المحكمة العليا بليبيا تلغي البرلمان وتثبّت المؤتمر

Judges of Libya's supreme court discuss the legitimacy of the country's internationally recognised parliament during a hearing on November 6, 2014 in the capital Tripoli. The court invalidated the parliament, news agency LANA reported, setting the stage for more political chaos in the violence-wracked nation. AFP PHOTO / MAHMUD TURKIA
قضاة الدائرة الدستورية في المحكمة العليا الليبية أثناء النظر في الطعن المقدم في شرعية انعقاد مجلس النواب (غيتي/الفرنسية)

نزعت المحكمة العليا في ليبيا اليوم الخميس الشرعية عن مجلس النواب المنعقد بطبرق شرقي البلاد وما انبثق عنه من قرارات ومؤسسات ليستعيد المؤتمر الوطني العام رسميا شرعيته. وخرجت مظاهرات حاشدة ترحيبا بالحكم, في حين قال أعضاء بمجلس النواب الملغى إنهم لا يعترفون به.

وصدر الحكم عن الدائرة الدستورية في المحكمة إثر جلسة بثت على الهواء وعقدت في طرابلس في ظل إجراءات أمن مشددة.

وجاء في الحكم غير القابل للنقض أن القانون المنظم للانتخابات البرلمانية التي تمت في يونيو/حزيران الماضي، والذي أعدته ما تعرف بـ"لجنة فبراير" في المؤتمر الوطني ملغى, وهو ما يعني حل مجلس النواب الحالي، وكل ما ترتب على هذا المجلس من قرارات تشمل تشكيل الحكومة التي يترأسها عبد الله الثني, والإعلان عن انتخابات رئاسية.

ونقل مراسل الجزيرة محمود عبد الواحد عن صالح المخزوم -النائب الثاني لرئيس المؤتمر الوطني- أن المؤتمر استأنف نشاطه, وسيستمر إلى أن يصدر الدستور -المتوقع صدوره في 24 ديسمبر/كانون الأول القادم- وإجراء انتخابات برلمانية جديدة, لكنه أكد في المقابل أن هذا لا يعني عدم تحديد تاريخ لانتهاء ولايته.

وصدر حكم الدائرة الدستورية في الطعن الذي تقدم به محامون ونواب مقاطعون لجلسات مجلس النواب بطبرق بعد يومين فقط من دعوة رئيس حكومة الإنقاذ الوطني المنبثقة عن المؤتمر عمر الحاسي إلى انتخابات برلمانية جديدة لإنهاء الانقسام السياسي في البلاد, والذي تُرجم إلى صراع مسلح في شرقي البلاد وغربيها.

يشار إلى أن مجلس النواب وحكومة الثني كانا معترفا بهما رسميا من الخارج. لكنهما واجها معارضة شديدة من الأطراف الليبية المحسوبة على ثورة 17 فبراير/شباط 2011, والتي كانت ترى في قرارات المجلس -بما فيها دعم ما يسمى "عملية الكرامة" التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر في بنغازي– انقلابا على الثورة.

ومن الناحية القانونية كانت الجهات التي طعنت في شرعية مجلس النواب تتحجج بأن عملية التسليم والاستلام مع المؤتمر الوطني لم تتم وفقا للإعلان الدستوري المعدل.

‪المحامون الذين طعنوا في شرعية مجلس النواب يتبادلون التهنئة خارج المحكمة العليا‬  (غيتي/الفرنسية)
‪المحامون الذين طعنوا في شرعية مجلس النواب يتبادلون التهنئة خارج المحكمة العليا‬  (غيتي/الفرنسية)

ترحيب ورفض
وأفاد مراسل الجزيرة بأن مظاهرات حاشدة خرجت في ميدان الشهداء بطرابلس ترحيبا بقرار المحكمة العليا. كما تظاهر الآلاف في مدن مصراتة والزاوية وغريان وزوارة وفي مدن أخرى بالجبل الغربي (جبل نفوسة) ابتهاجا بالحكم.

وأشار المراسل إلى أن هذه القضية ترتبط مباشرة بتطورات المشهد السياسي والصراع العسكري على الأرض. وفي المقابل أعلن نواب في المجلس المطعون في شرعيتهم أنهم لن يقبلوا حكم الدائرة الدستورية في المحكمة العليا.

وقال النائب عصام الجهاني -في صفحته بموقع فيسبوك- إن الحكم صدر تحت تهديد السلاح حسب رأيه. ويفترض أن يعقد مجلس النواب المحكوم ضده جلسة طارئة اليوم وفقا لمراسل الجزيرة. 

وكانت أولى ردود الفعل صدرت عن صالح المخزوم -النائب الثاني لرئيس المؤتمر الوطني- الذي قال إن الحكم انتصار للوطن وليس لطرف على حساب آخر, مؤكدا أن كل ما صدر من قرارات وإجراءات عن مجلس النواب -الملغى بحكم القانون- "صارت في حكم المعدومة".

وأضاف المخزوم في بيان أن المؤتمر الوطني يتعهد للشعب الليبي والثوار والمرابطين في الجبهات بأنه سيتحمل المسؤولية حتى يصل الجميع إلى حل متفق عليه, مشددا في الأثناء على أنه لا حياد عن المسار الديمقراطي.

من جهته قال الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني عمر حميدان إن المؤتمر هو صاحب القرار والشرعية, مضيفا أنه سيسعى إلى حلول سياسية للوضع الراهن بما فيها دعم حكومة الإنقاذ برئاسة عمر الحاسي.

وفي اتصال مع الجزيرة قال أستاذ العلوم السياسية الليبي عبد الحميد النعمي إن حكم المحكمة العليا يعرّي مجلس النواب المنعقد في طبرق من كل غطاء قانوني, بما في ذلك الاعتراف الدولي به. وأضاف أن الحكم سيضعف موقف الدول الإقليمية الداعمة لمجلس النواب وحكومة الثني المنبثقة عنه.

وكان المجلس والحكومة تعرضا لاتهامات بالخيانة من قبل القوى الداعمة لثورة فبراير لدعوته للتدخل الأجنبي في ليبيا, وأشارت تلك القوى إلى دعم عسكري مباشر من مصر والإمارات لحكومة الثني.

يشار إلى أن المؤتمر الوطني العام قرر نهاية أغسطس/آب الماضي استئناف جلساته, وبرر قراره بعدم احترام مجلس النواب الإعلان الدستوري. وفي سبتمبر/أيلول الماضي أقال المؤتمر حكومة تسيير الأعمال برئاسة عبد الله الثني، وصادق على حكومة "إنقاذ" برئاسة عمر الحاسي.

من جهته أعاد مجلس النواب الشهر الماضي أيضا تكليف الثني بتشكيل حكومة جديدة, وقد أقر لاحقا تشكيلة الحكومة التي تجتمع في أقصى شرقي ليبيا.

المصدر : الجزيرة + وكالات