واسيني الأعرج: الترجمة خيانة إجبارية

الروائي واسيني لعرج

أميمة أحمد-الجزائر

أقر الروائي الجزائري واسيني الأعرج بأن ترجمة الأدب ضرب من "الخيانة الإجبارية"، لكنه شدد على أن الترجمة في الأساس هي جسر واصل بين لغتين، خصوصا حين يتوافر مترجم قادر على غزل الوشائج بين اللغتين.

جاء ذلك في أمسية أدبية الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي في إطار "إقامات الإبداع" بدار عبد اللطيف التاريخية بالعاصمة، التي تعود للعهد العثماني، حيث تحدث الروائي الجزائري عن ترجمة روايته "سيدة المقام" إلى اللغة الفرنسية بعنوان "أجنحة الملكة" التي أنجزها المترجم الفرنسي مارسيل بوا الذي كان حاضرا لقاء الأعرج مع الأدباء والمثقفين الجزائريين.

وتناول واسيني الأعرج في حديثه علاقة التاريخ بالأدب، مشددا على ضرورة "تطهير" التاريخ من القداسة كما فعل في "كتاب الأمير"، حيث أنسن الأمير عبد القادر الجزائري بالحديث عنه كشخص له أخطاؤه وصوابه، مما أثار حفيظة الأميرة بديعة حفيدة الأمير، فقالت إن ما كتبه الأعرج ليس الأمير، فأجابها "كتبت الأمير الإنسان".

الروائي الأعرج والمترجم مارسيل بوا أثناء الأمسية الأدبية (الجزيرة نت)
الروائي الأعرج والمترجم مارسيل بوا أثناء الأمسية الأدبية (الجزيرة نت)

وللتاريخ أهمية في الأدب لا ليعطي درسا في التاريخ، بل ليسلط الضوء على هوية الشعب، فقال واسيني عن روايته "البيت الأندلسي" إنها تناولت هوية الجزائر بكل مكوناتها، لأن الهاربين من الأندلس كانوا من المسلمين واليهود والمسيحيين، استقر بعضهم في الجزائر، حيث نقلوا ثقافتهم، من الحرف والموسيقى وغيرها فأصبحت جزءا من الهوية الثقافية بالجزائر، وأي إغفال لأحد منها هو إنقاص لمكونات الهوية الجزائرية، حسب الروائي.

حب البلاد
وأضاف الأعرج " كتبت ذلك بدافع الحب لبلادي، والمعالم التاريخية جزء من تاريخها، وهي بالنهاية جزء من الهوية الجزائرية، عندما نهدم جزءا منها تكون منقوصة في مكوناتها"، في إشارة إلى "دار خداوج العمية " وهو معلم تاريخي في العاصمة دارت الرواية في أجوائه.

والروائي الأعرج ابن قرية سيدي بوجنان الحدودية بتلمسان في الغرب الجزائري، وتشكل تعليمه الأولي بالفرنسية، ثم درس الأدب العربي في سوريا بالمشرق العربي، لكنه في أدبه يهز يقينيات لغة التعبير سواء كتب بالعربية أو الفرنسية.

ويقول الأعرج في تصريح للجزيرة نت "أكتب باللغة العربية حبا بهذه اللغة، وهي وصلتنا كميراث، وفي الكتابة الروائية لا أكتفي بالميراث، بل أذهب إلى وسيط لغوي آخر، هو الفرنسية، فتسمح لي الدخول إلى عوالم أخرى، تغني اللغة العربية".

وأشار إلى تميز اللغة العربية بالإطناب وكثرة النعوت، بينما اللغة الفرنسية لغة عارية ترفض الإطناب، وأنه أخذ مسلكا وسطا بينهما، يعده جزءا من الإغناء اللغوي للغة العربية، غير أن اختلاف التركيب اللغوي بين اللغتين يطرح إشكالا في الترجمة.

ويوضح بالقول "إن الترجمة هي جسر واصل بين لغتين، ولهذا فإن الجهد الثقافي الذي نبذله أنا ومارسيل بوا جهد ثقافي كبير، فمارسيل يترجم وأنا أراجع الترجمة، ويجري نقاش غايته كيفية إخراج النص بشكل يكون قريبا للنص الأصلي".

مارسيل بوا مترجم رواية سيدة المقام إلى الفرنسية قرأ جزءا من الترجمة للحضور (الجزيرة نت)
مارسيل بوا مترجم رواية سيدة المقام إلى الفرنسية قرأ جزءا من الترجمة للحضور (الجزيرة نت)

مهارة الخيانة
وعن خيانة النص بالترجمة، قال واسيني "أكيد هناك خيانة للنص، لأنك تنتظم لنظام لغوي يختلف، ولكنها خيانة إجبارية لعدم امتلاك خيار آخر".

وأشار إلى مهارة المترجم بأنه "داخل الخيانة يمارس الصدق، لأن الترجمة ليست إعادة إنتاج للنص، وإن كانت بعض النصوص يلعب التأويل فيها دورا بالترجمة ، لكن الترجمة الجيدة هي التي نقرأ فيها النصين ونشعر بالتواشج بينهما".

ومن جهته قال المترجم مارسيل بوا إن الترجمة "جسر هام بين الثقافات، وأداة حضارية للتثاقف، يجعلها فعلا إنسانيا بالدرجة الأولى" ولفت في حديث للجزيرة نت إلى تجربته مع الأعرج بقوله "إن ترجمة أعمال واسيني فيها الكثير من الألفة لأننا نترجم معا، وهذا ليس متوفرا دائما لمبدعين آخرين أن يشتركوا بالترجمة".

يذكر أن واسيني الأعرج من مواليد 1954، وهو أستاذ جامعي في جامعتي الجزائر المركزية والسوربون بباريس، ويعد أحد أهم الأصوات الروائية في الوطن العربي.

ومن أشهر أعماله الروائية: وقع الأحذية الخشنة (1981)، ومصرع أحلام مريم الوديعة (1984)، ورمل الماية (1993)، وسيدة المقام (1995)، وشرفات بحر الشمال (2001)، وكتاب الأمير (2005)، وبيت الأندلس (2010).

المصدر : الجزيرة