ممالك عالية: مجموعة شعرية جديدة لمحمد علي شمس الدين


undefinedصدر في بيروت الديوان الجديد للشاعر اللبناني محمد علي شمس الدين، وتحمل المجموعة الشعرية الجديدة عنوان "ممالك عالية" أسئلة قديمة وأخرى متجددة, لكنها تبقى في عمقها كأنها توائم.

وشمس الدين شاعر ذو قريحة وصنعة تتسم بمهارة, ونتاجه عطاء دائم يتراوح أحيانا كثيرة بين هدير وأنين ويجمع شعره بين الفكري والصوفي والعاطفي. إنه شاعر له وقع ونسيج خاص. وهو في مجموعته الأخيرة يجمع بين أساليب مختلفة عرفها نتاجه في مسيرته الشعرية، بين شعر التفعيلة كلاسيكيا صريحا وبينه مشذبا, وبين الشعر المتعدد وزنا وقافية والشعر الحر القائم على وزن دون قافية.

مجموعة "ممالك عالية" التي صدرت في 144 صفحة من القطع الصغير عن دار الآداب في بيروت اشتملت على 29 قصيدة، القصيدة الأولى في المجموعة تبدو مع قصائد أخرى كأنها عملية توأمة شعرية على غرار ما يجري هذه الأيام من توأمة مدن بين الواحدة منها والأخرى بعد جغرافي شاسع، أما في هذه الحال فالبعد زمني أساسا.

ورغم ما يمكن أن يوصف فيها بأنه مصطلحات منها التضمين والمعارضة فهناك أمر أكيد هو هذا الارتباط القائم بين المعنى القديم والمعنى الجديد أو القديم المتجدد حتى حين يسعى الجديد إلى نقض القديم. وتحمل القصيدة الأولى عنوانا ذا نسب وثيق بعنوان المجموعة وهو "أعلى الممالك" وتحت العنوان استشهاد بالمتنبي في قوله "أعلى الممالك ما يبنى على الأسل", ولعل هذه التوأمة وفيها استحضار للمتنبي فرضت مجاراة أبي الطيب من حيث لغته ونفسيته رغم رفض شمس الدين "مملكة الحراب" التي دعا المتنبي إليها.

ومملكة شمس الدين بعيدة جدا عن ذلك, إنها تقوم على الزهر والطير وفي هذا كثير من الفكري بل من الصوفي تحديدا. فيقول:

ورأيته يزن الرياح بكفه ويقول دوري
ما شئت
إني حامل اللهب المقدس في يدي
ودم العصور
ما زال يجري في أعنته القديمة غاسلا
وجهي ومقتحما جذوري
شيدت من ألم البنفسج
دولة بيضاء عالية
ومن لغة الطيور
شيدت مملكتي وأسدلت الغناء على قصوري
أعلى الممالك ما يشاد على الزهور
لا السيف

أما قصيدة "جملة واحدة" ذات الشكل الحديث القائم على إيقاع موسيقي دون قافية تقليدية, فنجدها حافلة بالإرشارات بمعاني هذه الكلمة ودلالاتها المختلفة, ويقول:

إني أتيت من الغياب لكي أهز حضوركم
وأصب في الكأس القديمة ما تجمع من مدامعكم
هي الأمطار تهطل من سماء قروحكم على شفتي
فيشربها دمي الظمآن لا غفران لا غفران
إلا بالصليب, وإنني لست المسيح ولا الذي في كربلاء تخطفته سيوفكم
أو أنني الحلاج حين يصاب في أعلى مقاصله
فبأي آلاء الجريح تكذبون.

المصدر : رويترز