بعد مقتل خاشقجي.. سعوديون يكشفون محاولات لاستدراجهم لسفارات بلادهم

ISTANBUL, TURKEY - OCTOBER 10: A security guard looks out the front door of Saudi Arabia's consulate on October 10, 2018 in Istanbul, Turkey. Fears are growing over the fate of missing journalist Jamal Khashoggi after Turkish officials said they believe he was murdered inside the Saudi consulate. Saudi consulate officials have said that missing writer and Saudi critic Jamal Khashoggi went missing after leaving the consulate, however the statement directly contradicts other sources including Turkish officials. Jamal Khashoggi a Saudi writer critical of the Kingdom and a contributor to the Washington Post was living in self-imposed exile in the U.S. (Photo by Chris McGrath/Getty Images)
بوابة القنصلية السعودية في إسطنبول (غيتي)

أثار مقتل الصحفي جمال خاشقجي خوفا في أوساط المعارضين السعوديين في الخارج، وكشف بعضهم عن محاولات من السلطات السعودية لاستدراجهم إلى سفارات بلادهم بهدف الضغط عليهم للعودة إلى المملكة.

وبعد مرور ثلاثة أسابيع تقريبا على اختفاء خاشقجي في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الجاري أعلنت السلطات السعودية أول أمس السبت أن الصحفي السعودي قتل في قنصليتها في إسطنبول إثر وقوع شجار و"اشتباك بالأيدي" خلال نقاش في القنصلية "لم يسر بالشكل المطلوب وتطور بشكل سلبي وتفاقم الأمر، ما أدى إلى وفاته".

وقالت مصادر قريبة من الحكومة إن النقاش المذكور كان على الأرجح محاولة لإقناع خاشقجي بتسليم نفسه لم تجر بشكل جيد.

وروى معارضون سعوديون في ثلاث دول مختلفة ما بدا محاولات من مسؤولين للإيقاع بهم لدخول ممثليات دبلوماسية تابعة لبلادهم، مشيرين إلى أن ذلك كان يمكن أن يعرضهم إلى مصير مماثل لمصير خاشقجي. 

وذكر المعارض السعودي عمر عبد العزيز (27 عاما) المقيم في كندا أن مسؤولين سعوديين تحدثوا معه في وقت سابق هذا العام وحاولوا استدراجه لزيارة سفارة بلاده للحصول على جواز سفر جديد.

وأضاف عبد العزيز -الذي أثار غضب السلطات عبر برنامج على موقع يوتيوب يسخر فيه من القيادة السعودية- في تغريدة على موقع تويتر تعليقا على ما حصل مع خاشقجي "فعلوا الأمر نفسه معي ولما رفضت اعتقلوا إخوتي وأصدقائي".

كمين
وروى في شريط فيديو نشره على يوتيوب أن المسؤولين كانوا يقنعونه بالقول إن الأمر لن يستغرق أكثر من ساعة، ولما رفض خوفا من التعرض لكمين قال إن السلطات أوقفت في السعودية عددا من أصدقائه وأشقائه.

وذكرت صحيفة واشنطن بوست التي كان خاشقجي يكتب فيها أنها حصلت على تسجيلات مدتها ساعات سجلها عبد العزيز سرا خلال محادثاته مع المسؤولين السعوديين الذين قصدوه في كندا.

وروى عبد الله العودة -وهو باحث في جامعة جورج تاون- لوكالة الصحافة الفرنسية أنه قصد العام الماضي سفارة بلاده في واشنطن لتجديد جواز سفره، فطلب منه العودة إلى المملكة لإتمام ما بدا له أنها إجراءات بسيطة.

وعبد الله هو نجل الداعية السعودي المعروف الشيخ سلمان العودة أحد المشايخ الذين أوقفوا العام الماضي ضمن حملة اعتقالات قالت السلطات إنها موجهة ضد أشخاص يعملون "لصالح جهات خارجية ضد أمن المملكة ومصالحها"، وقد طلبت النيابة العامة السعودية الشهر الماضي الإعدام للداعية.

وقال العودة "عرضوا علي تصريحا مؤقتا يسمح لي بالعودة إلى السعودية، لكنني عرفت أنه فخ، وغادرت السفارة مع جواز سفري المنتهية صلاحيته".

وتوحي هذه الشهادات بوجود جهود سعودية متزايدة لإعادة منتقدي الحكومة السعودية إلى المملكة، وذلك منذ تولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان منصبه العام الماضي.

ولم ترد وزارة الإعلام السعودية على طلب للوكالة بالتعليق على الموضوع، لكن مصادر مقربة من النظام ألمحت إلى وجود برنامج واسع لإعادة المعارضين إلى المملكة.

وكتب علي الشهابي مدير معهد الجزيرة العربية في واشنطن المؤيد للسعودية في حسابه على موقع تويتر "على الأغلب أجاز محمد بن سلمان القيام بعملية لاستعادته (خاشقجي)، وإذا كان الأمر كذلك فقد كان (قرارا) غير حكيم، ولكن القادة والحكومات يرتكبون الأخطاء، وفي بعض الأحيان تكون فظيعة".   

وأضاف أن "التغطية على ما حصل كانت غير حكيمة وتفتقر إلى الكفاءة".

تخوف
من جهتها، روت الناشطة السعودية منال الشريف التي تقيم في أستراليا أنها تعرضت لمحاولة مشابهة في سبتمبر/أيلول 2017 عندما حاول سعود القحطاني -الذي كان يشغل منصب المستشار في الديوان الملكي برتبة وزير- استدراجها إلى السفارة السعودية.

ونشرت الشريف في حسابها على موقع تويتر صورا لمحادثاتها الخاصة مع القحطاني، وكتبت "لولا لطف الله لكنت من المغدور بهم".

وتمت إقالة القحطاني أول أمس السبت مع مسؤولين آخرين على خلفية قضية خاشقجي.

وتضاعف عدد السعوديين المطالبين باللجوء السياسي منذ تولي الأمير محمد بن سلمان منصبه، وكان هناك 575 ملف طلب لجوء في عام 2015، وارتفع إلى 1256 في عام 2017 بموجب أرقام صادرة عن الأمم المتحدة.

وبات معارضون يتخوفون من زيارة الممثليات الدبلوماسية التابعة لبلادهم خارج المملكة.

وقالت الناشطة أماني الأحمدي (27 عاما) التي تقيم في سياتل إن "قصة جمال خاشقجي المرعبة تسببت بحالة من الصدمة لدى الكثير من الناشطين".

وتابعت أن كثيرين منهم "لا يتحدثون علنا خوفا من إيذاء عائلاتهم في الوطن، أو خسارة منحهم الدراسية، أو الأسوأ تعرضهم للخطف أو الاعتقال".

كما يتخوف كثيرون من هجمات إلكترونية تقوم بها حسابات وهمية مؤيدة للنظام فتلاحق المنتقدين، وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن البرنامج من صنع القحطاني.

وقال عبد الله العودة "كان منفذو هذا الفعل المروع ضد خاشقجي يوجهون رسالة مفادها أن أي شخص يعبر عن أدنى خلاف مع الحكام سيتم استهدافه".

وتابع "هل نجح هذا العمل المتهور في إسكات الأصوات المعارضة؟"، مجيبا "صوت جمال أعلى من أي وقت مضى".

المصدر : الفرنسية