شوقي بزيع: الشعر مصاب بداء المفاصل
وقبل قراءة مختارات من دواوينه قال "كم أنا مغمور بالحب والامتنان والفرح في هذا الليلة العمّانية الدافئة"، معتبرا أن شهادته مجروحة بالأردن وعمّان، وقد زارها عشرات المرات ابتداء من مهرجان جرش للثقافة والفنون 1986.
وقال: ما بيننا يشبه ما بين التوائم، ضفتان للقلب.. لافتا إلى أنه لو كانت المدن تطوى على خد لوضع خد عمّان بيروت.
واعتذر عن إجراء حوارية مع الجمهور لأن لحظة الشعر يمكن أن يفسدها أي شيء بحسب رأيه، ولكنه داعبهم بقوله إن منظمة اليونسكو اعتبرت اللغة العربية مهددة بالانقراض وتساءل "لا أدري على ماذا اعتمدت المنظمة الدولية لتصل لهذه النتيجة!!".
وقرأ للجمهور قصيدته "سميت البراعم إخوتي"، ومنها نقتطف:
ألفت غيما للقصيدة داكنا
وكمنت للمطر المطل على المعاني
من علو شاهق
لكنني لم ألتمس نذر الشتاء
ولم أقع إلا على الشبهات
البيوت التي لا تكونين فيها
تضيق بجدرانها الموحشة
ومن قصيدته المهداة لفيروز في عيد ميلادها "78" نقتطف:
صوتها ضمة برق فوق نيسان
ليس صوتا بل نهارا مشمسا بين شتاءين
وأنصاف بحيرات وشلال خواتم.
كما قرأ بزيع قصائد حملت عناوين "الزهايمر" و"فراشات لابتسامة بوذا" وقصائد أخرى.
الشعر والتغيير
وفي حديث خاص للجزيرة نت، قال بزيع إن الشعر رغم انخراطه العميق في عملية التغيير إلا أن أدواته مغايرة تماما لأدوات التغيير السياسي، ولا ينتظرنَّ أحد من الشعراء أن يحدثوا زلازل وتصدعات في الجسم العربي لأنهم يغيرون الواقع ببطء شديد متصل بعملية التطور في الذائقة الجمالية والوعي في العالم وقضايا العدالة والحرية.
ويرى بزيع أن كل قصيدة حقيقية هي قصيدة مقاومة، أما الشعر الرديء فلا يمكن أن يكون مقاومة لأنه يعجز عن مقاومة موته الذاتي فكيف سيمنح الحياة لغيره.
بزيع و الأنثى
ويرى الأكاديمي الأردني إسماعيل السعودي الذي يعد أطروحة دكتوراه بجامعة مؤتة جنوب الأردن بعنوان "شوقي بزيع.. اتجاهات فنية وموضوعية"، أن شعره ذو إيقاع سلس وعبارة رشيقة، "فشوقي يستطيع أن يدخلك لحلقات الوجد الصوفي الجمالي بلمحة البصر، وبدفعة واحدة يستطيع أن يبلل قلبك بالماء الغامض والبرق الحزين".
وقال السعودي للجزيرة نت إن بزيع يتشرب التراث العربي والنص القرآني "بصمة الشعر وأسلوب الشعار"، ومضى إلى أن شاعر الجنوب ظل مخلصا للأنثى الأم والأرض والشهادة وكأنه يعيد مقولة "المكان الذي لا يؤنث لا يعوّل عليه" أو كأنه يحارب بأنثاه فعل الموت الذي ظل هاجس الشعراء منذ كتابة الشعر الأولى.
وتعليقا على ذلك، يرى رئيس جمعية النقد الأردنية السابق فخري صالح أن على القارئ والناقد أن يأخذا تجربة الشاعر في مجملها، فهو لا يقدم لجمهوره مختارات من شعره واضعا في حسابه ذائقة الجمهور واستجاباته، فالشاعر يرشو جمهوره أحيانا لكي يشد انتباهه لما يقرأ.
وقال للجزيرة نت أن أي شاعر يمر بمراحل متحولة، فيكون في شبابه متدفق المشاعر والأحاسيس، و"نلحظ أن شعر أحمد شوقي في مجموعاته الشعرية الأولى متدفقة ومتميزة واندرج شعره فيما يسمى حركة شعراء الجنوب اللبناني التي تشبه باندفاعاتها وحماستها شعر المقاومة الفلسطينية".
وتابع أن شعر بزيع التالي يميل للتأمل والحكائية والدوران حول بؤرة محددة، ممّا يجعل شعره أحيانا يبدو ذهنيا ألصق بالفكر.