"القطوس" تعيد الصحافة الساخرة بتونس

صحيفة القطوس

صحيفة "القطوس" تنتهج أسلوب السخرية في نقد ممارسات السلطة

إيمان مهذب-تونس

شهد القطاع الإعلامي في تونس بعد الثورة نقلة نوعية، تمثلت في ظهور العديد من الصحف التي تحاول الاقتراب من نبض الشارع وتقديم إنتاج صحفي مختلف عن "الصورة النمطية" لإعلام ما قبل ثورة الرابع عشر من يناير/كانون الثاني الذي تميز بخطابه المساند للسلطة.

وفي محاولة لتغير هذا الخطاب صدرت في تونس صحيفة "القطوس" (القط باللهجة التونسية) التي تنتهج أسلوبا نقديا ساخرا، وأكدت أن خطابها سيكون ضد السلطة وفاضحا لكل ممارساتها بطريقة هزلية قريبة من المواطن التونسي.

ويطرح صدور مثل هذه الصحف العديد من التساؤلات إزاء مدى قدرة الصحافة الساخرة على التصدي لممارسات السلطة وفضحها والإضافة التي تقدمها للمشهد الإعلامي في تونس ودورها المرتقب في الساحة الإعلامية.

مؤسس الصحيفة سليم بوخذير يتصفح أحد أعدادها
مؤسس الصحيفة سليم بوخذير يتصفح أحد أعدادها

فكرة الصحيفة
ويقول مؤسس الصحيفة سليم بوخذير للجزيرة نت إن فكرة إنشاء صحيفة ساخرة كانت حلمه منذ سنوات، فطيلة سنوات حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي كان يحس أنه لا يستطيع قلب هذا النظام، لكن بإمكانه أن يسخر منه.

وأكد بوخذير أن أقوى سلاح ضد الخوف هو أن تسخر منه، لافتا إلى أن الكوميديا تعتبر دواء للشعب الذي تعب من البؤس ومن الشقاء، مضيفا أن هذا النوع من الصحافة قريب من القارئ ويخاطبه بالطريقة التي يفهمها.

الأمر ذاته عبر عنه الكاتب التونسي الطاهر الفازع الذي قال إن الهزل ينقد وإن الأسلوب الهزلي الساخر يستطيع أن يوصل رسائله للقارئ بكل سهولة، إلا أنه أشار إلى أن علاقة السلطة بالكتابة الساخرة كانت متوترة جدا في البلدان غير الديمقراطية.

من جهته اعتبر الكاتب والصحفي توفيق بن بريك أن الكتابة الساخرة صعبة، وتتطلب موهبة، وقال "لو دفعنا القارئ للضحك وجعلناه يعرف أن الحاكم هو محل تهكم وسخرية فإن ذلك سيعتبر أكبر نجاح باعتباره سيتخلص من فكرة أن الحاكم مؤله ولا تجوز السخرية منه".

الطاهر الفازع: الصحف الهزلية في تونس تعتبر متواضعة جدا إذ إن الأمر يتطلب إمكانيات وجرأة، فضلا عن هامش الحرية الذي سيحدد مدى استمرارية ربيع الصحافة الهزلية في تونس

سؤال الاستمرارية 
ورأى كل من بوخذير وبن بريك -وهما من سجناء الرأي خلال فترة حكم بن علي- أن هذا النوع من الصحافة بحاجة إلى الشجاعة لفضح الساسة، حيث أكد بوخذير للجزيرة نت أن الصحافة الساخرة تقف ضد السلطة المستبدة وتفضح وجهها القبيح، وأشار إلى أن الطبقة المهيمنة في تونس قد أعادت إنتاج نفسها، فشركاء بن علي -حسب رأيه- ما زالوا يسيطرون ويحافظون على مراكزهم. وعلى الصحفيين عدم السكوت عن ذلك وفضحه.

واتفق معه بن بريك الذي يستعد لإصدار صحيفة ناقدة ساخرة بعنوان "ضد السلطة" بقوله إن المشهد الإعلامي الحالي محتاج إلى الشجاعة، مؤكدا أن "هذا النوع من الكتابة الساخرة يحتاج للشجاعة إلى حد التهور".

ويرى العديد من المراقبين أن استمرار مثل هذا التجربة الصحفية مرتبط بهامش الحرية، وأن تواصل صدور مثل هذه الصحف ونجاحها رهين بواقع الحريات الصحفية في تونس وقيمة الصحف ذاتها.

ويقول الفازع -الذي ألّف عددا من الكتب الهزلية الساخرة- إن تجربة الصحف الهزلية في تونس تعتبر متواضعة جدا إذ إن الأمر يتطلب إمكانيات وجرأة، فضلا عن هامش الحرية الذي سيحدد هل أن ربيع الصحافة الهزلية في تونس سيدوم أم لا؟

من جانبه بدا سليم بوخذير أكثر تحمسا وأكد أن هذه التجربة لن تكون عابرة، مراهنا على استمرار المشروع الذي يقول كل الحقائق دون تردد أو خوف من السلطة.

المصدر : الجزيرة