طعم الكرز.. حكايات بين الكوابيس والأحلام

غلاف مجموعة طعم الكرز القصصية للمغربي أحمد المديني
undefined
نزار الفراوي-الرباط
 
يواصل الكاتب المغربي أحمد المديني تنقله بين أشكال الكتابة النقدية والسردية، ليقترح على قرائه مجموعة قصصية جديدة وسمها بـ "طعم الكرز". وتضم المجموعة، التي صدرت مؤخرا عن دار توبقال للنشر 87 صفحة، 16 نصا قصصيا متنوع الآفاق والرهانات، موضوعا وكتابة.

نصوص المديني المتعددة الفضاءات، توزعت أحداثها وشخوصها، وتبلورت علاقاتها ومضامينها بين المغرب وجغرافيات أخرى عبرها الكاتب، إقامة أو استطلاعا.

وتنطلق قصص "طعم الكرز" إجمالا من أرضية شديدة الواقعية، يكاد القارئ يلمس شخوصها وأمكنتها، وتتطور وقائعها بشكل منطقي معقول، قبل أن تنعطف عند مشارف النهاية نحو آفاق تقارب العجائبية أحيانا، مخلخلة أفق الانتظار الحكائي الجاهز.

يكتب المديني في هذه المجموعة حكايات تشبه الأحلام.. والكوابيس أحيانا، من حيث تجاور المعقول واللامعقول من خلال الحس اللاقط لليومي، والخيال الخارق لحجب الواقع المحدودة والضاغطة.

فضلا عن الفضاءات المغربية المألوفة، تحلق نصوص المجموعة في مكان الاغتراب الفرنسي من خلال نص "شوكة في الحلق"، الذي يرصد سلوك الكائن المغترب في سعيه إلى الاعتراف والاندماج داخل مجتمع متعدد الأعراق والأديان. ومن داخل هذا المسعى، يسائل المديني ممكنات العلاقة بين العربي واليهودي ومأزقها في ظل استمرار الجرح الفلسطيني المفتوح.

مجموعة "طعم الكرز" محطة جديدة في مسار التجربة القصصية التي دشنها أحمد المديني بمجموعة "العنف في الدماغ" (1971) والتي يعتبرها النقاد مؤسسة ورائدة في كتابة التجريب والتحديث في القصة المغربية

أصوات الأمكنة والناس
رحلات المديني وأصوات الأمكنة يوثقها الكاتب في نصوص تجمع بين أدب الرحلة ومكونات النص القصصي، من خلال مادة سردية تضيء المكان وتتوسل بخصوصياته. ذلك كان الشأن مع نص "على مرمى حجر"، الذي يتخذ من جغرافية الأردن فضاء له، لاسيما من زاوية التأمل في نقاط التماس مع الوجود الإسرائيلي على الجانب الآخر من الحدود، وكذا نص "ضياع في تونس" و"غرباء الليل"، الذي يخلد عبورا ذهنيا في عوالم مدينة أرجنتينية.

ويحتفي المديني في نص "عين مثل عصا" بسيرة "أبطال أمتنا في ميادين التحرير"، كما يهدي إلى صديقه الناقد عبد الفتاح الجحمري نص "القاعة والحديقة، الحديقة والقاعة".

في غلاف المجموعة يكتب الناشر "في طعم الكرز يقدم الكاتب ثمرة مساره الناضج والمختبر، بدءا من نبذ الواقعية الفجة إلى تغوير المعنى، واستبطان الإحساس، فإلى تأجيج اللغة وإشعاع الرؤيا وتدقيق العبارة وإدراك الوحدة الموضوعية لجنس القصة القصيرة، حيث يتبادل الواقع والخيال المواقع ويتماهيان، صانعين في كل مرة نصا مركزه الذات ومداه المحيط، أرضيته الحياة وقطبه الوجدان…".

مجموعة "طعم الكرز" تعد محطة جديدة في مسار التجربة القصصية التي دشنها أحمد المديني بمجموعة "العنف في الدماغ" (1971) والتي يعتبرها النقاد مؤسسة ورائدة في كتابة التجريب والتحديث في القصة المغربية.

وبين المجموعتين، راكم المديني منجزا سرديا حافلا من عناوينه القصصية مجموعات "سفر الانشاء والتدمير" (1978)، "الطريق إلى المنافي" (1985)، "رؤيا السيد سين" (1996)، "هيا نلعب" (2004)، "امرأة العصافير" (2006) و "عند بوطاقية" (2010).

المصدر : الجزيرة