التلفزيون المصري.. إلى الأمام سر

التلفزيون المصري
مبنى التلفزيون المصري الذي افتتح عام 1960 (الجزيرة نت)
عبد الرحمن سعد–القاهرة
 
أثار قرار تعيين شخصية عسكرية لرئاسة اتحاد الإذاعة والتليفزيون في مصر جدلا واسعا بين النقاد والأكاديميين والعاملين في الاتحاد، إذ انقسموا إلى مؤيد ومعارض ومتحفظ، ولكن يجمعهم قاسم مشترك هو أن هذه الخطوة مؤقتة لضبط إيقاع العمل، بعد أن تم تقديم رئيسه السابق وبعض معاونيه للمحاكمة بتهمة إهدار المال العام.
 
وكان المجلس العسكري الأعلى قد عين اللواء طارق مهدي -الرئيس السابق لأركان الدفاع الجوي والمدير في الشؤون المعنوية- رئيسا للمؤسسة الإعلامية. لكن ذلك القرار دخل دائرة الجدل بمجرد صدوره.
 
ويرى الناقد الفني طارق الشناوي أن "الثورات تحاول عادة السيطرة على الإعلام والثقافة من خلال تابعين لها، وكان الضباط الأحرار أكثر ذكاءً عندما عينوا الضابط عبد المنعم السباعي رئيسا للإذاعة المصرية، لدى قيام ثورة يوليو/تموز 1952".
 
ويوضح الناقد الفني -في حديث للجزيرة نت- أن السباعي كان شاعرا غنائيا كتب كلمات أغنيات: "أودع هواك" للمطرب محمد عبد المطلب، و"جميل وأسمر" لمحمد قنديل، و"أنا والعذاب وهواك" لمحمد عبد الوهاب، و"أروح لمين" لأم كلثوم.
 
وتابع الناقد "هكذا اختير ضابط له ميول أدبية وفنية لرئاسة الجهاز الذي شهد بث البيان الأول للثورة، بالنظر إلى أنها قامت بها القوات المسلحة، على عكس الثورة الراهنة التي قام بها الشعب".
 

الشناوي: تعيين مسؤول عسكري للتلفزيون قرار خاطئ (الجزيرة-أرشيف)
الشناوي: تعيين مسؤول عسكري للتلفزيون قرار خاطئ (الجزيرة-أرشيف)

خطوة خاطئة

ويبدي الشناوي انزعاجه من تعيين مسؤول عسكري رئيسا للإذاعة والتليفزيون، مشددا على أنها "خطوة خاطئة وصادمة؛ حتى ولو كان هدفها تسيير الأمور وسرعة اتخاذ القرارات".
 
والخطر -كما يراه الشناوي- يتمثل في أن جهاز الإعلام حساس ومليء بالتفاصيل، بينما البديل كان اختيار شخصية مدنية من الإعلاميين أبناء الجهاز نفسه الأكثر إلماما بأموره.
 
وضع مؤقت
وفي المقابل، يرى عميد كلية الإعلام في الجامعة الحديثة للتكنولوجيا والإعلام سامي الشريف أن قرار المجلس العسكري لم ينص على التعيين، وإلا كان مرفوضا، وأنه جاء لضبط إيقاع العمل بعد إحالة رئيس الاتحاد السابق وأعوانه إلى المحاكمة بتهم الفساد، مما يعني أنه أمر تنظيمي، وأن وجوده مؤقت لتسيير العمل، حسب قوله.
 
ويوضح الأكاديمي المصري -في حديث للجزيرة نت- أنه "ينبغي ألا نعطي الموضوع أكبر من حجمه، فهو وقتي واحترازي إلى أن يتم تشكيل حكومة، وحينها سيتم تعيين إحدى الشخصيات لتولي مسؤوليته، فلن يتجاوز الأمر أسابيع".

الثوار اعترضوا على سياسة التلفزيون المصري المتحيزة خلال أيام الثورة (الجزيرة نت-أرشيف)
الثوار اعترضوا على سياسة التلفزيون المصري المتحيزة خلال أيام الثورة (الجزيرة نت-أرشيف)

تحية عسكرية
رؤية مختلفة يدلي بها المذيع في التلفزيون المصري حسام محرز، إذ يكشف "للجزيرة نت" أنه حضر اجتماع اللواء طارق مهدي مع العاملين عقب توليه المنصب، وأشار إلى أن منصبه في المؤسسة العسكرية أكبر بكثير من رئاسة الاتحاد.

 
ويضيف "بهرنا الرجل بأدائه التحية العسكرية للحاضرين، في إشارة إلى حسن نيته، وقوله إنه لا يعلم شيئا عن الجهاز، لكنه جاء لتأمين سير العمل فيه لفترة محددة".
 
وظهرت آراء وشكاوى كثيرة في الفترة الأخيرة تقول بزيادة الشللية داخل الجهاز، واتساع الهوة بين دخول كبار المديرين والعاملين، ومساحة سوء التفاهم بين العاملين، حتى لجأ البعض للاعتصام والاحتجاج.
 
كما زاد الاحتقان بسبب ما يعتبره البعض استمرارا للقيادات الفاسدة بمواقعها، وتدخل إدارة الأمن في شؤون العاملين، فضلا عن اللا منهجية وعدم الالتزام بأي معايير أو لوائح أو شفافية، وانتهاج سياسة انتقائية احتكارية غير تعددية، مع تعيين قيادات بقرارات شابتها الوساطة والمحسوبية.
 
ويؤكد المذيع محرز أن أول قرار اتخذه اللواء طارق مهدي هو خفض راتب الإذاعي محمود سعد من أكثر من مليون جنيه شهريا إلى نحو مائة ألف جنيه، وأنه شدد عليهم أنه إذا تبين فساد أي مسؤول فستتم إقالته فورا، وأن المجال متاح للتقدم بأي شكوى ضد الفساد إلى الجهات الرقابية التي انتقلت إلى الجهاز نفسه.
 
وقال محرز إن الرأي الغالب بين العاملين في المبنى ميال إلى تبني إنشاء مجلس أمناء يضم شخصيات إعلامية تتولى تسيير العمل في اتحاد الإذاعة والتلفزيون. ويشدد على أن هناك توافقا على أن القيادة المدنية هي الأفضل للجهاز، بالنظر إلى أن العمل الإعلامي يحتاج إلى الحرية والإبداع، بينما المؤسسة العسكرية قائمة على طاعة الأوامر.
المصدر : الجزيرة