تقدير إستراتيجي: بيئة هشة تنتظر إسرائيل في 2016

مواجهات بين فلسطينيين والجيش الإسرائيلي بالقرب من مستوطنة بساغوت الاسرائيلية الواقعة إلى الشمال من القدس ومجاور تماما لمدينتي رام الله والبيرة.
مواجهة بين شبان فلسطينيين وجيش الاحتلال أثناء احتجاج شمال القدس الشهر الماضي (الأناضول)

عوض الرجوب-الخليل

تحت عنوان "بيئة سياسية وأمنية هشة.. تنعكس على الملف الفلسطيني وتفصيلاته" ناقش تقدير إستراتيجي لمركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني الواقع الأمني للجبهات المحيطة بفلسطين المحتلة، وحركة الاحتلال، وتأثيرات ذلك على الواقع الفلسطيني من حيث بنيته السياسية وشكل تحركه في هذه المرحلة الحساسة من التاريخ، إضافة إلى رؤية الاحتلال لكل مواطن الصراع.

كما رصد التقدير التحولات الجديدة في التعاطي العربي مع إسرائيل، خاصة العلاقة مع مصر والأردن، وبعض دول الخليج، ودوره في إطلاق يد إسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني المنتفض.

وختم التقدير السنوي رؤية المركز وتصوراته في خلاصة محددة لقراءة العام 2016 لما لهذا العام من بواعث قلق حقيقي على ملفات القدس وغزة، وشكل الحراك السياسي تجاه القضية الفلسطينية.

ووفق التقدير، فإن إسرائيل أمام جبهتين ساخنتين في الشمال على الحدود مع لبنان وسوريا، وفي الجنوب مع قطاع غزة، مقابل جبهتين هادئتين في سيناء على الحدود مع مصر والشرق على الحدود مع الأردن.

ويتضمن التقدير قراءة تحليلية شاملة للبيئة السياسية والأمنية لأحداث فلسطين التاريخية العام الماضي واستشراف عام 2016، ومناقشة الواقع الأمني للجبهات المحيطة بفلسطين، وتأثيراته على الواقع الفلسطيني.

مخططات إقليمية
يوضح التقدير أن إسرائيل تسعى في هذا العام إلى جملة من المخططات أهمها توسيع علاقاتها مع الدول العربية لتحقيق جملة من الأهداف، أهمها في الملف الفلسطيني تطويق انتفاضة القدس، وتمرير بناء 55 ألف وحدة استيطانية، ورفع سقف المهاجرين اليهود إلى فلسطين المحتلة إلى خمسين ألفا سنويا.

وداخليا، رجح التقدير مس البيئة السياسية لفلسطينيي 1948، وتوسيع تجارة الغاز، وتعزيز البنية الأمنية في مواجهات الجبهات الشمالية والجنوبية.

ووفق تقدير مركز القدس، فإن الاحتلال يعد عدته لمدينة القدس المحتلة في عام 2016، من حيث الشروع في البناء الاستيطاني بمنطقة "إي1″، ثم السعي لتمرير ما يعرف بالتقسيم الزماني، تمهيدا لمسار هادئ نحو التقسيم المكاني، وأخيرا المس بالديمغرافيا بإلغاء إقامة أكثر من أربعين ألف فلسطيني.

ويوضح التقدير أن الضفة الغربية تشكل مسرح الأحداث وانتفاضة القدس، وعليه تسعى مختلف الأطراف لترتيب الحالة السياسية، محذرا هنا من خطر الإرباك الفلسطيني على الانتفاضة في ظل الأداء السياسي للسلطة والفصائل الحالي.

وهنا يقول مدير مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي علاء الريماوي إن إسرائيل تدرك حجم الضعف الذي عليه الجانب الفلسطيني، من حيث البيئة المحيطة، وبذلك تسعى لاستغلال هذا الواقع في تمرير مخططاتها.

لكن الريماوي يرى رغم ذلك أن الجانب الفلسطيني لا زال يملك جملة من أوراق قوة، هي: المقاومة في غزة، وانتفاضة القدس، والوحدة في مناطق 48، وحالة الوعي المتصاعد داخل هذه الساحة، وتقارب حركة المجتمع هناك مع باقي المناطق الفلسطينية، وضعف البيئة الأمنية المحيطة بالاحتلال.

الحرب على غزة كلفت الاحتلال كثيرا وسيفكر طويلا قبل أن يحاول مرة أخرى (الجزيرة)
الحرب على غزة كلفت الاحتلال كثيرا وسيفكر طويلا قبل أن يحاول مرة أخرى (الجزيرة)

جبهة غزة
ووفق مركز القدس، فإن غزة ستظل هذا العام جبهة ساخنة، ويرى الاحتلال في خضوعها لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) خطرا قابلا للانفجار في كل لحظة، ومن ثم ستسعى إسرائيل بكل قوة لاستبدال البيئة السياسية فيها من غير اللجوء للحرب لارتفاع التكلفة.

وهنا يشير إلى رؤية مصر بوجوب الانتهاء من غزة بنسخة حماس، مقابل موقف رسمي فلسطيني مرتبك تمثله السلطة الفلسطينية.

أما حماس فترى أن غزة "قاعدة وجود واستنزاف في آن واحد"، نظرا لتحول غزة إلى التقاء لمحاور ومصالح مختلفة تتجاوز الكل الفلسطيني.

وخلص المركز إلى أنه لا ضمان لواقع الهدوء الحالي في غزة، مشيرا إلى جملة سيناريوهات في هذا الملف، بينها سحب حكومة غزة حضورها الأمني على الحدود مع مصر وتسليم المعابر للجنة فصائلية، أو خوض حرب مع إسرائيل، مما سيؤدي إلى حالة من الفوضى.

جبهة سيناء
في جبهة سيناء، يوضح التقدير أن إسرائيل حققت نجاحات على صعيد بناء تعاون إستراتيجي مع مصر، وأبعد من ذلك أمل بتوسيع دائرة التأثير المصري في المنطقة لتغيير البيئة الأمنية في غزة ومنع تهريب السلاح، بالإضافة إلى مواصلة الحصار القائم على القطاع.

ورجح المركز استمرار مصر في استخدام سيناء كزاوية من زوايا التحشيد على غزة، وربط وجود تنظيم الدولة الإسلامية فيها بحركة حماس، مشيرا إلى اعتبار النظام المصري الاستمرار في العلاقة مع إسرائيل بوابة استرزاق من أميركا وبعض الدول الأوروبية، مرجحا أن تقود هذه العلاقة إلى توسع شكل التحالف الإسرائيلي المصري إلى علاقة إسرائيل مع العرب.

من جهة ثانية، يشير تقدير مركز القدس إلى أن إسرائيل ترى في الجبهة الشمالية هاجسا أمنيا حقيقيا، لتعدد اللاعبين، وتقدر أن تدهور الأوضاع الأمنية في هذه المنطقة حتمي، خاصة مع حزب الله، ونتيجة لحضور الفصائل السورية المسلحة التي قد تحسم أمرها في مواجهة الاحتلال، وربما -وهذا ما يخيف إسرائيل-  قيام فصائل فلسطينية بالتحرك على هذه الجبهة.

المصدر : الجزيرة