"أرق الصحراء" للرحبي ..طريقة مختلفة في كتابة السيرة

غلاف كتاب أرق الصحراء - للشاعر سيف الرحبي

محمد العلي

الكتابة السردية عند الشاعر سيف الرحبي, هي وسيلة لاقتناص الجوهري في العالم الذي يتحرك فيه خلال ساعات صحوه وفي أحلامه وخلال أسفاره.

في هذا النوع من الكتابة يظل سيف الشاعر حاضرا, لجهة توظيف حساسيته وموهبته في تحليل طبائع البشر, بدءا من أشقائه وأطفالهم في سرور العمانية, وصولا إلى أم عبير القاهرية وسائر أصدقاء الرحبي في مدن العالم وقاراته.

جديد سيف هنا أتى بصيغة يوميات تحمل عنوان "أرق الصحراء" (152 صفحة من القطع الوسط) أصدرتها في بيروت العام الجاري دار الانتشار العربي.

و"أرق الصحراء" هو امتداد لرحلة بدأها الرحبي في "منازل الخطوة الأولى" الكويت- القاهرة 1993, والتي أنارت شيئا من طفولة الرحبي وشبابه الباكر, ثم تواصلت لاحقا مع كتاب "قوس قزح الصحراء"- كولونيا, بيروت 2002.

وفي "أرق الصحراء" لا أثر لليوميات بمعناها التقليدي. فللكاتب روزنامته الخاصة حيث تتعاقب الأيام "الاثنين – الثلاثاء- صباح الخميس" دون تقديم وقائع مرتبطة بمكان وتاريخ.

غياب التواريخ
التاريخ غائب عند صاحب "نورسة الجنون" لأنه لم يشأ التعامل مع مشاهد عيانية باعتبار أن الإبهار والإدهاش "لم يعودا قائمين على وصف رحلة أو سفر حتى في حال لجوء الكاتب للتضخيم والفنتازيا. تقنيات الصورة المرئية المسموعة الجارفة قضت على كل ذلك, وحين يراودنا الحنين إلى التماس المتعة التي تقترب من سحر الطفولة, نعود إلى كتب الماضي وابن فضلان".

"
تبويب "أرق الصحراء" لا يخضع للسياق المعتمد لليوميات فعناوين الجزئين الثالث والرابع ترصد علاقة الكاتب الخاصة بمدينتي بيروت والقاهرة. أما الجزء الأول والثاني فيقومان على مزيج من الرصد والتأملات يشتقان مضامينهما من عناوينهما
"

في يوميات الرحبي نلتقي بأسماء لأشخاص نعرفهم: بول شاوول ,عرب لطفي, رشيد الضعيف, الراحل ممدوح عدوان, سمير سرحان ولآخرين تترك لمخيلاتنا الفرصة لاستجلاء ملامحهم.

التبويب
تبويب "أرق الصحراء" بدوره لا يخضع للسياق المعتمد لليوميات فعناوين الجزئين الثالث والرابع ترصد علاقة صاحب "رجل من الربع الخالي" الخاصة بمدينتي بيروت والقاهرة. أما الجزء الأول والثاني فيقومان على مزيج من الرصد والتأملات يشتقان مضامينهما من عنوانيهما: "الغبار الأرضي وذلك القادم من كواكب أخرى" و"كل هذا الموت, كل هذه الحياة, كل هذا الجاز".

هنا يقدم الرحبي تنويها خاصا ومضمرا برائعة "بوب فوس" التي كانت علامة مميزة في تاريخ السينما الغنائية. ثم يواصل احتفاءه بالسينما عبر التعريف بعشاقها من أصدقائه, وبعناوين أفلام تبرهن على أن هذا الفن شكل جزءا من الذاكرة الثقافية لجيله.

في "أرق الصحراء" الذي يأتي بعد 12 كتابا وديوانا, يضيء لنا صاحب "رأس المسافر" شيئا من شغفه بالبحر والجبال, وشيئا عن طبائع الغربان الموجودة بكثرة على سواحل عمان واليمن. والأهم أنه يخط عبر الكتاب, طريقا مختلفا في كتابة سيرته الذاتية.

ــــــــــــــــــــ
الجزيرة نت

المصدر : الجزيرة