أسئلة ما بعد عصر الصحف

تصميم دراسة: الإنترنت يتفوق على الصحف بأميركا كمصدر للأخبار

 

يقول الصحفي الفرنسي برنار بوليه في كتاب ترجمه إلى العربية خالد طه الخالد إن هناك عوامل تشكل خطرا على الصحف، وإن كان الأمر في فرنسا أقل مما قد بلغه في الولايات المتحدة.

حمل الكتاب عنوان "نهاية الصحف ومستقبل الإعلام" وصدر في 221 صفحة متوسطة القطع عن وزارة التعليم العالي والملحقية الثقافية السعودية في فرنسا.

وفي تلخيص للعوامل التي ذكرها بوليه وقال إنها تضر بالإعلام الورقي، أورد التزايد في سلطة الإنترنت, والانخفاض في الميزانيات الإعلانية للصحف التقليدية, واتجاهها نحو وسائل الإعلام الإلكترونية, وعدم اهتمام جمهور الشباب بالمطبوع, والتغير في أنماط التفكير والقراءة لدى مجتمع المعرفة, وانتصار ثقافة الحصول المجاني على كل شيء"، مشيرا إلى أن "هذه هي الثورة التي تعصف بالصحافة المكتوبة في كل مكان".

يرى بوليه أن تحولات العصر الرقمي تتزامن مع صعود قوى اقتصادية احتكارية لا ترى في الإعلام الرقمي إلا مجرد سلعة ضمن منتجات أخرى، لكنها في الواقع تصوغ مستقبل البشرية

ورأى بوليه -وهو رئيس تحرير صحيفة لكسابسيون الاقتصادية- أن "تحولات العصر الرقمي تتزامن مع صعود قوى اقتصادية احتكارية لا ترى في الإعلام الرقمي إلا مجرد سلعة ضمن منتجات أخرى، لكنها في الواقع تصوغ مستقبل البشرية".

معلومات للأغنياء
ويضيف "أما ديمقراطية الإنترنت فقد فرضت فرزا للإعلام, من جهة معلومات غنية للأغنياء منتقاة ومنظمة ومحققة, ومن الجهة الأخرى معلومات فقيرة للفقراء مجانية وسريعة ومكررة, لكنها آلية وخاضعة للعمليات الحسابية لأباطرة الإنترنت الذين يقدمون خدمات مجانية تسمح لهم بتسجيل بيانات كل مستخدم  للشبكة وتستشف ما يبحث عنه".

غير أن بوليه يقول في مقدمة الكتاب "إذا كان موضوع نهاية الصحف والتساؤلات حول بقاء الصحافة الإخبارية تشكل قضية ساخنة في النقاش العام في الولايات المتحدة الأميركية منذ سنوات عديدة, فإننا في فرنسا ما زلنا نفضل الحديث عن عملية إصلاح أو مرحلة انتقالية أو عملية تكييف، ولم نناقش حتى اللحظة فرضية إمكان اختفاء جوهر الصحف الورقية والمنعطف الذي تمر به عملية إنتاج الإعلام".

وأضاف "لا شك في أن الجميع يعترفون بأن الصحافة في أزمة، وقد نبه إلى أهمية هذا الأمر رئيس الجمهورية الفرنسية نيكولا ساركوزي بإطلاقه الهيئة العامة للصحافة المكتوبة في خريف 2008″، و"لكن هذه الهيئة -كما هو الحال في الأسواق المالية- لم تقم في نهاية المطاف بأكثر من إجراء تعديل في عملية التنظيم".

الفترات الانتقالية -حتى الثورية منها- تطول أحيانا، ونعلم أنه من الصعب القبول بأن ينتهي عالم ما وأن نستسلم أمام رؤية اختفاء ما عرفنا حياتنا من خلاله. فتكرار القول: إن عالما بدون صحف لا يمكن تخيله، مقولة لا تعفي من تقدير حجم المشكلة

نقطة تحول
ومضى بوليه يقول في مكان آخر "عندما تقوم ثورة ما يجب إعادة التفكير في كل شيء، فنمط صناعة ونشر الإعلام كما عرفناه منذ قرابة قرنين وصل إلى نقطة تحول، ولن يعود عما قريب إلى ما كان عليه. ولم يعد الأمر يتعلق بإجراء إصلاح من أجل المواصلة كما في السابق، لكنه يتعلق بإعادة اختراع. وإذا تبدلت ظروف تنظيم المشهد العام حيث تتواجه الآراء على ضوء الأحداث المذكورة بأوضح شكل ممكن، فهنا ستبرز قوة الديمقراطية نفسها التي يجب إعادة تعريفها".

وخلص إلى القول في هذا المجال "يطمح هذا الكتاب إلى إجراء تشخيص دقيق ومفصل إلى أكبر حد ممكن لهذه التحولات، والتفكير في الأجوبة العلمية التي ينبغي صياغتها، ولا نقول إن جميع الصحف ستغلق أبوابها صباح الغد، لكن نقول إننا دخلنا في فترة تشوش".

وحول ما يقصده بفترة التشوش، قال الكاتب إنها "فترة التجارب وليس فترة الأفكار الوهمية"، مؤكدا أنه "حتى الحلم بانتقال سلمي للطباعة على الورق، أي الانتقال من الورق إلى الإنترنت، يجب أن يناقش".

انعدام مردود
وقال بوليه في هذا الصدد "عندما يظهر انعدام مردود المواقع الإخبارية على الإنترنت -كما يشير إليه مراقب ثاقب- فإننا نؤكد بجدية أن هذا المردود لن يتوفر على الأرجح إلا بعد فترة طويلة".

وختم قائلا إن "الفترات الانتقالية -حتى الثورية منها- تطول أحيانا، ونعلم أنه من الصعب القبول بأن ينتهي عالم ما وأن نستسلم أمام رؤية اختفاء ما عرفنا حياتنا من خلاله. فتكرار القول: إن عالما بدون صحف لا يمكن تخيله، مقولة لا تعفي من تقدير حجم المشكلة دون تعلل بالأوهام من أجل التمكن من مواجهتها وإيجاد مخارج جديدة".

المصدر : رويترز