المسلمون بالأندلس.. الإشعاع والسقوط

غلاف كتاب فنون وتاريخ المسلمين في الأندلس

غلاف كتاب فنون وتاريخ المسلمين في الأندلس (الجزيرة نت)

يسجل الباحث الفلسطيني محمود يوسف خضر في كتابه "فنون وتاريخ المسلمين في الأندلس" جوانب من إشعاع الحضارة العربية الإسلامية في الأندلس وعوامل سقوطها، مسجلا أن بذور انهيار الدولة كانت كامنة منذ البداية بسبب انتقال الضغائن والخصومات القبلية مع العرب الذين دخلوا الأندلس وأقاموا بها.

وصدر الكتاب الذي يقع في 418 صفحة من القطع الكبير عن دار السويدي في أبو ظبي مزينة بعشرات الصور لزخارف ومقتنيات أثرية من فنون العرب بالأندلس منها عملات وأعمدة وتيجان أعمدة وقباب وأسوار ونقوش وتماثيل ولوحات وفنون معمارية، يقول الكاتب إنها ظلت مصدر إشعاع فني استلهمت منه عمارة الكنائس بإسبانيا فيما بعد.

وينقل خضر في كتابه عن المستشرق البريطاني ستانلي لين بول قوله إن دولة العرب في قرطبة "كانت أعجوبة العصور الوسطى، بينما كانت أوروبا تتخبط في ظلمات الجهل، فلم يكن سوى المسلمين من أقام بها منابر العلم والمدنية".

ولكن المؤلف يرى أن الدولة الجديدة حملت منذ البداية بذور الخلاف والشقاق حيث انتقل العرب حاملين الميراث القبلي القديم، إذ "هبت كوامن الخصومة والنفور بينهم" وهذا ما أدى إلى انهيار الدولة بسقوط غرناطة عام 1492، حيث سلمها الملك أبو عبد الله محمد الصغير للملك فرديناند الخامس.

يرى خضر أن القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية البيزنطية التي تأخر دخول المسلمين إليها حتى عام 1453، كان يمكن الاستيلاء عليها عام 713  لو سمح لقادة الجيش العربي بالأندلس بالتقدم اليها

خلافات شخصية
ويقول خضر إن المسلمين استولوا على غرناطة التي كانت حاضرة رومانية ومركزا أسقفيا كبيرا بعد حصار طويل بعد أن تحالف يهود المدينة معهم، وأعانوهم على فتحها والاستيلاء عليها.

ويلقي الأضواء على خلافات بين قادة الجيش العربي الذي غزا الأندلس ومنها أن طارق بن زياد عبر المضيق المسمى باسمه إلى الآن عام 711، وتوالت انتصاراته لمدة عام كامل، ثم تلقى من قائده بالمغرب موسى بن نصير أمرا بألا يتقدم "حتى يلحق به، وتوعده بالعقاب إذا توغل بغير إذنه" فاستجاب طارق وانتظر قدومه قائده.

ولا يستبعد المؤلف وجود غيرة شخصية بسبب الفوز السريع الذي حققه طارق بن زياد "إذ كان للغيرة والحسد أثرهما أيضا في نفس موسى فلحق به ولما التقاه طارق في ضواحي طليطلة أنبه موسى وبالغ في إهانته، وزج به في السجن بتهمة العصيان وعدم إطاعة أوامره، كما أنه هم بقتله ولكنه سرعان ما عفا عنه ورده إلى منصبه بتدخل من الخليفة الوليد بن عبد الملك".

ويرى الكاتب الفلسطيني أن القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية البيزنطية التي تأخر دخول المسلمين إليها حتى عام 1453، كان يمكن الاستيلاء عليها عام 713 لو سمح لقادة الجيش العربي في الأندلس بالتقدم إليها.

ويقول إن موسى بن نصير شرع في اختراق الجنوب الأوروبي بهدف الوصول إلى روما مركز المسيحية، وكان يسهل عليه تنفيذ الخطة في ظل اضطراب الدول الأوروبية، ولكن الوليد بن عبد الملك حذره أن يتوغل فقضي على "مشروع موسى بغزو روما ثم دخول القسطنطينية فارتد مرغما" ثم استدعى الوليد بن عبد الملك القائدين موسى بن نصير وطارق بن زياد إلى دمشق. وعاد القائدان إلى دمشق عام 715م.

حملت الدولة الجديدة  منذ البداية بذور الخلاف والشقاق حيث انتقل العرب حاملين الميراث القبلي القديم  وهذا ما أدى إلى انهيار الدولة بسقوط غرناطة عام 1492

نهاية القائدين
وينقل المؤلف عن مصادر تاريخية أن الوليد بن عبد الملك أمر باستدعائهما لثلاثة أسباب هي خشيته على جيش المسلمين بالأندلس بعد خلاف موسى بن نصير وطارق بن زياد "وخوف الوليد من أن يتجه موسى بما عرف عنه من طمع ودهاء إلى الاستقلال بذلك الملك الجديد النائي عن الخلافة"، وثالثهما ما بلغ الوليد من وفرة الأموال والتحف والسبايا التي غنمها المسلمون من الأندلس.

ويقول الكاتب إن نهاية القائدين اللذين عادا ومعهما "نفيس التحف والأموال والغنائم ما لا يقدر ولا يوصف ومن نفيس أشراف السبي عدد عظيم" لم تكن تتفق مع ما قدماه من "إنجاز"من وجهة نظر الخليفة الجديد.

ويسجل أن الوليد بن عبد الملك توفي بعد وصولهما إلى دمشق بأربعين يوما، ولم يحسن خلفه سليمان بن عبد الملك معاملة موسى بن نصير وسخط عليه "وبالغ في إهانته وسجنه" ثم عفا عنه لاحقا.

ويقول خضر إن سليمان عزم على تعيين طارق بن زياد واليا على الأندلس، ولكنه تراجع بعد أن تأكد له ما يتمتع به من هيبة ونفوذ، فخشي أن يستقل بذلك القطر الغني النائي عن الشام.

المصدر : رويترز