مثقفون يراجعون "التطبيع" بعد زيارة موسيقي إسرائيلي لمصر

مايسترو اسرائيلي في اوبرا مصر

أثارت زيارة الموسيقي الإسرائيلي دانيال بارنبويم للقاهرة جدلا واسعا في الأوساط السياسية والثقافية في مصر بين رافض للخطوة باعتبارها شكلا من أشكال التطبيع، وقائل بضرورة فصل الدين عن السياسة.
 
فقبل نحو ثلاثين عاما كان خيال كثير من أهل مصر ومثقفيها يعجز عن تصور دعوة إسرائيلي للمشاركة في حفل موسيقي واستقباله بحفاوة يعزوها البعض إلى ما يراه اعتدالا في نظرة الموسيقي دانيال بارنبويم إلى الصراع العربي الإسرائيلي.
 
وقدم بارنبويم الخميس الماضي حفلا موسيقيا بالاشتراك مع أوركسترا القاهرة السيمفوني في دار الأوبرا، لكن زيارته للقاهرة تضع الثوابت الوطنية في رأي كثير من القوى السياسية المصرية على المحك.
 
فالسينارست أسامة أنور عكاشة يقول إن "الفن ليس له وطن لأنه يقدم لغة أخرى يجب أن نتحدث فيها بمنطق خارج السياسة، ثم إن بارنبويم ليس مسؤولا عن جرائم إسرائيل في حق الفلسطينيين، وبعض الإسرائيليين غير مسؤولين" أيضا، مضيفا أن الساسة والعسكريين هم المسؤولون.
 
لكن أستاذ التاريخ الحديث عاصم الدسوقي يشدد على أن "الفنان يحمل رسالة ولا ينفصل فنه عن موقفه السياسي، ولم نسمع أنه بارنبويم كان له موقف من حصار قادة بلاده لغزة، أو أنه استقل إحدى سفن كسر الحصار، وكان عليه أن يصدر بيانا يتبرأ فيه مما فعلته إسرائيل في غزة".
 
وكان بارنبويم صديقا للمفكر الفلسطيني إدوارد سعيد وتبنيا تأسيس فرقة موسيقية تجمع عازفين يهودا ومسيحيين ومسلمين إيمانا بما اعتبراه تعايشا مشتركا بين الديانات.
 
وقال بارنبويم عشية الحفل في مؤتمر صحفي بالقاهرة إنه ولد في الأرجنتين ويحمل الجنسية الإسبانية وهو مهتم بحوار الحضارات الذي تدعمه مدريد، كما يحمل الجنسيتين الإسرائيلية والفلسطينية حيث منحته السلطة الفلسطينية جواز سفر في يناير/كانون الثاني 2008.
 
وأضاف أنه دخل مصر بجواز سفره الاسباني وأن تلميذة فلسطينية قالت له حين عزف في رام الله قبل سنوات "أنت أول من يأتي من إسرائيل لا يحمل سلاحا"، وهي الآن في التاسعة عشرة وأصبحت إحدى أعضاء فرقته، مضيفا أنه لا يعتبر زيارته لمصر تطبيعا وقال "أتيت لأقدم موسيقى".
 
وتساءل عاصم الدسوقي قائلا "إذا لم يكن حضوره تطبيعا فماذا يكون التطبيع؟ زيارته جزء من التطبيع ومن نتائج معاهدة السلام التي وقعتها مصر وإسرائيل عام 1979، وبارنبويم كشف عن وجهه السياسي حين خطب بعد العزف"، في إشارة إلى قوله في الحفل إنه تربى في إسرائيل وتعلم فيها وهو يشعر بالألم  بسبب احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية.
 
ومنذ توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل يرفض المثقفون المصريون كل أشكال التطبيع مع إسرائيل بمن فيهم وزير الثقافة فاروق حسني الذي يصر على رفضه التطبيع حتى يتم تسوية القضية الفلسطينية.
 
ويرى مثقفون مصريون أن وزير الثقافة يسعى لاسترضاء إسرائيل قبيل انتخابات منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) حيث رشحته بلاده مديرا للمنظمة، كما يتهمونه بالتنازل بقبول هذه الزيارة التي أثارت جدلا واسعا.
المصدر : رويترز