عكاظية الجزائر تتشح بثقافة المقاومة

لافتة اشهارية لعكاظية الجزائر للشعر العربي الجزيرة نت
ملصق إعلاني للعكاظية (الجزيرة نت)

تسعديت محمد-الجزائر

 
انطلقت أول أمس بالجزائر العاصمة عكاظية الجزائر للشعر العربي والتي تزامنت مع الذكرى الـ65 لأحداث الثامن من مايو/أيار 1945 التي قتل فيها عشرات الآلاف على يد المستعمر الفرنسي.
 
ومن هذا المنطلق اختار المنظمون للعكاظية شعار "الشعر وثقافة المقاومة". وشارك فيها شعراء من الصين والعراق والمغرب وتونس وتم خلالها تكريم عائلة الشاعر الجزائري الراحل عمر البرناوي.
 
وقد يتبادر إلى الذهن أن المقصود هنا حمل السلاح ولكن للشعراء رؤية أخرى فالشعر بكل أشكاله ومواضيعه فن من المقاومة.
 
واستقطبت الطبعة الرابعة عدة شعراء منهم جانغ هونغ يي من الصين, وعبد الله إبراهيم من العراق, ومحمد علي الرباوي من المغرب، وحاتم الفطناسي من تونس وآخرون من لبنان وفلسطين والبحرين والسودان والسعودية وموريتانيا وليبيا.
 
وكانت العكاظية فرصة لتكريم عائلة الشاعر الجزائري الراحل عمر البرناوي واستعراض شريط مصور لمسيرته الشعرية.
 
وتناوب بعد ذلك على منصة القاعة الشعراء وكانت البداية مع أمير الشعراء لعام 2009 حسن محمد البعيثي من سوريا ثم الشاعر الجزائري عبد الله حمادي وجلجلت القاعة بالتصفيق والزغاريد بمجرد صعود الشاعرة السودانية روضة الحاج التي ألقت قصيدة مؤثرة عن الخنساء.
 

جانغ هونغ يي: الشعر هو المقاومة (الجزيرة نت)
جانغ هونغ يي: الشعر هو المقاومة (الجزيرة نت)

المقاومة روح الشعر
وأشارت جانغ هونغ يي من الصين -التي تلقب بـزهيرة زينب- إلى التشابه الكبير بين المقاومة في الصين والجزائر.
 
وقالت في تصريح للجزيرة نت بلغة عربية فصيحة "إذا اعتبرنا المقاومة مقاومة كل ما هو ضد الروح الإنسانية فالشعر هو المقاومة، أما إذا كانت المقاومة سياسية أو وطنية فهي موضوع من الشعر وليست كله لكون المقاومة روح الشعر وجوهره. كما يجد الشاعر نفسه أمام المسؤولية التاريخية إذ يتحول إلى مؤرخ لحقبة زمنية".
 
ويؤيدها في هذا الرأي عبد الله حمادي من الجزائر قائلا "يمكن تصحيح بعض الوثائق التاريخية من خلال نص شعري".
 
وعرج حمادي على مجازر 8 مايو/أيار 1945 في الذاكرة الجزائرية الإبداعية، موضحا أن تلك المجازر لم تأخذ حقها في الشعر إذ أعقبتها مطاردة من طرف المستعمر لكل الأصوات الشعرية والأدبية. وخيم نوع من الحظر الكلي على المطبوعات وبالتالي افتقدت المنابر التي كان يصل منها صوت الأدب الجزائري.
 
وأضاف "سدّ هذا الفراغ الشعر الشعبي الذي عدد الصعوبات التي لحقت بالشعب الجزائري ومآسي مجازر 8 مايو التي لقبت بشهر الدماء والدموع وشهر الليالي السود".
 

عبد الله حمادي: شعر المقاومة اختفى لارتباطه بالجانب العملي (الجزيرة نت)
عبد الله حمادي: شعر المقاومة اختفى لارتباطه بالجانب العملي (الجزيرة نت)

المقاومة تصنع الشعر
وحسب حمادي فإن شعر المقاومة اختفى لارتباطه بالجانب العملي، "ولسوء الحظ تتلقى الأمة العربية الهزائم المتكررة ولا يوجد هناك بصيص أمل للانتصار قد يدفع الشاعر للتشبث به. عكس ما يحدث في أميركا اللاتينية حيث انطلق بها شعر المقاومة منذ السبعينيات وما زال مدويا لوجود فضاء عملي سياسي وحركة تحررية".
 
وتابع "أما ما يحدث في بعض الدول العربية مثل لبنان والعراق فهي مقاومات لم تتضح معالمها وقد يستثمرها البعض لمصالح معينة وهناك من يتردد خشية أن تنقلب المقاومة على أصولها".
 
وضرب مثالا بالثورة الخمينية وما كتب عنها من دواوين شعرية أصبحت لا تقرأ "لما آلت إليه الثورة اليوم من ردة ونكوص" حسب تعبيره. وأكد أن ""المقاومة هي التي تصنع الشعر ولا يمكن للشاعر أن ينطلق من فراغ".
 
بدوره شدد منصف المزغني من تونس "على أهمية المقاومة كدليل على الحياة وعدم الاستسلام، وأن المقاومة هي أيضا مقاومة التكرار في القصيدة أو توظيف الكلام الجاهز والخضوع للنمطية في التعبير، ونحارب ذلك بالجمال والتجديد. وقد تكون العضلات الفكرية واللغوية للشاعر أقوى من السلاح، والشاعر هو مناضل بطريقته.
 
لينا أبو بكر: مصطلح المقاومة لا ينحصر في حمل السلاح (الجزيرة نت)
لينا أبو بكر: مصطلح المقاومة لا ينحصر في حمل السلاح (الجزيرة نت)

أما لينا أبو بكر من الأردن فترى الحب في حد ذاته نوعا من المقاومة، وتتعدد المواضيع والمقاومة واحدة كون مصطلح المقاومة رحب يحتمل معاني كثيرة ولا ينحصر في حمل السلاح وإن كان أسمى أشكال المقاومة. ومن الضروري التماس روح المقاومة في الشعر بغض النظر عن الموضوع. 

 
يذكر أن أحداث 8 مايو/أيار 1945 سقط فيها 45 ألف جزائري، حيث خرج في ذلك اليوم مئات الآلاف من الجزائريين في أنحاء البلاد خاصة في مدينة سطيف احتفالا بانتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية على دول المحور بقيادة ألمانيا النازية، اعتقادا منهم أن فرنسا ستوفي بوعدها وتمنح الجزائريين استقلالهم، لتفاجئهم السلطات الاستعمارية بحملة قمع غير مسبوقة تحولت إلى مجزرة محفورة في ذاكرة الجزائريين، عجلت بقيام ثورة التحرير عام 1954.
المصدر : الجزيرة