الفن.. للتضامن مع اللاجئين الأزواديين

أغنية مشتركة بين فنانين موريتانيين وأزواديين
undefined

أمين محمد-نواكشوط
 
بينما ينشغل العالم بتطورات الأحداث الجارية في المنطقة الأزوادية ومآلات الأوضاع فيها بعد طرد الجيش المالي وسيطرة حركات مسلحة عليها، اختار فنانون موريتانيون وآخرون أزواديون أسلوب الفن للفت الانتباه إلى أوضاع عشرات الآلاف من أبناء ذلك الإقليم الذين أرغمتهم الظروف على اللجوء ونسيهم العالم.
 
"سهرة فنية ذات طابع خيري وإنساني" هي الأسلوب الذي اختاره هؤلاء الفنانون لمشاركة "إخوانهم اللاجئين" مرارة اللجوء، ومعاناة التشرد، وللفت أنظار العالم المنشغل بمآلات الأرض ومن يسيطر عليها، ومن يحكم فيها، عن مآسي الناس ومعاناة المهجرين بعيدا عن الأهل والديار.
 
الفنانة الموريتانية الطاهرة بنت النانة صاحبة المبادرة ومنظمة الحفلة الموسيقية تعتقد أن الفنانين يجب أن تكون لهم مشاركة وحضور في الأعمال الخيرية والإنسانية، وأن لا يعزلوا أنفسهم عما يدور في محيطهم من أحداث تؤثر على الناس من حولهم.
‪الفنانة الموريتانية الطاهرة بنت النانة تغني خلال السهرة الفنية‬ (الجزيرة)
‪الفنانة الموريتانية الطاهرة بنت النانة تغني خلال السهرة الفنية‬ (الجزيرة)

استجابة إنسانية
وترى في حديثها للجزيرة نت أن ما ترتب على الأحداث التي جرت الشهور الماضية في منطقة أزواد من تشرد لعشرات الآلاف من السكان وخصوصا نحو موريتانيا يفرض على الفنانين مشاركة هؤلاء الضعفاء معاناتهم، واستخدام سلاحهم الوحيد وهو الفن لجلب السعادة لنفوسهم، وإعادة البسمة إلى شفاههم.

وتؤكد بنت النانة في حديثها للجزيرة نت أنها المرة الأولى التي يقام فيها حفل موسيقي ذو طابع خيري في موريتانيا، حيث سيوجه الريع المادي لتلك الحفلة الموسيقية بكامله نحو اللاجئين الأزواديين في موريتانيا.

ويعتقد الفنان مفتاح ولد النانة الذي قدم من إسبانيا للمشاركة في هذه الحفلة أن استجابة الفنانين ومشاركتهم في ذلك الجهد الإنساني أمر طبيعي، "فالفنان هو في النهاية إنسان لديه إحساس ولديه مشاعر قبل أن يكون مجرد فنان، ومن الطبيعي تماما أن يوجد إلى جانب الضعفاء والمحرومين" حسب ما يقول للجزيرة نت.

وتقول الجهة المنظمة للحفلة الموسيقية إن نحو أربعين فنانا تمت دعوتهم للمشاركة من ضمنهم فنانون موريتانيون وآخرون أزواديون، لبى عدد كبير منهم الدعوة وغنوا لأجل القضية الأزوادية ولأجل دعم اللاجئين الأزواديين.

لم يحضر الفنانون فقط، فمئات بل وربما آلاف من الموريتانيين والأزواديين لبوا نداء الفن، فكانوا في الموعد، وغصت بهم ساحة الملعب الأولمبي حيث أقيمت السهرة، وتفاعلوا كثيرا مع أغاني وفعاليات السهرة التي استمرت نحو خمس ساعات متواصلة.

الطاهرة بنت النانة منظمة الحفل (يمين) مع فنانات أخريات يغنين في الحفل (الجزيرة)
الطاهرة بنت النانة منظمة الحفل (يمين) مع فنانات أخريات يغنين في الحفل (الجزيرة)

لقاء وغناء
"كان لقاء موريتانيا أزواديا"، أو "عناقا بين الفنين الموريتاني والأزوادي" هكذا عبر أحد الشباب الأزواديين الحاضرين (محمد آغ اباه) الذي اعتبر أن الحفل أعطى –فضلا عن المردود المادي- فرصة للتواصل والتلاقي ليس فقط بين الموريتانيين والأزواديين وإنما أيضا بين الأزواديين أنفسهم، مضيفا "لقد فرقتنا إكراهات الحرب وحياة التشرد واللجوء، ولكن الفن تمكن أخيرا من جمع الكثير منا".

ويتوقع الأزوادي مولاي آغ سيدي محمد أن تتمكن هذه الحفلة الموسيقية من لفت انتباه الرأي العام المحلي ثم الخارجي إلى الوضعية الإنسانية الصعبة لهؤلاء اللاجئين، كما يتوقع أن تساهم في تعميق العلاقات والروابط الثقافية بين الشعبين.

ويتمنى زميله عبد الله آغ إبراهيم تنظيم مزيد من الفعاليات المشابهة، فمساحة الفرح والسرور قليلة اليوم في حياة الأزواديين، ومنذ أن هجر الناس منازلهم وقراهم ومدنهم غابت عن حياتهم سهرات الفن، وأماسي الطرب، وحلت محلها ليالي الأحزان ومرارة الحرمان.

ويصل عدد الأزواديين الذين لجؤوا إلى موريتانيا إلى نحو 70 ألفا أغلبهم يقيم داخل مخيم شيدته الحكومة الموريتانية بالتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بلدة امبرة بالقرب من مدينة باسكنو القريبة من حدود موريتانيا الشرقية مع مالي.

وكانت الحكومة الموريتانية قد أطلقت نداء استغاثة وطالبت كل الهيئات والمؤسسات ورجال الأعمال والخيرين في البلد بتقديم العون والمساعدة لهؤلاء اللاجئين، وتمثل تلك الحفلة أول استجابة معلنة في الأوساط الفنية لدعوات إغاثة اللاجئين الأزواديين.

المصدر : الجزيرة