مصحف قطر آية الفن الإسلامي

حفل اعلان النتيجة
اختير كاتب مصحف قطر من أمهر خطاطي العالم بعد مسابقات دولية
عبد الرافع محمد
 
تتأهب العاصمة القطرية الدوحة لمشهد تاريخي كبير، وتبدو الاستعدادات على قدم وساق لبدء تداول طبعة جديدة ذات مواصفات فنية عالية في الكتابة والزخرفة للمصحف الشريف باسم "مصحف قطر". وتنتشر اللافتات في أرجاء الدوحة وتظهر الفرحة في أحاديث الناس ابتهاجا بعمل فني رائع في خدمة كتاب الله العظيم باسم بلدهم.
 
وتقيم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية القطرية في التاسع من مارس/آذار الجاري احتفالا كبيرا بمتحف قطر الإسلامي في حضور أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وشخصيات إسلامية عالمية وكبار الخطاطين في العالم.
 
ويتوج الحدث رحلة استمرت سنوات في كتابة وزخرفة وطباعة نسخة فريدة للمصحف الشريف باسم "مصحف قطر"، ليكون عملا فنيا متميزا ومشروعا وطنيا كبيرا في خدمة التراث الإسلامي.
 
ويأتي هذا المشروع بعد المشروعات السابقة لكتابة وطباعة المصحف الشريف وقد توفرت له جهود استمرت لأكثر من عشر سنوات حتى يخرج على أفضل صورة، وليكون أول إنجاز لكتابة وطباعة المصحف من خلال مسابقات دولية في الخطوط والزخرفة.
 
وحشدت مسابقات وزارة الأوقاف القطرية في الدوحة 122 من أمهر كتاب الخط العربي في العالم، وجرت بإشراف مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية بأسطنبول أرسيكا التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، ومرت بمراحل عديدة انتهت باختيار الخطاط السوري عبيدة البنكي لينال شرف كتابة مصحف قطر.

 
عبيدة البنكي كان يكتب المصحف ويناقش العمل صفحة صفحة مع لجنتين
عبيدة البنكي كان يكتب المصحف ويناقش العمل صفحة صفحة مع لجنتين

سنوات الكتابة
ويذكر عبيدة البنكي أنه بعد اختياره وفي العام 2003 وقع عقدا مع وزارة الأوقاف لكتابة المصحف الشريف، ثم أتى للإقامة في دولة قطر ليتفرغ للعمل وليبقى قريبا من لجان التصحيح والمراقبة التي شكلت في وزارة الأوقاف، ويشير إلى ما قامت به اللجان من متابعة حثيثة في التدقيق والمراجعة حتى لا يبقى أي احتمال لأي خطأ في كتابة المصحف الشريف.

 
وشكلت وزارة الأوقاف لجنة طباعة مصحف قطر برئاسة صالح بن محمد المري، وصدرت الموافقة على الطباعة من مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، حيث شكلت لجنة برئاسة شيخ عموم المقارئ المصرية الدكتور أحمد عيسى المعصراوي لمراجعة المصحف بكل دقة.
 
واستحسنت اللجنة إضافة بعض الوقوف تيسيرا على القراء والحفاظ واتباعا لما ذكره علماء السلف في علوم القرآن، مثل أبي عمرو الداني في "المكتفى" والأشموني في "منار الهدى" وزكريا الأنصاري في "المقصد".
 
وأوفد الشيخ سلامة كامل جمعة والشيخ حسن عيسى المعصراوي عضوا لجنة المراجعة للقيام بالتصحيح خلال الطباعة في تركيا وإرسال النسخ مباشرة فور الطباعة إلى القاهرة للتأكد من سلامة العمل.
 
كما أشرفت على العمل لجنة فنية تابعة لمركز أرسيكا التركي ووضعت ركائز فنية، منها توزيع الكتابة في الصفحة، على أن تنتهي الآية مع علامتها في سطرها، والإشارة إلى التعشير بملء علامة الآية بلون متميز دون اللجوء لعلامات إضافية، لإخراج الطبعة متسمة بالبساطة التي يلاحظها القارئ في كل التفاصيل الفنية للعمل وتوفرت جهود كثيرة من الخطاط واللجنة الفنية لإنجاز صورة فنية متميزة في الكتابة.
 
ويشيد البنكي بجهود البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلو الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي في متابعة العمل منذ بدئه مرورا بالإشراف على مسابقات اختيار الخطاط ثم متابعة اللجان الفنية حتى إنجاز العمل وإخراجه.
 
كما توفرت جهود موازية ومسابقات عالمية لاختيار أفضل نماذج الزخرفة والتذهيب وجهود أخرى في اختيار الطباعة الأكثر تميزا، واختيرت مطبعة ماس في تركيا للقيام بهذا العمل وطبعت خمس مقاسات للمصحف بإخراج فني متنوع في الطباعة والزخرفة.
 
ويشير الخطاط السوري كاتب مصحف قطر عبيدة البنكي إلى التميز الذي تحظى به المدرسة التركية في كتابة الخط العربي من بين ثلاث مدارس تجمعها مع المدرسة الفارسية والمدرسة العربية.
 
ويوضح أن الأتراك يعتنون بالخط العربي في جهود مؤسسات وجامعات ومراكز ويعقدون له مسابقات دولية، بخلاف الجهود العربية التي تتسم بالفردية وارتكازها على اهتمامات وجهود شخصية بما يربط نهضة الخطوط بأسماء دون وجود جهود على المستوى الرسمي بهذه الفنون.
 
ويؤكد البنكي أن الخط العربي هو ركيزة كبيرة للفنون الإسلامية، فلا يكاد يوجد عمل فني إسلامي من نقش وعمارة ونسيج إلا وللخط العربي فيه نصيب، ويضيف أن الاهتمام بالخطوط العربية تولد من ارتباطها بكتابة المصحف والسنة النبوية.
 
ويستدرك البنكي بأنه مع ذلك توجد انطلاقة عربية في الجيل الجديد، وبدأت تنتشر المسابقات والمعارض، ويشير إلى أنه سيعمل مع وزارة الأوقاف القطرية لإنشاء مركز لتعليم الخط العربي ورعايته ونشره.
 
ويؤكد الخطاط السوري أن الخط العربي لم يعد يشكل مكونا من مكونات الثقافة الإسلامية والفن الإسلامي فحسب، وإنما هو إلى ذلك وعاء الحضارة الإسلامية كلها.
المصدر : الجزيرة