مدرسة مادبا للفسيفساء تنعش فن الحضارات القديمة

الأردن


قد ينسى الناس بعض ملامح الماضي إلا أن فن الموزاييك "الفسيفساء" الذي زينت به الحضارات القديمة معابدها ودورها المميزة عاد بقوة إلى حياة الأردنيين ليذكرهم بماض غني وتاريخ أعادت رونقه أيادي المرممين والفنانين.

في مدينة مادبا على بعد 30 كلم جنوب العاصمة الأردنية عمان تقع مدرسة للفسيفساء -هي الأولى من نوعها في الشرق الأوسط- تعنى بالحفاظ على لوحات الفسيفساء الأثرية وتخرج مهنيين قادرين على ابتكار الجديد ونسخ الماضي.

يقع بناء المدرسة القديم في محيط تاريخي إذ تجاورها كنيسة العذراء التي ترجع إلى القرن السادس بعد الميلاد بأرضياتها المغطاة بلوحات الفسيفساء ومتنزه أثري يضم أقدم لوحة فسيفسائية عثر عليها في الأردن وهي من القرن الأول قبل الميلاد أخذت من قلعة مكاور حيث قطع رأس يوحنا المعمدان.

"
تعمل المدرسة التي افتتحت عام 1995 بتعاون أردني إيطالي على استقطاب 15 طالبا يتمتعون بمواهب فنية بداية كل عام دراسي
"

إضافة إلى هذه اللوحة يضم المتنزه أرضيات عديدة تم اقتلاعها وترميمها من كنائس أخرى في المملكة.

وتعمل المدرسة التي افتتحت عام 1995 بتعاون أردني إيطالي على استقطاب 15 شابا وفتاة يتمتعون بمواهب فنية بداية كل عام دراسي لاستكمال تعليمهم الثانوي في الفرع الصناعي فيها والتخصص في مجال ترميم وصيانة الفسيفساء.

تقول مديرة مدرسة مادبا للفسيفساء كاترينا حمارنة إن المدرسة أنشئت بهدف إيجاد خبراء محليين مختصين في مجال الترميم والصيانة وإحياء فن الفسيفساء.

وتضيف أنه رغم الإقبال الشديد من الطلاب على الالتحاق بالمركز فإن المدرسة تختار 15 طالبا فقط بعد امتحان قبول يختبر قدرات الطالب الفنية وبناء على معدلات مدرسية جيدة.

وتؤكد حمارنة أن المدرسة غير قادرة على قبول الجميع مشيرة إلى أنها منذ إنشائها هدفت إلى إيجاد فرص عمل جديدة للشباب الأردني، "ولا نريد خلق بطالة في هذه السوق".

"
يتخرج الطلاب من مدرسة الفسيفساء بعد سنتين لينضم ستة منهم إلى الجامعات الأردنية لدراسة الآثار أو الفنون أو الترميم أو الديكور، ويفتح الباقون مشاغل أو ينضمون إلى المشاغل الموجودة أصلا
"

يشار إلى أن المدرسة منذ عام 2000 تدرب كوادر من سوريا وفلسطين والعراق، علاوة على أنها بدأت هذا العام بقبول طلبة من الدول الأخرى لسد الحاجة إلى خبراء.

ويتخرج الطلاب من مدرسة الفسيفساء بعد سنتين لينضم ستة منهم إلى الجامعات الأردنية لدراسة الآثار أو الفنون أو الترميم أو حتى الديكور، ويقوم الباقون بفتح مشاغل أو ينضمون إلى المشاغل الموجودة أصلا والبالغ عددها أكثر من 20 في مدينة مادبا، أو العمل مع البعثات الأثرية التي تقوم بالحفريات وتحتاج إلى مرممين.

ومن المهام التي تلقى على عاتق الطلاب صيانة الفسيفساء التي يعثر عليها في المواقع الأثرية مثل كنيسة الرسل في مادبا وكنيسة الكاهن يوحنا قرب جبل نبو، وتقوم المدرسة حاليا بصيانة معبد زيوس في جرش إضافة إلى مواقع أخرى.

ويرى الزائر لمدينة مادبا مئات اللوحات الفسيفسائية المصنوعة من الحجارة الطبيعية المعروضة أمام المشاغل والتي يعمل في العديد منها خريجو المدرسة حيث يقومون بنسخ الجداريات القديمة، وهو ما يتزايد الطلب عليه ويبتكرون ما هو جديد.

وتقول إحدى خريجات المدرسة راغدة زوايدة إن أكثر المصنوعات التي تعمل فيها هي وزملاؤها في المشغل هي اللوحات ذات الطابع القديم أي النسخ الحديثة المأخوذة من الأرضيات القديمة التي عثر عليها في الكنائس والمعابد والتي أصبحت تزين المنازل والشركات في أنحاء المملكة.

المصدر : رويترز