الأدب الساخر في الأردن من أنجح التجارب العربية

القاص العراقي الساخر علي السوداني يوقع مجموعته" خمسون حانة وحانة- الجزيرة نت

القاص العراقي الساخر علي السوداني يوقع مجموعته "خمسون حانة وحانة" (الجزيرة نت)

توفيق عابد–عمان

اعتبر نقاد وأدباء أردنيون وعراقيون الكتابة الساخرة في الأردن من أنجح التجارب العربية، وقالوا إن تأثيرها قوي لكونها مطلوبة من الجماهير والنخب الثقافية والسياسية.

وقالوا في تصريحات خاصة للجزيرة نت "لقد ارتبط الإبداع الساخر بالموقف المغاير وأصبح جنسا أدبيا يمتلك شروطه وموضوعيته ورسالته الأخلاقية والجمالية".

انفلات ساخر

يوسف غيشان (الجزيرة نت) 
يوسف غيشان (الجزيرة نت) 

وأوضح الكاتب الساخر يوسف غيشان أن الأدب الساخر كتابة تخضع لشروط الأدب، وهذه مادة شبه نادرة في الآداب العالمية جمعاء.

ويرى أن السخرية في الأردن بخير، وتتبوأ مركزا ممتازا عددا وعدة، مضيفا "لعلنا من أكثر دول العالم  التي لديها كتاب سخرية، وقد تطورت هذه الكتابة منذ عام 1983 عندما احتل محمد طملية أول زاوية ساخرة في صحيفة أردنية بعنوان "شاهد عيان"، وصارت السخرية منتظمة الصدور للمرة الأولى لنصاب بحالة انفلات ساخر، ومن ذلك الوقت والسخرية الأردنية في تطور مذهل".

وقال إن المواقع الإلكترونية تساهم بشكل فاعل في نشر الثقافة الساخرة، وتعتبر الكتابة الأردنية الساخرة من أنجح التجارب العربية، وكتابها متنوعون دون تقليد، وكل واحد تمكن من ابتكار قاموسه وصوته وضحكته الخاصة.

الساخر محظوظ
وبحسب رأي غيشان فالكاتب الساخر محظوظ تماما لكون الكتابة الساخرة تميل إلى الشعبية ومطلوبة ومحبوبة من النخب الثقافية والسياسية.

وأشار إلى أن تأثيرها قوي جدا، لا سيما أن القارئ يتبنى وجهة نظر الكاتب بسهولة وبدون جدال، لأنه يخاطب قلب القارئ، وبواسطة الابتسامة يورطه في تبني وجهة نظره.

وأضاف "لكن أقول إن الكتابة بشكل عام ليست ذات تأثير كبير في ظل ثقافة الاستهلاك والبترودولار التي تجتاحنا.. الكتابة الساخرة تستبقي جمر الحياة في يدها حتى لا تموت الجذوة إلى أن تظهر قوى اجتماعية ومؤسسات مدنية قادرة على قيادة التغيير".

جنس أدبي

رفقة دودين (الجزيرة نت)
رفقة دودين (الجزيرة نت)

وتقول الناقدة الدكتورة رفقة دودين "يبدو أن أطروحة الأدب الساخر في الأردن في طريقها إلى الرسوخ جنساً أدبياً يمتلك شروطه الموضوعية ومشروعيته ورسالته الأخلاقية والجمالية، وكأن الكاتب يقول: أنا أسخر.. إذن أنا موجود، وقد ارتبط الفن والإبداع الساخر بالموقف المغاير للسائد والمهيمن".

وأضافت "وفيما يتعلق بالساحة الإبداعية الأردنية فلدينا أدباء ساخرون رسّخوا حالة من الإبداع المختلف، والأدب الساخر حاضر وبأثر جمالي مدهش".

السخرية تواجه الوجع
وأوضح القاص العراقي الساخر علي السوداني أن الكتابة الساخرة لا تبدو سهلة لأن بينها وبين النقد المبتذل قيد أنملة.

وقال إن الأدب الساخر لا يحبس في باب المكتوب الصحفي الذي يقرأ اليوم وينسى غدا.

وأضاف "لذا رأينا أن هذا النوع الكتابي هو نوع من التنكيت المر أو الدعابة السوداء التي يلقيها صانعها الماهر كمهرج سيرك قلبه يوجعه، لكنه يواصل رش الضحك على الناس، وتلك مفارقة موجعة جعلت محمد طملية -وهو أحد كبار هذا الصنف الكتابي- يئن من عضات السرطان لكنه يواصل توزيع رحمة الضحك ويجعل مستوى التكشيرة شحيحا".

ورأى السوداني أن الأدب الساخر مخلوق ثقافي أفرز حشدا من الكتاب الخلاقين، مثلما أنتج كتابا تافهين كما هو حال كل فن جميل.

وفي تصريح خاص للجزيرة نت قال السوداني قبيل ساعات من توقيع مجموعته القصصية الساخرة "خمسون حانة وحانة"، إن الحانة الأخيرة إشارة لسجنه وما يجري وراء القضبان.

وقال الناقد هيثم سرحان في حفل التوقيع بمقهى "جفرا" وسط عمان مساء أمس إن السوداني استطاع أن يؤسس مصاهرة إبداعية فريدة مع أدب المقامات وألف ليلة وليلة ورسالة الغفران، كما استخدم أنساق الفكاهة والسخرية والنوادر.

المصدر : الجزيرة