الحركة الروائية في الخليج العربي

غلاف كتاب مساءلة النص الروائي فى السرديات العربية الخليجية المعاصرة

غلاف الكتاب (الجزيرة نت)

شرين يونس-أبو ظبي

يرصد كتاب "مساءلة النص الروائي فى السرديات العربية الخليجية المعاصرة" للدكتور الرشيد بوشعير الصادر عن مشروع قلم التابع لهيئة أبو ظبي للثقافة والتراث، نتاج ما يقرب من ثلاث عشرة سنة من تاريخ الحركة الروائية بمنطقة الخليج العربي.

وجاء الكتاب فى ستة أقسام، يتناول كل قسم نصوصا لروائيين من بلد خليجي، فالأول كان من المملكة العربية السعودية، والثاني تناول نصوصا لكتاب من الإمارات العربية المتحدة، ويتناول القسم الثالث نصوصا روائية لكتاب من الكويت، والرابع لأعمال لروائيين قطريين، والخامس أعمالا روائية لكتاب من عمان، وأخيرا من البحرين.

ويؤكد المؤلف أن منطقة الخليج، التي كانت تعد بحسب النقاد والمؤرخين عاجزة عن استنبات الرواية وتختص بالشعر كنمط أدبي طاغ، يؤكد مشهدها الأدبي الراهن أنها تستوعب وتنتج سائر الأنواع الأدبية الأخرى وخاصة الرواية.

رغم نزوع الرواية الخليجية نزوعا واقعيا وارتباطها بالشرط التاريخي الراهن، فهي -فى الوقت ذاته- تعاملت معه تعاملا فنيا لا يخلو من إبداع

تطور لافت
ويرى بوشعير أن كتابا خليجيين كعبد الرحمن منيف وتركي الحمد وعبده خال ويوسف المحيميد ورجاء عالم وعلي أبو الريش وليلى العثمان وغيرهم، لم يتمثلوا الجماليات النوعية لفن الرواية فحسب، وإنما ساهموا فى تطوير الرواية العربية وتأصيلها شكلا ومضمونا، مما خولهم لاحتلال مواقع مرموقة فى تاريخ الرواية العربية المعاصرة.

ويرى أن هؤلاء الكتاب جسدوا في أعمالهم العديد من الهواجس والمواضيع الاجتماعية والسياسية المحلية كصراع الأجيال وهاجس الهوية وتحرر المرأة والتحول السريع من النمط الثقافي القبلي إلى النمط الثقافي العولمي.

كما تجاوز هؤلاء فى كثير من رواياتهم محيطهم المحلي إلى الفضاء العربي، معبرين عن انتماءاتهم وتوجسهم من التحديات التاريخية الراهنة والمستقبلية، كما تطلعوا إلى المحيط الإنساني العام بأبعاده الثقافية والاقتصادية والسياسية، فضلا عن قضية العلاقة مع الآخر.

ولا يتقيد الكتاب فى مساءلته للنص الروائي بمنطقة الخليج العربي، بمدخل واحد بل لجأ إلى مناهج متنوعة تاريخية وسيكولوجية، واجتماعية وبنائية وفنية، بوصفها أدوات ناجعة فى محاصرة الظاهرة الروائية بمنطقة الخليج العربي.

ووصف المؤلف ظاهرة الرواية الخليجية بالتسونامي، بالنظر لغزارة الإنتاج وتأثيره، وأرجع هذه الظاهرة إلى التحول الاجتماعي والاقتصادي السريع الذي يشهده الخليج العربي ونمو الطبقة الوسطى، فضلا عن تراجع الأنماط الأدبية الأخرى، وعجز كثير منها عن التحليل الجمالي للحياة الاجتماعية المعقدة فى عصر العولمة.

للمرأة الخليجية إسهام وافر فى إثراء الشكل الروائي وتطويره كما وكيفا، بل إن كاتبات خليجيات كثيرات استطعن أن يجرؤن على اقتحام المسكوت عنه ويعالجن موضوعات فى غاية الحساسية

نضوج واستيعاب
ويؤكد الباحث فى كتابه على مجموعة من النتائج حول السرديات الروائية الخليجية، فبالإضافة إلى اختراق الخطاب الروائي لقشرة الثقافة الشعرية الشفوية بالمنطقة الخليجية، فقد غدت أداة محرضة على الوعي بالشرط التاريخي المتغير بالمنطقة، وأداة تعبير عن القلق الذي يعتري الضمير الفردي والجمعي على حد سواء إزاء هذا التغير، محاولا استيعابه، ورصد ملامحه، والتنبؤ بآثاره، وآفاقه المستقبلية.

ورغم نزوع الرواية الخليجية نزوعا واقعيا وارتباطها بالشرط التاريخي الراهن، فهي -فى الوقت ذاته- تعاملت معه تعاملا فنيا لا يخلو من إبداع، فوظفت كثير من النصوص الروائية الخليجية الأساطير والحكايات الشعبية، مستشرفة آفاق الواقعية السحرية التى انتشرت فى آداب أميركا اللاتينية إبان الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي.

وعدد المؤلف أوجه نضوج الرواية الخليجية، منها تواصلها مع الحقول المعرفية الأخرى وسائر الأنواع الأدبية، واستفادتها من تجارب الإبداع العربي والأوروبي، بالإضافة لتمكنها -على الرغم من عمرها القصير نسبيا بالقياس إلى عمر الرواية العربية- أن تتمثل جماليات الأشكال الكلاسيكية وتتجاوزها إلى المتاح من جماليات الأشكال الحداثية وما بعدها.

ويشير الكاتب إلى أن للمرأة الخليجية إسهاما وافرا فى إثراء الشكل الروائي وتطويره كما وكيفا، بل إن كاتبات خليجيات كثيرات استطعن أن يجرؤن على اقتحام المسكوت عنه ويعالجن موضوعات فى غاية الحساسية فى مجتمعات تتسم بالمحافظة.

المصدر : الجزيرة