كتاب أميركي يفضح تشويه العرب في هوليود

undefined

صدر في الولايات المتحدة مؤخرا كتاب بعنوان "العرب الأشرار في السينما.. كيف تشوه هوليود أمة" تناول الطريقة التي تستخدمها صناعة السينما الأميركية في تشويه صورة العرب والمسلمين في كل فيلم تقريبا طوال القرن الماضي.

مؤلف الكتاب هو جاك شاهين وهو أميركي من أصل عربي ولد في بنسلفانيا لأبوين مسيحيين هاجرا من لبنان, ولم يلتق قط بأي مسلمين عرب حتى بلغ الأربعين من عمره عندما فاز في السبعينيات بمنحة من مؤسسة فولبرايت الأميركية للتدريس في بيروت التي كانت الحرب تمزقها آنذاك، وأدرك على الفور أنه لا يعرف شيئا في الواقع عن المنطقة التي ينتمي إليها أسلافه. فالقليل الذي شاهده عن العالم العربي عن طريق التلفزيون وفي الأفلام لا علاقة له بخبرته المباشرة في لبنان والأردن والسعودية.

وأمضى شاهين العقدين التاليين في محاولة اكتشاف السبب وراء الاختلاف بين صورة العالم العربي في الولايات المتحدة وواقعه. ويقول شاهين إنه يتم الربط بشكل منتظم بين الإسلام وسيطرة الرجل على المرأة والجهاد وأعمال الإرهاب. وقال "أن تكون عربيا يعني أن تكون مسلما ويعني أن تكون إرهابيا.. تلك هي الصورة السائدة عن الإسلام".

ومن بين جميع الأفلام التي درسها شاهين منذ عام 1980 لم يضع سوى 12 فيلما منها في قائمته "لأفضل" الأفلام التي تتضمن صورا إيجابية للعرب ومن بينها فيلم "روبين هود.. أمير اللصوص" الذي أنتج عام 1990، وفيلم "المحارب الثالث عشر" الذي أنتج عام 1999.

وعمل شاهين مع المنتجين في فيلم آخر عام 1999 هو فيلم "ثلاثة ملوك" جعله الأفضل على قائمته. ويحكي الفيلم قصة أربعة جنود خارجين من الجيش الأميركي بدؤوا بعد حرب الخليج عام 1991 رحلة لاسترجاع كنز كويتي من الذهب سرقه الرئيس العراقي صدام حسين.

وقال إن شركة وارنر براذرز المنتجة للفيلم عينته مستشارا بعد أن احتجت عدة جماعات عربية أميركية ومنظمات إسلامية على فيلم "قرار تنفيذي" الذي أنتجته الشركة عام 1996 قائلة إن الفيلم صور الإسلام بشكل غير نزيه باعتباره مرادفا للإرهاب.

صورة نمطية
ونشر كتاب "العرب الأشرار في السينما" في الصيف الماضي بواسطة دار إنترلينك للنشر، وهي دار نشر صغيرة مستقلة ليظهر في الأسواق قبل هجمات 11 سبتمبر/ أيلول مباشرة.

وقال شاهين إن مئات جرائم الكراهية التي ارتكبت ضد الأميركيين العرب والمسلمين في الولايات المتحدة بعد الهجمات أكدت أهمية محاربة الصور النمطية. وأوضح "أن هدف الكتاب هو أن يشرح في الواقع أنه عندما تشوه شعبا فإن رجالا ونساء وأطفالا أبرياء يعانون، وأن التاريخ علمنا ولا يزال يعلمنا هذا الدرس".

ومضى يقول إنه لا شك في أن تشويه النازيين لليهود بواسطة الأفلام ووسائل الدعاية الأخرى جعل المحرقة ممكنة وأن الصور الإعلامية المتكررة للأميركيين اليابانيين بأنهم أجانب أفسحت الطريق لدفن نحو مائة ألف أميركي ياباني أثناء الحرب العالمية الثانية.

وتابع قائلا "عندما ننظر إلى تشويه المسلمين العرب فإن ذلك يجعل كراهيتهم وقتلهم أسهل كثيرا". وأضاف "يجب ألا ننخرط في تشويه شعب بسبب أعمال أقلية ضئيلة".

