مكانة متميزة للخط العربي بإندونيسيا

لوحة للخط العربي
آيات القرآن الكريم هي أبرز ما تخط به اللوحات بإندونيسيا (الجزيرة نت)

محمود العدم-جاكرتا

 
حظي الخط العربي -باعتباره واحدا من أبرز الفنون الإسلامية- بمكانة متميزة لدى الإندونيسيين، ففضلا عن كون المصحف الشريف كتب به، فإن المؤرخين الإندونيسيين يعتبرون أن منقوشات الخط العربي هي أول الآثار الدالة على تاريخ دخول الإسلام إلى إندونيسيا.
 
وقد أكد المؤرخ الإندونيسي البروفسور حسن معرف الأنباري في كتابه "تاريخ الإسلام وآثاره في إندونيسيا" أن أول هذه الآثار هي منقوشات الخط العربي الكوفي التي وجدت في مقبرة فاطمة بنت ميمون بمدينة قارسك في جاوة الشرقية في القرن الحادي عشر الميلادي.
 
ومع انتشار الإسلام في جزر الأرخبيل الإندونيسي اكتسب الخط العربي أهمية بالغة وانتشر استخدامه بوصفه خطا راقيا لكتابة السير الذاتية ونصوص القانون والعقود، كما صكت به العملة القديمة وكتبت به ديباجات رسائل الولاة والحكام, ثم ازداد انتشاره لتكتب به اللغات المحلية كالسندوية والجاوية والملايوية.
 
وأدى اهتمام علماء المسلمين الإندونيسيين باللغة العربية، لكونها لغة القرآن الكريم، إلى أن تصبح كتابة الآيات القرآنية والنصوص العربية موضوعا فنيا رائجا لدى الخطاطين الإندونيسيين, فخطوا به على الزجاج والنحاس والخشب كما هو الحال لدى غيرهم في البلاد العربية والإسلامية.

سراج الدين: الخط العربي اكتسب بعداً دينيا  (الجزيرة نت)
سراج الدين: الخط العربي اكتسب بعداً دينيا  (الجزيرة نت)

أول معهد


وأُسس أول معهد لتعليم قواعد الخط العربي في مدينة سوكابومي في جاوة الغربية عام 1985 وسمي بمعهد "لمكا" اختصارا لـ"جمعية خط القرآن", وسبق ذلك تنظيم مسابقة للخط العربي على هامش مسابقة لتلاوة القرآن الكريم عام 1979 في مدينة سمارنج في جاوة, أعقبه بعد عام تنظيم معرض دولي للخط العربي في العاصمة جاكرتا.
 
ويعود سبب ارتباط الخط العربي بالقرآن الكريم في إندونيسيا إلى أن أول ما وصل من مخطوطات الخط العربي كانت نسخا من القرآن الكريم أو لوحات كتبت عليها آيات منه, كما أوضحه رئيس معهد "لمكا" ومؤسسه الخطاط ديدن سراج الدين.
 
ويضيف سراج الدين في حديثه للجزيرة نت أن "الخط العربي اكتسب بعدا دينيا لدى الإندونيسيين لأن من نشره وشجع على الاهتمام به هم العلماء والدعاة", منوها إلى أن من دعاه إلى تأسيس المعهد هو أستاذه الشيخ سالم فخري الأزهري الذي خط أول مصحف طبع في إندونيسيا بأمر من الرئيس الراحل سوكارنو.
 
ويبلغ عدد الطلاب الذين تخرجوا من المعهد منذ تأسيسه نحو 4000 طالب في جاكرتا وحدها, وفي هذا المعهد يتم تدريب الهواة ومحبي الخط العربي لمدة عام كامل, ويتخرج من المعهد نحو 600 طالب سنويا, معظمهم يتابعون عملهم في هذا المجال "حيث تكتسب لوحات الخط العربي أهمية لدى المواطنين".
 

عبد الخالق: الخط العربي مصدر رزق
عبد الخالق: الخط العربي مصدر رزق

الخط فلسفة


ويقول سراج الدين عن نفسه، وهو أشهر خطاطي إندونيسيا "إن الخط العربي هو مهنتي بوصفي مدّرسا، وقد أصبح بالنسبة لي ليس فقط مصدر رزق أو إشباع للهوايات وإنما فلسفة حياة".
 
وأشار إلى أن "الآيات الأولى التي نزلت من القرآن الكريم تحدثت عن القراءة والكتابة، لذا فإن الرسم الخطي الجميل عندي لا بد أن يكون من واجبات الدين، فالله تعالى جميل يحب الجمال".
 
أما الخطاط محمد عبد الخالق، أحد تلاميذ سراج الدين وهو حاصل على المرتبة الأولى في المسابقة الوطنية للخط العربي التي أقيمت العام الماضي، فيقول إن الخط العربي تحول من هواية إلى مصدر رزق.
 
ولفت إلى أن سعر اللوحات يعتمد على مدى إتقانها وتمازج ألوانها إضافة إلى المواد المستخدمة فيها, مشيرا إلى أن أغلى لوحاته بيعت بنحو 600 دولار, كما أن أجره مع زملائه على تخطيط أحد المساجد بلغ نحو 20 ألف دولار, وبلغت قيمة أكبر جائزة حصل عليها نحو خمسة آلاف دولار.
المصدر : الجزيرة