الصورة النمطية والحنين إلى وطن بمتحف ألمانيا الشرقية

المتحف يسمح لزائريه بفتح أدراج ودولايب مقتنياته ولمسها
لا توجد بالمتحف عبارة "ممنوع اللمس" ويسمح للزائرين بفتح المقتنيات ولمسها (الجزيرة نت)

خالد شمت-برلين
 
يقدم متحف ألمانيا الشرقية في برلين صورة متكاملة عن الجمهورية الاشتراكية السابقة تتجاوز صورتها النمطية السائدة دولة سور برلين والأسلاك الشائكة وجهاز استخبارات شتازي الرهيب والرقابة البوليسية ومجتمع الطبقة العاملة.
 
وتكتظ جنبات المتحف يوميا بأعداد كبيرة من الزائرين أشارت غالبيتهم في سجلات الضيوف إلى أنهم جاؤوا للزيارة بناء على نصيحة أقارب أو معارف أو أصدقاء زاروه سابقا.
 
ويلبي المتحف الأحدث بين متاحف العاصمة الألمانية رغبات السياح الألمان والأجانب في التعرف على الجوانب المختلفة للحياة في جمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة منذ تأسيسها عام 1949 وحتى سقوطها عام 1989.

صورة نقدية

وذكرت المتحدثة باسم المتحف ميلاني ألبيرشتايدت أن معظم زائري مدينة برلين يضعون المتحف ضمن أجندتهم السياحية رغبة في إحراز تماس مباشر مع أجواء التقسيم والحرب الباردة بين الألمانيتين.
 
وأكدت المتحدثة في تصريح للجزيرة نت على اهتمام المتحف بتقديم صورة نقدية بعيدة عن الرومانسية لجمهورية ألمانيا الديمقراطية، وكذلك إبراز الحياة الطبيعية لمواطنيها والطبيعة البوليسية للدولة.
 
ويصنف المتحف الذي أسس في يوليو/تموز 2006 واحدا من المتاحف الخاصة ولا يخضع لإشراف الإدارة العامة لمتاحف برلين. وانبثقت فكرة تأسيسه من رجل الأعمال بيتر كينسلمان الذي مول تشييده وتأثيثه، وأشرف الأستاذ بجامعة برلين الحرة شتيفان فوله على تصميمه وإقامته فوق إحدى ضفتي نهر شبري بمواجهة كاتدرائية الدوم الشهيرة في قلب العاصمة الألمانية.


undefinedالحنين إلى وطن

يمثل المتحف للألمان الشرقيين موضعا لاستعادة الذكريات والحنين إلى وطن عاشوا به فيما مضى، ويعد بالنسبة لشرائح عدة من الألمان الغربيين والسياح الأجانب مكانا لتلقي معلومات علمية موثقة عن المظاهر المعيشية في جمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة.

 
وجمع المتحف معظم مقتنياته -المعروضة على مساحة أربعمائة متر مربع- عبر تبرعات قدمها مواطنو الجمهورية السابقة، حيث حصل المتبرعون على تذاكر مجانية لزيارة المتحف مدى الحياة.

مسموح اللمس
وبعكس المتاحف التقليدية والحديثة التي تتواصل عبر الحاستين البصرية والسمعية، فإن هذا المتحف يتميز بمخاطبة مقتنياته حاستي اللمس والشم لدى زائريه. وتختفي هنا عبارة "ممنوع اللمس" التي تلازم المتاحف الأخرى، فيُسمح للزوار بفتح الأدراج والدواليب ولمس واستخدام ما فيها.

 
وتصادف الزائر بمجرد دخوله سيارة ترابند أو (ترابي) كما كان يدللها الألمان الشرقيون الذين طالما اعتبروها فخر صناعتهم. وكانوا ينتظرون طويلا قبل الحصول على واحدة منها، ويشم الزائر عند دخوله السيارة الضيقة رائحة نفاذة تنبعث من مقاعدها المصنوعة من بلاستيك رخيص.
 
وفي قسم آخر يرى الزائر غرفة معيشة تضم جهاز تلفزيون يقدم برامج القناتين الوحيدتين في ألمانيا الشرقية السابقة وبرامج القناتين الأولى والثانية بتلفزيون ألمانيا الغربية اللتين كان بثهما يلتقط في المدن الحدودية، كما يتيح ركن السينما مشاهدة مجموعة من الأفلام الروائية والتسجيلية المنتجة في الدولة الشيوعية السابقة.
 

 سيارة ترابند التي طالما حلم الألمان الشرقيون باقتنائها (الجزيرة نت)
 سيارة ترابند التي طالما حلم الألمان الشرقيون باقتنائها (الجزيرة نت)

تاريخ رياضي
من ناحية أخرى يركز القسم الرياضي على مجالات حقق فيها الرياضيون الألمان الشرقيون تفوقا عالميا، فتبرز مشاركة المنتخب الألماني الشرقي لكرة القدم في مونديال 1974 بألمانيا الغربية.
 
وتضم أدراج القسم مجموعة أدوية منشطة كان تداولها منتشرا على نطاق واسع بين الرياضيين الشرقيين آنذاك.
 
كما يبدو الطابع الإلزامي الموحد لنظام الدولة الاشتراكية واضحا في الأزياء والحقائب والكتب والأدوات المدرسية، وملابس العمال، والقمصان الزرقاء لاتحاد الشباب الحر والتي كان ارتداؤها في المناسبات الرسمية فرضا على الشبيبة الألمان الشرقيين.
 
يذكر أن متحف ألمانيا الشرقية رشح هذا العام للمنافسة في جائزة أفضل متحف أوروبي تعلن اسم الفائز بها ملكة بلجيكا فابيولا في احتفال يقام بمدينة بروكسل في مايو/أيار الجاري،  وتقتصر المشاركة على المتاحف الأوروبية الحديثة.
المصدر : الجزيرة