قواعد الاشتباك
ويرى شاهين أن مئات الأفلام التي ترجع إلى عام 1914 تصور العرب وكأنهم "شر خالص" مشيرا إلى فيلم "قواعد الاشتباك" الذي أنتجته شركة باراماونت عام 2000 باعتباره فيلما "يعزز الصور النمطية التي ألحقت ضررا تاريخيا ويشجع على تصوير العرب بشكل عام وخطر بأنهم معادون متطرفون بشدة للأميركيين".

ويبدأ الفيلم بمشاهد تعرض لأطفال ونساء عرب يرتدين البرقع وهم يطلقون النار على السفارة الأميركية في العاصمة اليمنية صنعاء، وضابط في الجيش الأميركي يعطي أوامره بإطلاق النار على المدنيين. ويكتب شاهين قائلا إن ذلك الفيلم و13 فيلما آخر تعرض أميركيين يقتلون عربا. والتزمت هوليود الصمت بخصوص الموضوع كله.

ويخلص شاهين في نهاية كتابه إلى أن "العرب يبدون متخلفين وخطرين عند النظر إليهم عبر عدسات هوليود المشوهة".


ديفد ماك من معهد الشرق الأوسط للأبحاث في واشنطن:
إن كتاب شاهين مخيف لأن الأفلام والتلفزيون يشكلان الرأي العام الأميركي

وقال ديفد ماك من معهد الشرق الأوسط وهو مركز أبحاث مقره واشنطن إن كتاب شاهين مخيف لأن الأفلام والتلفزيون يشكلان الرأي العام الأميركي. وأضاف ماك "على كل مخرج ومنتج جاد مسؤولية أن يقرأ كتابه (شاهين) وأن يحفظ بعضا من هذه الدروس عن ظهر قلب".

لكن ريتش تيلور المتحدث باسم الاتحاد الأميركي للصور المتحركة قال إنه لم ير كتاب شاهين ولا يستطيع التعليق على الاستنتاجات التي توصل إليها.

ويرى شاهين أن جانبا من المشكلة هو أن الأستديوهات الكبرى التي تعرضت لضغوط على مدى السنين لتتوقف عن تقديم صور سلبية للمرأة والسود والأقليات الأخرى واجهت انتقادات قليلة لتقديمها صورا سلبية عن العرب.

ويتفق بشأن ذلك الناقد السينمائي بمجلة تايم الأميركية ريتشارد شيكل الذي قال "تحولت هوليود إلى العرب ليلعبوا دور الشرير في الأفلام بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وانتهاء الحرب الباردة بشكل خاص". وأضاف "في البداية لم يكن للعرب منظمات مماثلة لعصبة مناهضة التشهير لكي تثور وتحتج عندما تقدم هذه الصور النمطية".

العرب الأميركيون أيضا
ويقول شاهين إن هوليود لم تستثن أيضا العرب الأميركيين إذ يقول "هناك أقل من 20 فيلما أنتجت يظهر فيها أميركيون من أصل عربي أو يمكن التعرف عليهم.. وتعرض لنا معظم هذه الصور نسخا بالكربون للصورة النمطية للمسلمين العرب", مشيرا إلى أن 75% من الأميركيين ذوي الأصول العربية هم مسيحيون في الواقع.

وشب شاهين في كليرتون، وهي بلدة بها مصانع للصلب خارج مدينة بيتسبرج. وشق طريقه إلى الجامعة من المصانع مع أشخاص ينتمون لكل الألوان والديانات.

وقام شاهين لسنوات كثيرة بتدريس وسائل الاتصال الجماهيري في جامعة ألينوي الجنوبية قبل أن يحال إلى المعاش في كارولاينا الجنوبية قبل سبع سنوات. ويحاضر الآن عن سبل التغلب على التحيز والصور النمطية. كما يشجع الأميركيين العرب على الدخول إلى عالم الصحافة والمهن الأخرى ذات التوجه الإعلامي.

واستخدم واحدا من كتبه الأولى وهو بعنوان "عرب التلفزيون" في المحاضرات عن العنصرية والتحيز في كثير من الجامعات الأميركية. وسيركز أحدث مشروعاته على الشخصيات الأميركية العربية في الأفلام والتلفزيون أو غيابها.

ووصفت المراسلة المخضرمة في البيت الأبيض هيلين توماس، وهي أيضا من أصول عربية، شاهين بأنه "عصبة لمناهضة التشهير مكونة من رجل واحد كشف عن تحقير هوليود للعرب في معظم -إن لم يكن في كل- أفلامها".

المصدر : رويترز