المياه الجوفية تهدد بتدمير الآثار المصرية

تمثالان ضخمان للملك الفرعوني أمنحوتب الثالث في الأقصر

محمود جمعة-القاهرة

طالب علماء آثار بضرورة تنفيذ مشروع وطني لإنقاذ المعابد والمعالم الأثرية التاريخية من مخاطر المياه الجوفية التي تهدد المعابد المصرية في كل من المنيا والأقصر وأسوان وقنا.

وتأتي هذه الدعوة بعد أن شهدت الشهور الأخيرة ارتفاعا ملحوظا لمنسوب المياه الجوفية في معبد الأقصر وامتلاء جوانبه بالمياه التي غمرت تماثيل طريق الكباش أشهر وأهم الطرق الأثرية في تاريخ الحضارة الإنسانية. وبلغ ارتفاع منسوب المياه نصف متر غطت أجزاء من قواعد أعمدة المعبد. وأدى ذلك إلى التأثير على النقوش والألوان في هذه المعابد.

كما شهدت آثار منطقة المطرية تآكل الصخور المتبقية من مدينة "هيلوبوليس" وهي مدينة عين شمس القديمة التي تمثل أول مدينة في مصر الفرعونية ومقر عبادة الإله "رع" إله الشمس بفعل المياه الجوفية. كما أتت هذه المياه على المقابر الصخرية في منطقة الشاطبي بمدينة الإسكندرية وتعود إلى عصر بطليموس الثالث، وأدت الأملاح إلى انهيار المقابر واستحالة علاجها. وتتعرض معابد أسنا وأدفو وآثار أخميم ومنطقة الأهرام إلى أخطار مشابهة نتيجة الزحف العمراني العشوائي على المناطق الأثرية وارتفاع منسوب التلوث البيئي حول الآثار.

يقول الأمين العام السابق لهيئة الآثار الدكتور عبد الحليم نور الدين إن حماية الآثار من المياه الجوفية أصبحت ضرورة حيث تتأثر الأحجار الأثرية بالمياه الجوفية التي قد تقلل من درجة تماسك الحجر الأثري.

وأشار نور الدين إلى قيام مركز البحوث الجوفية بالقناطر الخيرية بعمل دراسات وأبحاث عن كيفية حماية المعابد والمناطق الأثرية من خطر تلك المياه.

ولا تزال الآثار المصرية تبحث حتى اليوم عن التأمين الذي يحميها من مخاطر السرقة والغرق تحت بحار المياه الجوفية التي أصبحت تهدد العديد من المعابد الموجودة في جنوب مصر مثل معبدي الكرنك والأقصر، كما يقول الدكتور أحمد الصاوي الأستاذ بكلية الآثار.

ويطالب الصاوي بوقف جميع المشروعات الأثرية الجديدة من أعمال حفريات وتطوير وتجميل المنشآت الأثرية وتوجيه كل الاعتمادات المالية لحماية تلك المعابد المهددة بالانهيار الفعلي. كما يطالب بإنشاء شرطة خاصة بالآثار المصرية تكون تبعيتها للمجلس الأعلى للآثار لديها الدراية الفنية بالاحتياجات التأمينية للأثر.

وللمياه الجوفية تأثير كبير على الآثار مهما اختلفت أنواع أحجارها ودرجة استجابة هذه الأحجار للتعامل مع المياه. وفي هذا الإطار يقول خبير الآثار هليل غالي إن الحجر الرملي هو أضعف هذه الأحجار، وهو يتأثر بالتآكل والتحلل أكثر من الحجر الجيري الذي يليه في نسبة التأثر بالمياه الجوفية، موضحا أنه حتى أحجار الجرانيت الصلبة تتأثر أيضا بالمياه.

ويشير إلى مشروع مهم للحد من خطورة المياه الجوفية أسفل معبدي الكرنك والأقصر أعده مكتب خبرة سويدي انتهى من عمل كل الدراسات والقياسات الخاصة بالمياه الجوفية أسفل المعبدين لكن المشروع تعثر لسنوات عديدة.

وطالب هليل بأن تشارك بيوت الخبرة المصرية نظيرتها الأجنبية في وضع دراسات علمية لخفض منسوب المياه الجوفية الموجودة أسفل المناطق الأثرية لحماية هذه الثروة التاريخية.
ـــــــــــــــــــــ
مراسل الجزيرة نت

المصدر : الجزيرة