحد "تتراوح بين خمسة ومائة دولار".
وأشار إلى أن للمكتبات بمختلف أنواعها دورا بارزا في النهوض بالشعوب ونشر المبادئ والقيم التقدمية، مضيفا أنها إحدى الروابط التي تحتوي على الماضي والحاضر.
ويرى جامع محمد عبسية، وهو صاحب مكتبة صغيرة في السوق المركزي بالعاصمة، أن السبب في تزايد انتشار المكتبات العربية في جيبوتي يعود إلى ما سماه "الإقبال الكثيف على تعلم اللغة العربية"، وعودة المئات من خريجي الجامعات العربية إلى البلاد، إضافة إلى تعمق الانتماء العربي لدى الشعب الجيبوتي.
فراغ
وأكد عبسية أن التعليم العربي "ازدهر بالفعل في العقد الأخير بفضل تزايد الاهتمام الحكومي به واستيعاب حملة الشهادات الجامعية في غالبية المؤسسات العامة على غرار خريجي الجامعات الفرنسية، وذلك على خلاف العقود الماضية".
كما ينبه إلى أن غياب المكتبات العامة التي تقدم خدماتها للجمهور بالمجان "أسهم أيضا في الانتشار السريع للمكتبات التجارية التي تسعى لسد هذا الفراغ ولتزويد طلبة العلم والمثقفين بأنواع العلوم والمعارف التي يحتاجون إليها".
بدوره، ينفي محمد إبراهيم حوش -الذي افتتح مكتبته قبل نحو عام- وجود عزوف كبير عن القراءة في جيبوتي، خاصة في صفوف ذوي الثقافة العربية، وذلك رغم إقراره بأن وسائل التواصل الاجتماعي قد ألهت البعض عن اقتناء "خير جليس" في الآونة الأخيرة.
وأوضح حوش أن محبي القراءة وتثقيف الذات يأتون إليه وأغلبهم من طلاب الجامعة والمعلمين مطلع كل شهر بعد قبض الرواتب لاقتناء الكتب الثقافية والفكرية وكتب العلاقات الاجتماعية، لافتا النظر إلى تراجع الطلب على الكتب المرجعية.
وبخلاف ما ذهب إليه جامع ومحمد يرى أبو بكر برة جيلة الموظف في وزارة الشؤون الإسلامية والثقافة والذي يميل إلى قراءة القصص والكتب الأدبية، أن الجيبوتيين لا يختلفون كثيرا عن شعوب البلدان النامية التي تنخفض فيها بشدة نسبة المقبلين على القراءة أيا كانت لغتهم وثقافتهم إلا في حالات استثنائية.
وأقر جيلة بتزايد المكتبات العربية في جيبوتي، مضيفا أن الإقبال على شراء الكتب لا يعكس بالضرورة واقع المقروئية، حيث إن العديد من القراء فاشلون يفتقرون إلى مهارات القراءة الصحيحة التي اعتبرها الوسيلة المثلى لتنمية المرء قدراته العقلية والمعرفية والاطلاع بعمق على تجارب وحضارات الأمم.