مقاومة مصرية للقمع والفقر بالسخرية

-
نشرت مصر نحو 20 ألف كتاب عام 2009 (الفرنسية-أرشيف)

باتت الكتب الساخرة تحتل مزيدا من أرفف المكتبات في مصر، وتطول السخرية كل شيء بدءا من حكم الرئيس حسني مبارك الممتد منذ قرابة 30 عاما وحتى أحوال المرور الجنونية. ويعد القمع والفجوة بين الأغنياء والفقراء محركين للسخرية.

 
ومن بين الكتب التي تحظى بأكثر إقبال "أكيد فيه حل" الذي يحمل غلافه رسما كاريكاتيريا لمواطن أشعث يميل على صفيحة قمامة، كما يحظى كتاب "مصر ليست أمي دي مرات أبويا" بإقبال واسع.
 
وطال ما كان الأدب الساخر من ملامح الساحة الثقافية في مصر، لكنه الآن أصبح تجاريا ومتاحا خاصة للقراء الشبان من خلال استخدام لغة الشارع المصري.
 
ويقول نقاد أدب إن المناخ السياسي والمنافذ المحدودة للتعبير السياسي والحملات التي تشنها الدولة على المعارضة المنظمة والهوة المتزايدة بين الأغنياء والفقراء في أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان تذكي الطلب على هذا الأدب الساخر.
 
وقال الناقد الأدبي ربيع مفتاح إنه كلما كان الحكم شموليا، وحيثما وجد الاستبداد، "زادت روح السخرية، إنه نوع من المقاومة". ويضيف "هذا النوع من الكتابة ينمو في حالة وجود متناقضات صارخة، بمعنى هناك فجوات كبيرة تفصل بين الأغنياء والفقراء أو بين المثقفين والمواطنين العاديين".
 
أما بلال فضل المؤلف والكاتب بجريدة "المصري اليوم" فيصف الحياة السياسية بقوله "إنها نكتة كبيرة وأقرب إلى مسرح العبث".
 
لكن نقادا آخرين يرون أن الأمور أحيانا تسير إلى التهريج، فلا تنم هذه المعارضة الأدبية عن حركة كبيرة بما يكفي لتغيير مسار مصر مع اقترابها من إجراء انتخابات لا يتوقع أن يواجه فيها الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم بقيادة مبارك أي تحد يذكر لكنها قناة إضافية للمعارضة.
 

"
 كلما كان الحكم شموليا وحيثما وجد الاستبداد زادت روح السخرية، إنه نوع من المقاومة

ربيع مفتاح
"

الوعي والأمية

ويقول نبيل عبد الفتاح من مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، "حتى هذه اللحظة قلة من هذه الأعمال تحاول بلورة توعية سياسية أو اجتماعية"، وأضاف "لن يكون لها تأثير قوي في الفترة القادمة".
 
وبالنسبة للحكومة ينطوي هذا المنفذ الثقافي الانتقادي على تهديد محدود، لأن 30% من السكان أميون إلى جانب أن قراءة الكتب ليست منتشرة بين الجموع خصوصا أن خمس المصريين يجنون أقل من دولار في اليوم حسب إحصاءات الأمم المتحدة.
 
ويقول محمد خليل المحامي والمستشار الفني للمجلس القومي لحقوق الإنسان إن الحكومة تزيح الغطاء قليلا حتى لا ينفجر القدر.
 
وتحفل مصر بكتاب الأدب الساخر، ومن بين أكبر الأسماء أحمد رجب ومحمود السعدني واشتهرا بتعليقاتهما الاجتماعية والسياسية الفكاهية. ويرى الكاتب فضل أن السخرية القوية وأحيانا الجارحة هي طريقة الشعب المصري في الحياة.
 
أما الناقد مفتاح فيتوقع تزايد انتشار الأدب الساخر والكتابات الساخرة في الفترة القادمة بسبب تزايد التناقضات والفجوات.
 
وتقول دار الكتب إن مصر -التي ينظر إليها على نطاق واسع على أنها مركز ثقافي في العالم العربي- نشرت نحو 20 ألف كتاب عام 2009، بينما نشرت بريطانيا نحو 130 ألف كتاب في نفس العام، وفقا لما تقوله مؤسسة نيلسن بوك التي تدير وكالة الترقيم الدولي لبريطانيا وأيرلندا.
المصدر : رويترز